“الهجرة المناخية” مصطلح جديد على العالم فرضه الواقع المناخي الجديد بالتزامن مع بلوغ سكان العالم الثمانية مليار نسمة

بعد غفوة من سكان العالم أعقبها يقظة ليجدوا أنفسهم، وقد تجاوزت أعدادهم الثمانية مليار. رقم يخفى وراءه تبعات كثيرة حيث يضع العالم أمام تحديات كبيرة، ومزيداً من الأعباء على الحكومات لعل أبرزها، وأهمها شح الموارد المائية فالماء بشتى إستخداماته يمثل التحدى الأكبر، والذى يحتم على الحكومات البحث عن حلول جذرية لتلك العقبة، أيضا هناك تحد آخر يتمثل في بروز مصطلح الهجرة المناخية، والذى لم يعتاده البشر من قبل فلقد إعتاد الإنسان على رؤية الطيور المهاجرة هرباً من المناخ، ولم يكن أبداً في حسابات البشر أنه سيأتي يوماً، ويشملهم المناخ ليصبحوا ضمن قوافل الطيور المهاجرة فقد فعلها المناخ، وجعل من الإنسان مهاجراً مناخياً أيضاً لكن من الحرارة إلى البرودة، لتكتمل دورة الهجرة بين الطيور من البرودة إلى الحرارة، والإنسان من الحرارة إلى البرودة بما يمثل مصطلحاً جديداً دخيلاً على قاموس الهجرة البشرية، فقد شرعت المنظمة الدولية للهجرة في تعريفة بالهجرة البيئية، ويرجع ذلك إلى التغير المناخي، والذى سيجبر ما يقرب من المليار، والنصف مليار شخص إلى  الهجرة خلال الثلاثين سنة المقبلة بحسب تقدير المنظمة، كما أشارت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها إلى أن إرتفاع درجات الحرارة في العالم تزامناً مع إرتفاع عدد سكان العالم إلى الذروة المتوقعة، والتى تخطت الثمانية مليار من شأنهما أن يزيدا أعداد مهاجري المناخ، وما نلحظه حالياً من استمرار الحرائق، والفيضانات، والأعاصير يؤكد على هذا التوقع كما أن الشكل العام لما يحدث يجعلنا نعود بالذاكرة إلى عام 1845 حين هاجر ملايين الأيرلنديين إلى الولايات المتحدة بسبب المجاعات القاتلة التى نتجت عن تلف محصول البطاطا. فقد بدأ المناخ يطل على البشر بوجهه الآخر ليبدأ في تدشين نمطاً جديداً للهجرات الجماعية تفوق أعدادها نظيرتها من الأعداد الفارة من النزاعات، والحروب، واليوم يشهد العالم تضاعف عدد الأيام التى تتجاوزت فيها درجات الحرارة  الخمسين درجة مئوية عما كانت عليه قبل ثلاثين عاماً مما يخلف وراءه مناطق عدة غير صالحة للعيش بما يدفع البشر إلى الحاجة لإنشاء مدناً بالقرب من القطبين حيث الحرارة المنخفضة نسبياً، وأهم تلك المناطق تتمثل في أجزاء من سيبيريا تلك المنطقة الروسية الشاسعة، والمتجمدة على مدار نصف العام حيث باتت اليوم تشهد درجات حرارة معتدلة تصل إلى ثلاثين درجة مئوية على مدار عدة أشهر من السنة، وفقاً لما جاء في الصحف العالمية، كما يرى الخبراء أن هناك بلداناً من المتوقع أن تدخل في نطاق البلدان الأكثر تضرراً، والغير صالحة للعيش فيها على سبيل المثال بنجلاديش، والتى يتوقع لها أن تصبح غير صالحة للإقامة فيها، مما سينتج عنه هجرة ما يقرب من  10% من سكانها مع قدوم عام 2050 أما بالنسبة لمنطقة شمال إفريقيا، والشرق الأوسط فهناك توقعات بغرق مدينتى البصرة بالعراق، والإسكندرية بمصر نتيجة لإرتفاع منسوب مياة البحر، وإرتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية لا يمكن التعايش معها حيث تتراوح بين الستين إلى سبعين درجة مئوية، وبهذا يمكننا الجزم بأن المناخ سيكون أشد فتكاً بالبشر من الحروب، والنزاعات.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد