محكمة العدل الدولية: نظامها وتبعيتها وأحكامها وإلزاميتها

محكمة العدل الدولية هي إحدى أجهزة منظمة الأمم المتحدة، وتشكلت بموجب الفصل ال15 من ميثاق الأمم المتحدة، وتُعد المحكمة هي الجهاز القضائي في منظمة الأمم المتحدة، والنظام الأساسي للمحكمة جزء من ميثاق الأمم المتحدة.

ومحكمة العدل الدولية تختص بمحاكمة الدول لا الأفراد، وتركز على واجبات ومسئوليات الدول أمام القانون الدولي، بخلاف المحكمة الجنائية الدولية، التي تختص بمحاكمة الأفراد على الجرائم التي قد يرتكبوها بموجب القانون الدولي.

وبرغم أن محكمة العدل الدولية منشأة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن صلاحياتها ليست إلزامية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، التي تظل حرة في قبول الإمتثال لإختصاص محكمة العدل الدولية، على أساس دائم أو على أساس غرض مخصص.

والمحكمة لا تقبل إقامة الدعاوى أمامها إلا من الدول، لا الأفراد، على أن إختصاص المحكمة ينطبق على النزاعات التي تشمل عنصرًا قانونيًا، كتفسير أحد مواد القانون الدولي، أو تفسير أي معاهدة دولية، أو أي تصرف من إحدى الدول يشكل إخلالًا من تلك الدولة بالقانون الدولي (م:6 من النظام الأساسي للمحكمة)

وتمارس المحكمة إختصاصها في الدعاوى المرفوعة أمامها، وفق مباديء القانون الدولي، أو الإتفاقيات الدولية، ويجوز للمحكمة (بإتفاق أطراف الدعوى) أن تطبق في أحكامها قواعد الإنصاف (م:38 من النظام الأساسي للمحكمة) ويُعد حكمها في هذه الحالة أقرب إلى التحكيم، منه إلى الحكم القضائي.

وفكرة الإنصاف تعني: إعمال قواعد “عدلية” غير منصوص عليها في القوانين الوضعية، ويُلجأ إلى تلك القواعد العدلية عندما تعجز القوانين الوضعية عن إيفاء ذي الحق حقه، رغم وضوح ذلك الحق، وإقتناع المحكمة به.

وفي حالة صدور حكم من المحكمة، يكون للدولة المتضررة من الحكم طلب إستئنافه (م:60 من النظام الأساسي للمحكمة) كما يكون للدولة المتضررة أن تطالب مجلس الأمن الدولي، بإتخاذ تدابير خاصة لإنفاذ الحكم الصادر من المحكمة (م:94 ـ ب:2 من ميثاق الأمم المتحدة)

ولأحكام وقرارات المحكمة أن تحدد القانون الواجب تطبيقه في موضوع الدعوى، وأن تحدد ما إذا كانت الدولة المشكو في حقها مسئولة عن أي فعل ينتهك إلتزاماتها الدولية، وكذلك العاملين المنسوبين لتلك الدولة، او مَن كان يتصرف بالنيابة عنها أو كان تحت سيطرتها، وهذا كله مما يستوجب الحكم بالتعويض على تلك الدولة.

كما يجوز للمحكمة أن تقدم لأي منظمة دولية، أي إستشارات قانونية تطلبها تلك المنظمة (م:65 من النظام الأساسي للمحكمة) ولا تحوز هذه الإستشارات حجية قانونية ملزِمة، ولكنها تساهم في تفسير مواد القانون الدولي، وتدعم الجهود الدبلوماسية في التفاوض، وهي الدبلوماسية الوقائية التي يروّج لها ميثاق الأمم المتحدة في حل النزاعات بين الدول (م: 36 ـ 41 من ميثاق الأمم المتحدة)

تشكيل هيئة محكمة العدل الدولية

تتشكل هيئة محكمة العدل الدولية من 15 قاضيًا، يجري إنتخابهم من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ومدة ولايتهم 9 سنوات (م:3 من النظام الأساسي للمحكمة) ويجري إختيار القضاة، بحيث يتم تمثيل عادل للأنظمة القانونية الرئيسية في العالم (م:22 من النظام الأساسي للمحكمة)

ويُقصد بالأنظمة القانونية الرئيسية في العالم، كلًا من:

النظام القانوني الأنجلوسكسوني (المطبق في بريطانيا والولايات المتحدة)

والنظام القانوني الفرانكوفوني (المطبق في فرنسا ومعظم مستعمراتها السابقة)

ومقر المحكمة في مدينة لاهاي بهولندا.

إختصاص وصلاحيات محكمة العدل الدولية

كل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة هم أعضاء في النظام الأساسي للمحكمة (م:93 ـ ب:1 من ميثاق الأمم المتحدة) ولكن القبول بإختصاص المحكمة: إختياري بين الدول الأعضاء، ويمكن لأي دولة أن تقبل إختصاص المحكمة بإحدى الطرق الآتية:

  • أن يكون أطراف الدعوى المقامة أمام المحكمة، قد أعلنوا في وقت سابق إلتزامهم بإختصاص محكمة العدل الدولية ونظامها الأساسي.
  • أن تتفق الدول المعنية بنزاعٍ ما، على رفع هذا النزاع بالتحديد إلى المحكمة (م:36 ـ ب:1 من النظام الأساسي للمحكمة)
  • الدول الأطراف في معاهدات أو إتفاقيات دولية، منصوص فيها على إختصاص محكمة العدل الدولية بحل ما ينشأ بينهم من نزاعات، أثناء أو بسبب تنفيذ تلك الإتفاقيات.

 الإحالات إلى المحكمة والإستشارات القانونية

يمكن لمجلس الأمن الدولي، إحالة أي نزاع يكون المجلس مشاركًا في تسويته سلميًا، ويكون طبيعة ذلك النزاع قانونية (م:33 ـ م:36 من ميثاق الأمم المتحدة)

كما يمكن لمجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو أيٍ من أجهزة الأمم المتحدة، أن تطلب إستشارة قانونية من محكمة العدل الدولية (م:96 من الميثاق+م:65 من النظام الأساسي للمحكمة)

إتخاذ المحكمة لتدابير إحترازية أو مؤقتة

يجوز للمحكمة إذا إرتأت أن الوقت الذي تستغرقه إجراءات الدعوى، قد يؤثر على طبيعة النزاع موضوع الدعوى، أن تتخذ قرارًا بفرض تدابير إحترازية تجاه أيٍ من أطراف الدعوى.

الحكم بالتعويض

للمحكمة أن تحكم على أحد أطراف الدعوى، حال ثبوت إنتهاكه إلتزامًا دوليًا، بشأن طبيعة وحجم التعويض عن الضرر الذي نتج عن فعلها المخالف (م:36 من النظام الأساسي للمحكمة)

فهل تحقق محكمةُ العدل الدولية، العدلَ الذي تأمله الأمم؟


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد