ما هو عصر النهضة

عصر النهضة هو حركة ثقافية بدأت من منتصف القرن الثالث عشر وإستمرت إلى القرن السابع عشر، ويُمكننا وصف هذا العصر على أنه الجسر الفاصل بين العصور الوسطى والتاريخ الحديث، حيث ترتبط بداية ذلك العصر إرتباطًا وثيقًا بإيطاليا، وقد إمتدت بعد إيطاليا إلى الدول الأوروبية البارزة مثل ألمانيا وفرنسا وإنجلترا.

عصر النهضة

تاريخ عصر النهضة

تعود كلمة النهضة إلى اللغة الفرنسية التي تعني “الولادة الجديدة”، وقد كان المقصد الرئيسي لهذه الكلمة هو الإشارة إلى الإهتمام المتزايد بالتعلُّم الذي لم يكن موجودًا في العصور الوسطى، حيث إعتبر المفكرين أن العصور الوسطى كانت صحراء جرداء للثقافة، وقد سعى هؤلاء المفكرين إلى تنشيط مفهوم الثقافة من خلال إعادة التأكيد على النصوص والفلسفات الكلاسيكية، كما قام المفكرين بتوسيع وإعادة تفسيراتهم، وذلك لخلق الأسلوب الخاص بهم من الفن والبحث الفلسفي والعلمي.

هناك بعض المجالات التي شهدت تطورًا كبيرًا خلال عصر النهضة، ومن هذه المجالات هي الفلسفة الإنسانية، والفلك، والمطابع، واللغة العامية، واللوحات الفنية، والنحت، وإستكشاف العالم، وأعمال شكسبير في السنوات اللاحقة من هذه الفترة، ومع ذلك فقد إختفت النصوص الكلاسيكية خلال العصور الوسطى، وذلك لأن المعرفة لم تختلف مطلقًا في أوروبا، حيث كان هناك ثلاثة نقاط محورية لعصر النهضة في إيطاليا، ومنها ما يلي:

  • عصر النهضة الكارولنجية: وهي التي حدثت في عهد أول إمبراطور للإمبراطورية الرومانية المقدسة وهو شارلمان.
  • عصر النهضة العثمانية: وهو الذي حدث في عهد الإمبراطور العثماني أوتو الأول والثاني والثالث.
  • النهضة في القرن الثاني عشر: وقد أعطت هذه النهضة دورًا محوريًا في نشر النهضة الرئيسية، حيث تم إحياء النصوص اللاتينية الكلاسيكية والعلوم اليونانية على نطاق واسع خلال تلك الفترة، كما تم إنشاء الإصدارات الأولى من الجامعات خلال ذلك الوقت.

بين النهضة والحروب

لعبت الحروب الصليبية دورًا كبيرًا في الدخول إلى عصر النهضة، حيث كان الصليبيون الأوروبيون حينها على إتصال بالثقافات الشرق أوسطية التي قطعت خطوات كبيرة في العديد من المجالات للتقدم، وقد إحتفظت الدول الإسلامية على وجه التحديد بسجلات النصوص اليونانية والرومانية الكلاسيكية التي تمت إعادة تقديمها للصليبيين.

لعب سقوط الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الرومانية على أيدي الإمبراطورية العثمانية دورًا كبيرً أيضًا في عصر النهضة، وقد أدى ذلك إلى فرار العديد من العلماء مع نصوصهم إلى أوروبا في عام 1453، حيث كان التمهيد لعصر النهضة في النهاية على أيدي الموت الأسود (الطاعون)، وقد أدى ذلك إلى موت العديد من المسؤولين والأشخاص المهمين في المشهد السياسي في فلورنسا التي تُعتبر مهد النهضة.

إنتقلت العائلات الغنية خلال عصر النهضة إلى فلورنسا في أعقاب الطاعون، وقد إستغلت الكثير من العائلات هذه الفرص لزيادة الحراك الإجتماعي، حيث كانت فكرة رعاية الفنانيين وسيلة شائعة لهم لكي يُظهِروا ثروتهم، وقد جادل بعض المؤرخين أن الطاعون قد دفع الكثير من الناس إلى التشكيك في تأكيد الكنيسة على الحياة الآخرة والتركيز على اللحظة الراهنة لهذه الحياة، وكانت تلك اللحظة الراهنة هي إحدى عناصر الفلسفة الإنسانية التي ظهرت خلال عصر النهضة.

الطباعة والفن في عصر النهضة

أعظم ما خرج من خلال عصر النهضة هو المطابع، وذلك لأنها أدت إلى الطلب على إستنساخ النصوص وتجديد الإنتعاش في تعلُّم هذا الإكتشاف المحوري في تاريخ البشرية، وغالبًا ما يُعتبر إكتشاف الطباعة أنه هو من قادنا إلى العصر الحديث، حيث إبتكر:يوهانس غوتنبرغ” المطبعة في عام 1440، وذلك ما سمح له بطباعة الكميات الكبيرة من الكتب المقدسة والكتب العلمانية والكتب الموسيقية وأكثر من ذلك بكثير.

تأثر عصر النهضة بالفن الكلاسيكي، وذلك ما جعل الفنانين يحولّوا لوحاتهم إلى منحوتات يونانية ورومانية للإلهام، حيث ركّز كل الفنانين الكلاسيكيين على جمال الطبيعية للبشر وتطوير الحياة، وقد ساعد العديد من رعاة الفنانين في إستكشافهم وتطوير تقنياتهم الجديدة، وذلك ما أدى إلى تطور ملحوظ من خلال الفن.

تم تنفيذ فرقة كاملة لتكون بمثابة لجنات للوحات من قِبل الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى، وبينما كانت الكنيسة هي المستفيد الرئيسي من الفن، فقد تقدَّم العديد من الرعاة أيضًا في المساعدة على تمويل أولئك الفنانين، حيث كانت فلورنسا مركزًا رئيسيًا للفنون في عصر النهضة، ولكن روما قد تجاوزتها بحلول نهاية القرن الخامس عشر، وقد شغل البابا ليو العاشر المدينة للطموح بالمباني الدينية والفن من عام 1490 وحتى عام 1520، والتي تُعرف بإسم النهضة العليا.

الموسيقى والعلوم في عصر النهضة

شهدت الموسيقى تغييرات مهمة في عصر النهضة، وتم إجراء العديد من الإبتكارات الهامة عليها لأن هناك العديد من المستفيدين مثل الكنيسة الكاثوليكية والأفراد منها، حيث تم تطوير العديد من الأدوات مثل القيثارة والكمان، والتي كان لها دور مشترك مع المطابع لنشر الموسيقة الورقية على نطاق واسع، وقد تميزت السمات الإنسانية في ذلك الوقت بالموسيقى، وبدأ الملحنون في الأطروحات الكلاسيكية التي كانوا يهدفون من خلالها إلى إنشاء الموسيقى التي من شأنها أن تمس المستمعين على المستوى العاطفي.

بدأ الملحنين في دمج كلمات الأغاني مع الموسيقى بشكل أفضل، وذلك من خلال التركيب الذي إعتبروه يرتبط إرتباطًا وثيقًا مع بعضه، وعندما بدأ الباحثون في الغوص في الأدب والنصوص الكلاسيكية، فقد تمكنوا من تبنِّي الإعتقاد اليوناني الذي يقول أن الخلق تم إنشاؤه حول القوانين المثالية والمنطق، وكانت الدراسة المكثفة هذه حول التركيز على أحد أهم الإكتشافات العلمية في ذلك العصر، ومنها علم الفلك، والتشريح، والطب، والجغرافيا، والكيمياء، والرياضيات.

إضطهدت الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت العالم البارز “غاليليو غاليلي” الذي كان شخصًا مهمًا في عصر النهضة، وذلك لأنه قام بتحسين التلسكوب وإكتشف الأجرام السماوية، بالإضافة إلى ذلك فقد حصل على الدعم لمفهوم النظام الشمسي، وقد أجرى غاليلي تجارب الحركة على البندولات والأجسام الساقطة التي مهدت الطريق لإكتشافات نيوتن حول الجاذبية.

أرغمت الكنيسة الكاثوليكية غاليلي على قضاء السنوات الأخيرة من حياته رهن الإقامة الجبرية بسبب مزاعمه الهرطية، ولكن التاريخ قد رآه في نهاية المطاف كبطل ساحر في المنطق والعلوم، حيث يمكن أن نقول أن عصر النهضة كان وقتًا للإنتقال من العالم القديم إلى العالم الحديث، وهو الذي قدَّم حجرًا قبل بداية عصر التنوير!

المصادر

  1. عصر النهظة – إطّلع عليه بتاريخ 11/11/2021.
  2. فلسفة النهضة – إطّلع عليه بتاريخ 11/11/2021.
  3. الخصائص العامة للنهضة – إطّلع عليه بتاريخ 11/11/2021.

قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد