تاريخنا الإنساني مليء بالشخصيات والأحداث التي اكتسبت أسماءً تاريخية مميزة واحدة من هذه الشخصيات هي النجاشي، الذي يعد شخصية مهمة في التاريخ الأفريقي والذي أثرى الثقافة والتراث الإثيوبي، وأما عن سبب تسميته بالنجاشي فقد ورد أنّ النجاشي اسمه أصحمة، وهو ملك الحبشة العادل الذي تمتع بالحكمة والفضل، وفي الوقت الذي تعرض فيه المسلمون لتعذيب شديد واستضعاف من قومهم في مكة، لم يجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أحدًا أكثر استحقاقًا لاستضافتهم وإيوائهم من النجاشي، فدعا النبي المسلمين الذين تعرضوا للاضطهاد الشديد والاستبداد أن يهاجروا إلى بلاد النجاشي، حيث يمكنهم أن يطلبوا الأمن والسلام والرفقة بعد ما عانوه من قسوة أهلهم في مكة.
لماذا سمي النجاشي بهذا الاسم؟
موقف كفار قريش مع النجاشيّ
عندما علِم كفار قريش بهجرة بعض المسلمين إلى الحبشة، لم يرحبوا بهم في مكة وقرروا إرسال ممثلين منهم، مثل عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، وأرسلوا معهم هدايا كثيرة في محاولة لإقناع النجاشي بتسليم المسلمين الذين طلبوا اللجوء، ومع ذلك رفض النجاشي بقوة جميع طلبات الكفار، بسبب عدالته وحبه للعيش السلمي في بلاده، وقد أمنهم وحماهم أثناء إقامتهم في الحبشة.
إسلام النجاشي
لم يكتفِ النجاشي بحماية المسلمين في بلاده فحسب، بل تبنّى الإسلام بقلبه وانفتح على الفكرة التي جلبها المسلمون وعرضوها عليه، أسلم وأخفى إسلامه في نفسه، وأرسل رسالة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخبره بإسلامه، لكنها غرقت في البحر ولم تصل إلى رسول الله -عليه السلام- واستقبل حباً واحتراماً كبيراً من المسلمين في بلاده، حتى أنهم قاتلوا معه في معركة ضد أعدائه، وفي هذه المعركة قاتل الزبير بن العوام بشجاعة في النيل، راجعًا ببشرى انتصار النجاشي.
توفي النجاشي وهو مسلم مؤمن، وأحزن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سمع بوفاته، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: “عندما توفي النجاشي، كنا نتحدث بأنه لا يزال نوراً يظهر على قبره”.
