من منا لا يطمح للنجاح في حياته وللاستقرار المهني والاجتماعي والنفسي وعموما للاستقرار والسعادة في جميع جوانب الحياة وهذا لن يتحقق إلا بتحقيق الذات وهذا الأخير أولى الخطوات إليه هو اكتشاف الذات.
فما هي أهمية تحقيق الذات؟ كيف نكتشف ذاتنا؟ كيف نحقق ذاتنا؟ وما هي المعوقات التي تواجهنا في رحلة اكتشاف الذات وتحقيقها؟
مفهوم الذات:
تنقسم الذات إلى نوعان:
الذات الحقيقية: وهي الذات المثالية التي يحلم ويرغب الشخص بتكوينها.
الذات الواقعية: وهي الذات التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها باستخدام خبراته وقدراته واستغلال الإمكانيات الذاتية الكامنة.
أهمية تحقيق الذات:
• تحقيق التميز الذي يعتبر مطلبا أساسيا في عالم اليوم وهذا لا يأتي إلا باكتشاف الذات فتميزنا ينبع ويأتي من تميز الذات التي وضعها الله في كل شخص فينا فلم نخلق متشابهين.
• نحمي أنفسنا من استغلال الآخرين لنا واستعمالنا في تحقيق ذاتهم، فنكون ذات تذوب في الآخر وتعمل لصالحه متناسية امكانياتها المتميزة.
• تحقيق الإشباع فإن لم تكتشف ذاتك وتحققها، لن يحقق أي شيء في العالم الإشباع عندك، لما تكتشف ذاتك ستكتشف شغفك وبالتالي فإن كل ما تعمله في إطاره يحسسك بالسعادة وبأنك تبني ذاتك وتكبر وهذا يحفزك على إعطاء أفضل ما عندك.
يصف ماسلو الذين حققوا ذاتهم بأنهم واقعيون، متقبلون لأنفسهم وللآخرين، تلقائيون مركزون على أهدافهم وعلى حل مشاكلهم، مستقلون، ديموقراطيون ويتمتعون بروح الخلق والإبداع.
رحلة تحقيق الذات:
1. اكتشاف الذات:
أول خطوة في تحقيق الذات هو اكتشاف الذات وهي من أصعب المراحل والأرضية الصلبة والمتينة التي تبني عليها اختياراتك الأخرى في رحلة تحقيق الذات وهي عبارة عن رحلة لأنك تكتشف ذاتك على مراحل وعبر رحلة الحياة ولكن هذا لا يمنع من وجود نقطة بداية تنطلق منها وتبدأ بطرح السؤال من أنا؟ وحتى تصل للإجابة على هذا السؤال العميق يجب تتبع الخطوات التالية:
1. الاختلاء بالنفس: البقاء بفردك في مكان هادئ سواء بخروجك بمفردك أو قيادة السيارة ببطيء في مكان غير مزدحم من أجل تحقيق الصفاء الذهني لتفكر بعمق وتغوص في نفسك دون معرقلات.
2. الصدق مع النفس: أن يكون الشخص صادقا مع نفسه ويقر بعيوبه ومزاياه، كما يجب كتابتها في ورقة ليتعامل معها فيما بعد بطريقة منهجية، فيحاول تجاوز العيوب والحفاظ على المزايا.
3. الخروج من صوت الآخر: أي عزل الذات عن آراء الناس وأفكارهم وصوتهم وصوت المجتمع والتقليد، إلى صوت الذات.
4. اكتشاف شغفك وموهبتك: ما الذي تحب عمله ما هي الأشياء التي تبهجك لما تعملها أو تسمع عنها أو تشاهدها.
5. اختيار مجال عمل: بعد التعرف على شغفك وموهبتك يجب أن تحدد عمل له علاقة بشغفك، مثلا تحب الرسم اعمل في مجال الأنيميشن، حاول عدم تشتيت نفسك وعدم تحديد مجالات كثيرة اثنين على الأكثر والتركيز على واحد فقط في البداية، مع العلم أن هذا لا يأتي في خلوة واحدة وإنما يحتاج إلى الكثير من الوقت والغوص الداخلي والصدق التام مع النفس ومع الوقت ستوضح لك الأيام مع تقدمك في مسارك ما الذي يجب عليك فعله ولكن من أكبر الأخطاء أن تشتت نفسك في البداية، فبعد أن تتمرس في المجال الذي اخترته، قد تكون مستعد وتزيد الرغبة عندك لتلج المجال الثاني أو مجال آخر وربما تتلاشى هذه الرغبة وتتشعب في المجال الذي اخترته وتصل إلى قمم أخرى فيه، إبدا وركز على ما ترغب فيه أكثر.
