مغامرة الناتو خرجت عن الحدود المسموح بها

وجد الناتو أنه أضحى قاب قوسين أو أدنى من الحرب العالمية الثالثة، وأن مغامرة الناتو خرجت عن الحدود المسموح بها في هذه الحرب الروسية الأوكرانية، ولذلك وجدوا أنه يجب تغيير اللغة التي يتعاملون بها مع روسيا حتى لو أثار ذلك حفيظة الولايات المتحدة.

الناتو على حافة الهاوية، ومظاهرات في ألمانيا ضد دعم أوكرانيا

الناتو يقف على أعتاب تغيير شامل:

حيث صرحت Politico أنه بعد عام من القتال الدامي في أوكرانيا وعلى حدود الناتو، أصبح الناتو يقف على أعتاب تغيير شامل، حيث كشف اجتماع الناتو في بلجيكا عن خطة طموحة بإعادة الهيكلة وإعادة الانتشار، حيث أنهم يرون كقادة عسكريين بالناتو أنهم لم يعد الناتو يواجه مجرد تهديدات وإنما حرب شاملة، وأن الناتو بحاجة مُلِّحة في تسريع عملية الإنتاج من السلاح، وأن نقوم بشراكة جامعة مع جميع شركات السلاح في أوروبا، وربط هذه الشركات في سلاسل إنتاج مكملة لبعضها البعض، مع تزويد الإنفاق الحكومي، مع قدرة في حشد 300 ألف جندي من دول الناتو شهريًا، أي في خلال عام يمكن أن تكون قد تمت التعبئة العامة، مع خطة انتشار ضخمة ولوجستيات ضخمة على حدود روسيا، حيث أن الناتو أمام خيارين:

الخيار الأول: هزيمة روسيا في أوكرانيا:

وهنا سوف تصبح روسيا متوحشة في حالة هزيمتها أمام أوكرانيا، حيث سوف تتقهقر وتعيد تنظيم قواتها وتقوم بالتعبئة العامة، وحينها سوف يكون هناك هجوم مضاد على جميع دول الناتو.

الخيار الثاني: فوز روسيا في حربها في مواجهة أوكرانيا:

في هذه الحالة أيضًا سوف تطمع روسيا في مزيد من المكاسب، ولها دوافع عديدة تدفعها لهذا الأمر منها إعادة بناء الاتحاد السوفييتي.

ولعل ما يثير التساؤل لماذا Politico ترى في عنوان مقالتها أن الناتو على حافة الهاوية، رغم هذه الخطة الطموحة الذي أعدها الناتو لتقوية التسليح والتعبئة والانتشار، وإجابة هذا السؤال يكمن في أن هذه الخطة يتم التحرك ضدها خلف كواليس الناتو.

فرغم وضع جدول زمني تم إعداده للتعبئة العامة للناتو وتجهيز لحرب عالمية ثالثة محتملة، إلا أن هناك تحرك سياسي غريب، حيث أن ما اعتدنا عليه أن أي محادثات مع روسيا سعيًا للتهدئة تقوده ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، إلا أن إيطاليا قد تغيبت عن هذا المشهد وكانت بريطانيا في الواجهة، وبخبر وول ستريت جورنال بعنوان: الناتو يطرح خطة مفاوضات أوكرانيا، والذي علقت عليه RT الروسية، بتكتل من ألمانيا وفرنسا وإنجلترا للضغط على زيلينسكي من أجل بدء المفاوضات مع روسيا مع إعطاءه ضمانات أمنية له، منها منح أسلحة وذلك من خلال التوصيات في اجتماع الناتو القادم في لتوانيا.

ألمانيا تعاني من أزمة حقيقية في الطاقة:

فإن ألمانيا كعضو في هذا التكتل تعاني من أزمة حقيقية في الطاقة وتشتري الغاز الطبيعي من النرويج بأسعار عالية مضطرة وخصوصاً بعد ضرب خط ستريم1 الروسي، وفي ذات الوقت تستعمل كميات كبيرة من الفحم الملوث للبيئة، والغريب أن هذا الاستيراد للفحم من روسيا بواقع 30% من احتياجات ألمانيا، وهذا ما صرحت به RT الروسية بمقال بعنوان: تظل روسيا أكبر مورد للفحم لألمانيا، علماً بأن الولايات المتحدة تورد من الفحم إلى ألمانيا حوالي 9.5 مليون طن في حين روسيا تقوم بتوريد حوالي 44.5 مليون طن من الفحم، مما يشكل فجوة كبيرة بين حجمي التوريد، وثالث دولة تقوم بتوريد الفحم إلى ألمانيا هي كولومبيا ثم الرابعة جنوب أفريقيا، ومن صالح ألمانيا بالطبع حلحلة الأزمة الروسية الأوكرانية، كونها تعاني أزمة طاقة.

مظاهرات في ألمانيا ضد دعم أوكرانيا:

 هذا وسط تحركات شعبية داخل ألمانيا رصدتها رويترز بعنوان: احتجاج برلين على تسليح أوكرانيا ضد روسيا يجتذب الآلاف، حيث لم تكن تلك المظاهرات خاصة باليمين المتطرف، ولكن لمواطنين عاديين، مما أثار قلق الحكومة الألمانية، ليس فقط بسبب المظاهرات ولكن لوجود ميل نحو روسيا بطلب المتظاهرين بوقف الدعم عن أوكرانيا والدفع نحو تأييد روسيا في حربها على أوكرانيا، مما اضطر الجهات الأمنية الألمانية التفاوض مع المتظاهرين بطلب عدم رفع الأعلام الروسية وعدم غناء الأناشيد الروسية، والاكتفاء بطلب وقف الدعم لأوكرانيا والدفع إلى السلام، وهو ما وافق عليه المتظاهرين الألمان.

بريطانيا زعيمة التصعيد تتجه للتهدئة:

ولكن الصدمة هي بريطانيا زعيمة التصعيد أن تشترك في الضغط على زيلينيسكي لقبول التفاوض، وهذا بالطبع يُنبأ عن وجود قناعة لدى الناتو بعدم جدوى التصعيد مع روسيا، ويواجه كل مخططات الناتو المزمع تفعيلها في اجتماع الناتو القادم في لتوانيا لزيادة التعبئة العامة للأسلحة والأفراد والانتشار.

موقف أمريكا ما زال كما هو يتجه نحو التصعيد:

وهذا في ظل موقف أمريكا الذي ما زال يتجه نحو التصعيد كموقف معلن، وأن الفكرة الأمريكية منحصرة في نطاق أن بوتين حالياً في حالة ضعف إذا تجاوزها سوف يصبح أقوى، حيث أن الصين تدخل بكل ثقلها دعماً في روسيا، حيث تدرس الصين إرسال طائرات بدون طيار وذخيرة أيضًا لروسيا في حربها مع أوكرانيا، وهذا ما صرحت به politico، في وسط محاولة المسئولين الأمريكيين ردع بكين عن اتخاذ هذه الخطوة.

وقد تكشف الأيام القادمة عن مزيد من خطط الناتو نحو إجبار زيلينسكي على التفاوض والذي يرفضه حتى الآن، هذا وفي المقابل لا يوجد مؤشرات واضحة من الروس على استعدادهم في الوقت الحالي لقبول البدء في التفاوض، وخصوصاً أن الأهداف الاستراتيجية من الحرب لم تتحقق بالكامل بعد، مما يشكل صعوبة في إقرار الأمر الواقع، مما يستبعد وجود استعداد حقيقي لدى لروسيا نحو التفاوض على الأقل في الوقت الحالي.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد