ما هو السِّر وراء عدم ذكر البسملة في سورة التوبة؟

في بدايه الأمر يجب أن نعرف هل سورة التوبه مكيةٌ أم مدنية، لقد قال علماء ُ التفسير بأن سورة التوبة مدنية ما عدا الآيتين 128 و129 فهما مكيتان، وسورة التوبة هي السورة الوحيدة التي لا تبدأ بالبسملة، ولقد عدَّها بعضُ علماءِ التفسير بأنها وسورة الانفال سورةٌ واحدة، وترتيبها في المصحف الشريف 9، ولقد بدأت هذه السورة بقوله تعالى: “بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ” [التوبة: 1].

الآراء الواردة في عدم ذكر البسملة

لقد اختلفت آراء المفسرين في تفسير عدم ذكر البسملة في بداية سورة التوبة فقالوا:-

  1. فقيل؛ لأن “براءة” سخط والبسملة رحمه، فالله لا يجمع بين سخطه ورحمته في موضوع واحد.
  2. وقيل لأن “براءة” رفعت الأمان عن المشركين والبسمله أمان عند العرب.
  3. وقيل أنها افتتحت بذكر الكفار فلم تذكر البسمله لكن هذا القول بعيد لأن كثيراً من سور القرآن افتتحت بذكر الكفار مثل قوله تعالى في بدايه سوره محمد”الذين كفروا”.

آراء المفسرين في هذا الشأن

ابن كثير:

قال: وانما لا يبسمل في أولها لأن الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف، والاقتداء في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان – رضي الله عنه وأرضاه  “تفسير القرآن العظيم لابن كثير”.

الجلالين:

قالوا: وَلَمْ تُكْتَب فِيهَا الْبَسْمَلَة لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُر بِذَلِكَ. “تفسير الجلالين”

القرطبي:-

قال: أنه كان من شأن العرب في الجاهلية، إذا كان بينهم وبين قوم عهد فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابا ولم يكتبوا فيه بسملة؛ فلما نزلت سورة ( براءة ) بنقض العهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقرأها عليهم في الموسم، ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادتهم في نقض العهد من ترك البسملة،  “الجامع لأحكام القرآن”.

الأحاديث الوارده في سورة التوبة

  • عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ التَّوْبَةِ ؟ قَالَ: التَّوْبَةُ هِيَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَمْ تُبْقِ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا. صحيح البخاري: 4645، صحيح مسلم: 3031.
  • عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ آخِرَ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ تَامَّةً سُورَةُ التَّوْبَةِ، وَأَنَّ آخِرَ آيَةٍ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْكَلَالَةِ. صحيح البخاري: 4364.

أسماء السورة الكريمة:-

بسبب أنها بدأت بقوله “براءة” سميت براءة، وأيضاً سميت “التوبة”؛ لأن الله تعالى قد تاب على الثلاثة الذين خلفوا؛ وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أميه، قال تعالى: “وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” [التوبة: 118].



عن الكاتب:
اترك رد