6. الإجابة على السؤال من أنا؟ هذا السؤال تجيب عليه من عدة نواحي ويجب كتابة الإجابة على كل الأسئلة أدناه على ورقة:
• تكتب المشاكل التي مررت عليها وكل الأذى الذي تعرضت له دون الغوص في المشاعر وتكتب الدروس التي استخلصتها منها.
• تكتب كل المشاكل والعقبات التي تجاوزتها والأهداف التي حققتها وكيف فعلت ذلك وهذا يسهل عليك الوعي بجوانب من ذاتك وقدراتك والخبرات التي اكتسبتها.
• اكتشاف شخصيتك وقدراتك وهنا يجب الاستعانة بالأخصائيين أو التحاليل النفسية وهذا الشيء فعلته أنا بالذات كنت أستعين بكتب تحليل الشخصية وكانت مفيدة جداً بالنسبة لي.
2. تحقيق الذات:
في رحلة تحقيق الذات وتحقيق هدفك وحلمك الذي رسمت له يجب عليك أن تركز على النقاط التالية:
• تخلص من كل المشاعر السلبية اتجاه الأشخاص والعادات ونفسك، تجاوز أخطائك مع التعلم منها لا تجلد ذاتك ولا تجلد الآخرين ولكن لا تنسى اسم من أذاك وانتبه منه في المرات القادمة، وهذا من أجل تحرير طاقتك واستخدامها كاملة في تحقيق ذاتك.
• ابتعد عن الصخب والضوضاء النابعة من نفسك ومن محيطك بكل ما فيه من مشاكل حقق سلامك الداخلي.
• لا تبتئس إن كنت تحس أن المجال الذي تحبه لا تستطيع أن تجني منه المال، تعلمه جيدا وأراهنك ولأننا نعيش في عالم الإبداع والحلول المبتكرة والإبداعية أن تجد بعد أن تبرع في مجالك طريقة لإدخال المال منه لأن كل المهارات تستطيع ادخال المال منها وهي من أكبر النعم والأهداف التي أنصحك بالركض وراءها، أن تعمل بشغفك وتصبر إلى أن تبدع فيه وتسعى كهدف لأن تجني المال منه، يقال أن من لديه موهبة محظوظ والأكثر حظا من يعمل في مجال موهبته وقمة الحظ والسعادة أن تجني مالا منها، إذن ابدأ ولو بدون مال أو بمال قليل ولو إلى جانب عمل آخر، إلى أن تحصل على ما يكفيك مع الوقت وقد تحقق ما تعجز عن تخيله، فقط فكر خارج الصندوق مثلا قناة الزتونة على اليوتيوب كان صاحبها يعمل في مجال الأدوية ودرس الصيدلة والقراءة كانت شغفه، فقرر أن يفتح قناة يوتيوب ويشارك الجميع المعرفة التي يجنيها من الكتب التي يقرؤها لأنه وجد قيمته فيما يفعل، لم يتوقف عن عمله في بادئ الأمر ولما رؤى أن قناة اليوتيوب بدأت تذر عليه أرباح لا بأس بها توقف عن العمل رغم أن عمله مهم وبراتب ممتاز وفي مجال دراسته، لكنه فضل أن يعمل في مجال شغفه ببساطة لأن الشغف وقود يدفعك باستمرار للعمل لتحقيق المزيد واليوم قناته مليونية.
• يجب أن تقرأ وتبحث في سير العظماء والناجحين في المجال الذي لديك شغف به لا لتقليدهم ولكن لتستلهم منهم ومن الطريق الذي ساروا عليه، كما أن معرفة بأنك لست الوحيد من انطلق من تحت الصفر ووصل،تعطيك حافز للاستمرار وعدم اليأس.
• ضع قائمة بجميع المهارات التي تحتاجها لأداء ما أنت شغوف به.
• لا تدع أحدا يستغلك ويقف في وجه تغيرك وهذه النقطة سنفصلها في المعوقات.
• حدد ما تملكه من مهارات وكفاءات شخصية ومادية وداعمة ومجتمعية لأداء ما أنت شغوف به وابدأ بها لا تنتظر.
3. معوقات تحقيق الذات:
هناك العديد من النقاط التي يجب الانتباه لها في رحلة تحقيق الذات من أجل تجاوزها وعدم الوقوع في فخها وبالتالي الفشل في تحقيق الذات.
• عدم الصدق مع النفس.
• الالتصاق بما يخططه الآخرين لنا، ويتوقعونه لنا.
• عدم الاستعانة بالأخصائيين وبالتالي التحرك العشوائي الذي لن يوصل إلى شيء وإن أوصل ستطول الطريق أكثر وتتحمل متاعب كنت في غنى عنها، بالإضافة إلى ذلك سيضيع وقتك وجهدك البدني والنفسي.
• القناعة بالوضع الحالي وهنا لا أتحدث عن الرضى بالقدر بل عن عدم السعي للتغيير.
• عدم التفكير بالتغيير أو الانتباه إلى أنه هناك شيء إسمه التغيير.
• عدم الوعي بالذات وبالاختلاف وبضرورة اكتشاف الذات.
• فقدان الثقة بالله وبالنفس، لتحدث التغيير في الحياة يجب أن تكون واعي بقدراتك، متوكل على الله وبأنه عز وجل لن يترك من وثق وتوكل عليه، لأنه ببساطة وعد إلهي “أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء”.
• الإيمان بالمستحيل.
• عدم تحمل نظرة الآخرين التي ترفض الاختلاف وتستنكره وتسخر منه وتحاربه، الخوف من المنع الذي نتعرض له ممن حولنا ولكل من يريد التغيير أقول له بأنك ستجد مقاومة من الآخر هذه طبيعة الناس، التغير يساوي التحرك وبمجرد أن تبدأ في الحركة يخاف الآخر من أن تنجز شيء ما فتتفوق عليه أو تخرج من دائرة استغلاله لك أو استعباده لك، فهذه المقاومة التي تأتي أحيانا بالمواجهة الصريحة أو الطعن في الظهر أو على شكل نصيحة مسمومة ليست سوى محاولة لمنعك من تحقيق ذاتك بدافع أناني هو حفظ مصالهم سواء كانت معنوية أو مادية.
• الخجل من التعبير عن الذات.
• الخوف من الفشل والاحساس بأنك لاتستطيع فعل شيء.
• عدم الإيمان بما تحب وترغب.
• انعدام الهمة العالية والخنوع وانعدام الحماس والتكاسل.
• عدم الإقتناع بضرورة التغيير.
• عدم أخد الحياة على محمل الجد.
• نقص تقدير الذات.
• تعليق الفشل على مشجب الآخرين.
• عدم وجود شغف بشيء ما أو عدم البحث عن الشغف وعدم وجود الحلم بتحقيق شيء ما، عدم وجود أهداف وأقول لهذا الشخص من هنا تنطلق وهدفك أن يكون لك هدف، يجب أن يكون لك هدف على الدوام تسعى لتحقيقه.
• عدم وضع صورة مستقبلية لما يريد الشخص أن يكون عليه في المستقبل فمن الضروري وضعها والإخلاص لها.
• التحدث السلبي مع الذات أو النفس.
• عدم الوعي بالمزايا والمنافع التي ستحققها أو تحصل عليها عند تحقيق حلمك.
رحلة تحقيق الذات هي رحلة تبدأ باكتشاف الذات من أجل معرفة أعماق شخصية الفرد وامكانياته وقدراته بجدية وصدق واكتشاف نقاط القوة والضعف وتحقيق الذات يكون بالإستفادة القصوى من مكامن القوة والتحكم في نقاط الضعف وتطوير الذات بما يتناسب مع احتياجاتنا في هذه الرحلة الصعبة والممتعة في نفس الوقت لتجني في النهاية ثمرة تحقيق الذات الراحة النفسية والسلام الداخلي والاحساس بقوة داخلية والقدرة على انجاز المزيد.
