مُدافعاُ عن الإسلام والمسلمين:- كاتب بريطاني يناشد الغرب في إعادة النظر في علاقاته بالإسلام

ناشد الصحفي والسياسي البريطاني “كريس مولين”، اليوم الأحد 12/06/2022 الغرب إلى إعادة النظر في علاقاته بالإسلام، وألتخلّي عن نظرية المفكر السياسي الأمريكي الراحل “صموئيل هنتنغتون” المتعلقة بكتابه “صِدام الحضارات”.

وذكر “مولين”، في مقالة نشرها عبر موقع “ميدل إيست آي”، عن أبرز ما جاء في الكتاب الجديد للصحفي البريطاني “بيتر أوبورن”. وذكر مايلي:- “إنّ التحليل الغربي المعاصر للإسلام تكتنفه أخطاء فكريّة وأخلاقيّة. حيث يتمثّل الخلل الفكري في النظر إلى الإسلام من خلال الحرب الباردة”.

وقال ايضاً:- “أما الخلل الأخلاقي، فيتمثل في إفتراض أنّ الغرب يخوضُ صراعاً وجودياً مع الإسلام (أو الإسلاموية)، كما كان حاله من قبل مع الاتحاد السوفياتي”.

وختمَ “أوبورن” في كتابه إلى أنه لا يوجد سبب جوهري لكي تكون الأديان الثلاثة الكبرى في العالم (اليهودية، والمسيحية، والإسلام)، في حربٍ ضد بعضها البعض. فأتباعها جميعاً يعبدون نفس الإله الذي عبده النبي إبراهيم الذي ورد ذكره في العهد القديم.

نص مقالة”كريس” التي نشرها في موقع ” ميدل إيست آي” كما ترجمها موقع “عربي21”:-

وُلِدَتُ داخل المؤسسة البريطانية الحاكمة، في جزء ثري من المقاطعات الرئيسية، كان والدي ضابطاً في الجيش، وكان جدي من أبطال الحرب. تلقيتُ تعليماً خاصاً في واحدة من أفضل مدارسنا ثم في “كرايست كوليج” بجامعة كامبريدج، سلكتُ مساراً متوقعاً في الفترة المبكرة من احترافي للكتابة، حيث عملن مراسلاً سياسياً في معاقل حزب المحافظين مثل صحيفة “ذي ديلي ميل”، وصحيفة “ذي تيليغراف”، ومجلة “ذي سبيكتاتور”.

إلا أني بدأتُ في مرحلةٍ ما أثناء مسيرتي أُلاحظ أنّ العالم في واقع الأمر ليس كما كان قد تربيتُ على الاعتقاد به، وبناء عليه بدأتُ آأخذ منحى مختلفاً.

رغم أنني لا أنحدر من نفس الخلفية كتلك التي ينحدر منها أوبورن، إلا أنني أنا أيضاً ولدت لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة في المقاطعات الرئيسية وتلقيت مثله تعليماً خاصاً. ولكني سلكت طريقي إلى دمشق (لربما كان ذلك هو المصطلح الأنسب إذا ما أخذنا بالاعتبار الموضوع الذي نتحدث عنه ههنا) في وقت أبكر من ذلك.

وحتى في عُُزلة المدرسة الكاثوليكية الداخلية التي تعلمت فيها، حيث لم يكن لدينا سوى صحيفة “ذي تايمز”،  وصحيفة “ذي ديلي تليغراف” مصدراً نعتمِدُ عليه للحصول على معلوماتٍ حول ما يجري في العالم من حولنا، تمكنت من اكتشاف أنّ ثمّة خللاً يعتري الرواية الرسميّة للحرب في فيتنام، وتغيرت نظرتي للأمور منذ تلك اللحظة فصاعداً.

سافرَ “مولون” إلى “دمشق” في وقتٍ لاحقٍ من حياته. فقد أصبح وهو الرجل المُهذّب الذي يمتلكُ إدراكاً عميقاً لما هو صواب وما هو خطأ ويتميّز بذكاءهِ الناقدِ، يجد صعوبة وبشكل متزايد، في تقبُّل ما يتعرض له المسلمون من شيطنّة خاصة بعد هجمات 11/09 في نيويورك عام 2001.

