ظهر الاسلام في شبه الجزيرة العربية وسريعاً ما اتسعت رقعته واتجهت أعين الفاتحين إلى المسجد الأقصى أولى القبلتين، ومنه عُرِج بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى السماء في رحلة الاسراء والمعراج، ويشّد الرحال إلى ثلاث مساجد منها المسجد الاقصى هذه المنزلة العظيمة دفعت المسلمين إلى الاستعداد للزحف نحو بيت المقدس، تأخر المسلمون قليلاً قبل التحرك نحو بلاد الشام، وقد كانت الاولوية في ذلك الوقت هو دحر نفوذ الرومان من الجزيرة العربية ودعوة القبائل المتناحرة فيما بينها للاسلام، وبعدما قاموا بتأمين الجزيرة وتوحيد أهلها تحت لواء الاسلام واطمأن خليفة المسلمين “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه إلى استقرار الاوضاع، قرر توجيه بعض قوات الجيش للذهاب نحو الشمال.
لقاء البطريرك “صفرونيوس” والخليفة “عمر بن الخطاب”:
تحرك جزءًا من جيش المسلمين نحو بلاد الشام وفتحوا العديد من المناطق حتى وصلوا “إيلياء” أكثرهم مناعة وصمود، فلبيت المقدس مكانة خاصة عبر التاريخ، حاصرت القوات المسلمة “بيت المقدس” عام 636 م، وتمكن البطريرك “صفرونيوس” من اقناع الطرفين إلى استخدام صوت الحكمة والحفاظ على المدينة وأهلها، واشترط من فوق أسوار المدينة أن يكون تسليم المدينة لأمير المؤمنين وتحرك “عمر بن الخطاب” صوب مدينة القدس، وتجمعوا عند باب دمشق لاستقباله وعلى رأسهم البطريرك “صفرونيوس”، وأعلن ابن الخطاب ميثاق الشرق قائلاً: “يا أهل إيلياء، لكم ما لنا وعليكم ما علينا”.
وعاشت فلسطين في عهد الدولة الإسلامية الرخاء والازدهار ولم تكن بمعزل عن الاحتلال الصليبي، وعانت من هذا الاحتلال ما يقارب الـ 92 سنة حتى توحدت الأمة الاسلامية تحت قيادة “صلاح الدين الايوبي” وتم تحريرها في 24 ربيع الآخر 583هـ/ 4 يوليو 1187م في معركة حطين، وتكررت الأزمة عندما اجتاح المغول بغداد واتجهوا صوب الشام لسفك المزيد من الدماء حتى كانت الغلبة للمسلمين في معركة عين جالوت في اليوم الخامس عشر من رمضان سنة 658هـ/ 3 سبتمبر 1260م، وظلت فلسطين “قلب العروبة” بمواقفها العظيمة تشارك في التاريخ الإسلامي حتى في عهد الحكم العثماني الذي دام أربعة قرون.
تلاقت المصالح في عهد الخلافة العثمانية مع المملكة البريطانية وتعتبر ارض فلسطين مركز تجاري هام للامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بالاتفاق مع دولة الخلافة، وكان للجيش البريطاني تواجد محدود لحماية تجارته، ولكن كان للامبراطورية الفرنسية رأي أخر عندما أرسلت “نابليون بونابرت” نحو بلاد المشرق، والتاريخ الحديث ممتلئ بالاحداث التي غيرت في جغرافية الاراضي العربية فالتغيير من سُنن الله في الكون.