هل سيشهد العالم الشتاء النووي أم أن لغة العقل ستكون سيد الموقف

حين نتناول قضية الصراع العالمي من الجانب الإنساني نجد أنه من المؤسف أن نرى التهديدات المتعاقبة باستخدام الأسلحة التى من شأنها الفتك بالبشرية، وإبادة كافة أشكال الحياة على الأرض إذ ليس من المنطقي أن يدفع العالم بأسره فاتورة باهظة الثمن جراء نزاع نشب بين طرفين أو عدة أطراف فهذا بمثابة درب من الجنون البشري، ورغم ذلك يأمل العقلاء في العالم أن ينتهي هذا الصراع لأن إستمراره يعني الإقتراب من الكابوس الأعظم في تاريخ البشرية، وان لم يكن هنالك ثمة طريقة لإنهاء هذا الصراع فعلى الأقل نأمل أن يكون صراع شريف يخلوا من التراشق بتهديدات التصعيد النووي، ولكن ماذا يحدث إذا غابت لغة العقل عن الأطراف المتصارعة؟ للأسف الشديد وقتها لم يتم إطلاق الأسلحة المدمرة بالقدر الذي يتناسب مع ساحة المعركة فالذى سيحدث وقتها هو قيام كل دولة من دول الصراع بالقاء كل ما لديها من مخزون لتلك الأسلحة فالكل يعلم أنه هالك لا محال لذا فالكل يحرص على أن لا يبقي أحداً بعده، وهذا السيناريوا للأسف سوف يجعل من الكوكب كله ساحة للمعركة التى لا تستمر أكثر من عشرين دقيقة، مخلفة وراءها حالة من السكون التام لحركة الحياة على الأرض تستمر لعدة شهور بعدها تبدأ حركة الحياة في رحلة تجميع بقايا البشر الناجون، ولكن هل سينتهي كابوس الناجين عند هذا الحد أم أنهم سيواجهون ما هو أشد فتكا مما حدث؟. بالطبع ستقودهم تداعيات الدمار إلى ما هو أعظم كالشتاء النووي. نعم سوف يواجه الناجون موجة من الشتاء النووي، وهذا الشتاء يحدث إثر تكون سحابة سوداء جراء الانفجارات النووية الكثيفة، وهذه السحابة تكاد تغطى الكوكب بأكمله بسمك عدة كيلومترات مما يحجب ضوء وحرارة الشمس، وينتج عن ذلك ظلام دامس يدوم عدة شهور بشكل متصل مصطحباً معه انخفاضاً حاداً لدرجات الحرارة قد يصل إلى خمسين درجة مئوية تحت الصفر مما يؤدي إلى تقلص وربما انعدام فرص النجاة للباقين على قيد الحياة عقب الدمار الذي حل بالأرض، وتلك الحالة من المناخ الاستثنائي ربما تكون أشد فتكاً بالحياة من الإشعاعات الذرية المتولدة من الانفجار إذ يمكن تفادي تلك الإشعاعات عن طريق النزول إلى المنخفضات سواء أكانت أماكن مجهزة لمثل تلك الأحداث أو غيرها. أما تلك الموجة القارصة من الشتاء النووي لا يمكن تفاديها أو التعايش معها طوال مدة بقائها. أما أسلحة القضاء على التكنولوجيا وهدم الحضارة التكنولوجية الحديثة فهذه رغم قسوتها إلا أنها أقل قسوة من السيناريوا السابق لأن أضرارها تتمثل في العودة بالبشر عدة قرون إلى الخلف مع الإبقاء على العنصر البشري، وتكمن خطورتها في كم التحديات والعراقيل التي تضعها أمام البشر بسبب العوده بهم إلى القرون السابقة، وهنا يطرأ سؤال، وهو أن أهل تلك القرون السابقة كانوا يعيشون حياة طبيعية ولم يواجهوا سوى الأزمات التقليدية الطبيعية فما الضرر في أن نعود إلى تلك العصور السابقة؟ الجواب هو أننا لن نعود بمعطيات تلك العصور وإنما سنعود بمعطيات جديدة تتمثل في الكثافة البشرية الهائلة مع شح شديد في الموارد الغذائية والطبيعية بالدرجة التى تؤدى إلى حصد أرواح ملايين بل وربما مليارات من البشر، ولكن هذا النوع من الأسلحة وأن كانت تداعياتها خطيرة إلا أن إبقائها على العنصر البشري في حد ذاته أمر جيد رغم أنها تصدر له كم هائل من الأزمات ولكن وجود العنصر البشري يعتبر نقطة بداية للتفكير في تجاوز تلك الأزمات، وفي النهاية نتساءل هل الفكر البشري أعقل من أن يصدر للعالم مثل تلك السيناريوهات المفزعة أم أن نزعة الإندفاع والتهور البشرية ستقودنا إلى هذا؟


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

3 تعليقات
  1. ا.د.عبدالرحيم سعد الدين الهلالي يقول

    يا استاذ عصام تكتب محتوي متميز وعميق ومفيد لكن….بلاش ….” درب من الجنون البشري…” فالمعني الذي تقصده ضرب من الجنون .ومعناها نوع ..”اما درب فمعهناها طريق

  2. عبدو يقول

    يجب علي النووي التريس

  3. عبدو يقول

    ربنا قادر ومريد