من هو “كريس مولين”؟:-

في عام 2015 استقال “كريس” من منصب كبير المعلقين السياسيين في صحيفة “ذي ديلي تيلغراف” البريطانية. وكانت ثِمار هذا العمل في عالم السياسة وثقّ فيه العلاقات بين “الإسلام والغرب”.
مشتملاً الصراع بين الولايات المتحدة والعالم العربي من جهة للمرة الأولى؛ في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما دعمت بعد اكتشاف احتياطيات النفط الهائلة، والحكام العرب والشاه في إيران. وبسبب دور وكالة المخابرات الأمريكية في الإطاحة بأول حكومة مُنتخبة في إيران وعقود من الدعم غير المشروط لإسرائيل، نتيجة لذلك انتهى بها الأمر إلى أنْ تكون في صِدامٍ تامٍ وقطعّي مع العالم العربي.

أما من جهة أُخرى الصراع البريطاني والفرنسي مع العالم الإسلامي؛ فيعود إلى ما قبل ذلك بكثيرٍ، إلى أيام الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية. في بريطانيا؛ نجم عن حقبة ما بعد الاستعمار هجرة أعدادٌ كبيرةٌ جداً من المسلمين إلى المملكة المتحدة، وعاشوا منذ زمن بعيد في حالةٍ من الانسجامِ النسبي مع السكان. أمّا الفرنسيون فكان لابد أن ينهوا وجودهم من إمبراطورتيهم.

بداية الصراع الغربي الإسلامي:-

تنبأ المفكر السياسي الأمريكي الراحل “صموئيل هنتنغتون” في كتابه “صِدام الحضارات”، منذ وقت طويل بأن الفراغ الذي أحدثه انهيار الاتحاد السوفياتي سوف يملأه صدام الحضارات، وبشكل خاص بين الإسلام والغرب.

وكأنما جاء تنظيم القاعدة واحداث 11/09 تحقيق لتلك النبوءة. إلاّ أنّ “أوبورن” له رأي مختلف تماما فيرى أنّ ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، مضيفا:- “لم تعلن أي من البلدان الخمسين التي تقطنها أغلبيّة مسلمة الحرب على الولايات المتحدة، ولم نشاهد تشكل ائتلاف إسلامي.”

مكملا:- “بل يرى كثير من المحللين في العالم العربي، ممن يُشهد لهم بالمصداقية، بأن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن الظروف التي سمحت للجماعات الإرهابية مثل القاعدة بالازدهار ولتنظيم الدولة بأن يوجد في المقام الأول وذلك حينما احتلت العراق ودمرت مؤسسات الدولة فيه. وهنا كان لهنتنغتون قيمته الكبرى، حيث إن نظريته بأن العالم المتحضر يخوض حرباً ضد “الإسلام الراديكالي” هي التي زودت المجمع العسكري الصناعي الغربي بفكرة العدو العالمي والمنتظم ومتعدد الجنسيات. وذلك هو الذي ساعد في خلق الحروب وفي التحريض على الكراهية داخل الولايات المتحدة وفي أوساط حلفائها في مختلف أرجاء المعمورة.”

وأشار “مولين”إلى أهم الفصول في كتابه كيف أنه بعد هجمات 11/09، داخل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على حد سواء، سارعت مراكز البحث التابعة لليمين المسيحي ولتيار المحافظين الجدد والعاطلين من قدامى الحرب الباردة إلى ربط الإسلام بالتطّرف وإاتهامه به، وكانت عواقب ذلك مأساوية.

مثالاً على ذلك هو المواطن البريطاني من اصول باكستانية “طاهر علم”، وشَغِلَ منصب رئيس لمجلس الإدارة، لعب دوراً رائداً في النهوض بإحدى المدارس الثانوية التي كانت فاشلة في مدينة “بيرمنغهام”. مما جعله عُرضة للتنديد والتشهير بناء على معلومات غير صحيحة صُدرت عن مجهولين يدعون وجود “عملية حصان طروادة”؛ وهي عبارة عن مؤامرة وهمية، لا وجود لها في عالم الواقع، وهي تقوم على إعتقاد قيام مجموعة من المسلمين المتطرفين بالتخطيط “لأسلمة” المدارس المحلية.
لخصّ “اوبورن” في النهاية من كتابه “أنّ الأديان الثلاثة جميعها نشأت في الشرق الأوسط، وأتباعها يقدسون نفس الأماكن التاريخية المقدسة”.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد