توالت الاطماع والصراعات على مدينة القدس منذ القدم، فهي واحدة من المدن العريقة في العالم القديم، وتعتبر المدينة المقدسة لدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث (اليهودية، المسيحية، الاسلام) جزءاً هاماً في عقيدتهم، ولكن ما حدث على الارض خلال العصر الحديث كان اسوء مما سبق، وعندما تضرب أمثلة عن استغلال الدين لأطماع سياسية فلن تجد مفراً من ذكر ما يحدث في دولة فلسطين، وفي محاولة لفهم حقيقة ما يحدث على الارض سأقوم بسرد مبسط لتاريخ قلب العروبة النابض منذ فجر التاريخ وحتى الصراعات الدائرة في وقتنا الحالي.
حضارة الكنعانيين:
عُرفت فلسطين منذ القرن الـ 18 ق.م بأرض كنعان حيث تواجد بها الكنعانيون قديمًا، ودلّ على ذلك ما دونه القدماء على “مسلة أدريمي” والمصادر المسمارية ورسائل تل العمارنة، ويقال بأن أصل كلمة فلسطين حسبما دون في السجلات الأشورية هو “فلستيبا”، وذكر أحد الملوك الأشوريين أنّ قواته احتلت أرض “فلستو” في عام 800 ق.م واخذ من أهلها الضرائب، بينما بلور المؤرخ “هيرودوتس” لقب “بالستين” على أسس آرامية، وذكر بأنها تقع في بلاد الشام من جونب سوريّا الممتد شمالاً وحتى سيناء جنوبًا وغور الأردن شرقًا والبحر المتوسط غرباً.
دخول نبي الله موسى عليه السلام:
اتجه بنو إسرائيل قوم موسى عليه السلام نحو فلسطين للمرة الاولى في عام 1250 ق.م بعدما هربوا من بطش فرعون، وأراد أن يسكنهم أرض فلسطين وأنزل عليهم الله المنَ والسلوى، ولكنهم خافوا من الكنعانيين “القوم الجبارين” وأصَروا على عدم دخولها، ثم حاولوا دخولها مرة أخرى مع الملك طالوت كما ورد في القرآن الكريم، وولى طالوت أحد جنوده حكم فلسطين وهو نبيّ الله داود عليه السلام، ثم ورث سليمان عليه السلام النبوة والملك عن والده داود، وأيّده الله بالكثير من المعجزات.
سنذكر في الجزء الثاني ما حدث بعد موت نبيّ الله سليمان وانقسام دولته، وما قام به البابليون من تخريب إلى أن سيطر الاسكندر المقدوني على بلاد الشام.