متطلبات ومعايير الجمال في السودان تضر بصحة الفتيات

يوجد في السودان معايير ومتطلبات معينة يتم من خلالها اختيار الفتاة السودانية للزواج، حيث تعاني الفتيات في السودان من ضغوط مجتمعية كبيرة تقلل من نسبة ثقتهن بأنفسهن وتجعلهن يلازمن ويعكفن على كريمات تفتيح البشرة والمستحضرات الخاصة بزيادة الوزن، حيث تكون الفتاة صاحبة البشرة الفاتحة والجسم الممتلئ هي المرغوب فيها للزواج.

ولم تكن هذه المعايير والمتطلبات التي تم فرضها من قبل المجتمع على الفتيات بضرورة زيادة أوزانهن وتفتيح لون البشرة جديدة، حديثة العهد، بل إنها منذ قديم الزمن، حيث أنه كان وما زال يتم وضع برنامج خاص بالفتيات قبل زواجهن على الأقل بفترة ثلاثة أشهر من أجل تفتيح لون بشرتهن وتسمينهن، ولكن الفرق أن المستحضرات التي كان يتم استخدامها في السابق هي مستحضرات طبيعية وليست خطيرة، أما في الآونة الأخيرة، فقد اجتاحت الأسواق موادا خطرة جداً وسامة، نعم تعمل على تفتيح البشرة وعلى زيادة الوزن، ولكن لها خطورة كبيرة من أبرزها مرض الفشل الكلوي ومرض سرطان الجلد، وذلك وفقا “لإندبدنت عربية”.

ضغوط كبيرة من المجتمع

يتميز أهل السودان في الأصل بلون البشرة السمراء، ولكن رغم ذلك فإنه يتم فرض عدة قيود على شكل  الفتاة، والتي يجب عليها أن تظهر بهذا الشكل وأن تحافظ عليه كذلك حتى لا تبقى بدون زواج.

والسعي إلى الحصول على البشرة الفاتحة والوزن الزائد لم يكن مجرد موضة أو هوس، بل تلجأ  إليه الفتيات هرباً من التمييز أو العنصرية التي توجد في بعض الأماكن في السودان والتي ترتبط باللون الداكن.

وانتشرت في الآونة الأخيرة في الأسواق السودانية أشكال عدة ومختلفة من مستحضرات التفتيح وزيادة الوزن، والتي يتم تهريبها من دول أخرى مجاورة.

وفي هذا الأمر تقول «محاسن خالد» خبيرة التغذية:

“انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير منذ أكثر من 10 أعوام، وخطورة هذا الموضوع تتمثل في أن نتائج هذه  المواد الضارة والسامة التي تستخدم  لا تظهر بشكل مباشر، بل تستغرق وقتاً طويلا، ً وأن أخطار تناول هذه المواد تتمثل في الإصابة بالأمراض التي قد تؤدي إلى الوفاة مثل الفشل الكلوي ومرض السرطان، كما أنها تجعل الماء يتكون تحت الجلد وفي الرئة”.

أما عن أسباب عدم لجوء الفتيات إلى البدائل الآمنة فوضحت محاسن أن “الضغوط المجتمعية الكبيرة التي يتم فرضها على الكثير من الفتيات، هي التي تدفعهن إلى البحث عن أسرع السبل وأرخصها والتي تنتشر بشكل كبير في الأسواق بأسعار رخيصة وزهيدة الثمن  وتعطي نتائج سريعة جداً كما تعطي وجهاً ممتلئاً ولكن في الحقيقة هذا ليس امتلاء، بل إنه عبارة عن ماء متكون ومتراكم تحت الجلد.

فهذه العقاقير الطبية المنتشرة بشكل كبير في الأسواق هي في الأصل عبارة عن أدوية طبية تستخدم في حالات معينة ومختلفة ويكون من أعراضها الجانبية حدوث زيادة في الوزن”.

كما تابعت” ولكن بدأت هذه الثقافة في أن جمال الفتاة يرتبط بأن تكون سمينة وببشرة فاتحة بدأت تختفي وتتلاشى بشكل تدريجي، وذلك لأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تروج وتشجع على الحصول على الرشاقة أو البحث عن وسائل وسبل آمنة سواء لزيادة الوزن أو لإنقاصه”.

وأما عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الفتيات فقالت محاسن “في العيادة أصبحنا نستقبل الكثير من الفتيات اللواتي يردن  إنقاص أوزانهن أكثر من هؤلاء اللواتي يردن زيادته وحتى من قمن بزيادة أوزانهن بطرق خاطئة وسيئة، أصبحن يبحثن الآن عن طرق جيدة وآمنة لإنقاصه مرة أخرى لمواكبة المجتمعات المتحضرة ولمواكبة الموضة المنتشرة”.

ولكن  الفتاة في السودان لم تلجأ إلى تناول مثل هذه العقاقير الطبية أو إلى استخدام كريمات التفتيح إلا وهي تعاني من ضغط كبير في المجتمع، الذي لا يرى في الأنثى إلا المظهر، والذي عليها أن تتمتع بامتيازات معينة.

وفي هذا الصدد فقد قالت الباحثة الاجتماعية رنا يوسف “من الواضح أن لجوء الفتيات إلى تفتيح لون البشرة واستخدام العقاقير المسرطنة والسامة، ما هو إلا بسبب ضغوط مجتمعية كبيرة لا تستطيع الفتاة مقابلتها، خصوصا عندما يتم مقارنتها بصديقاتها وزميلاتها، وعندما تكون في بيئة لا تحترم وجود الاختلافات ولا تؤمن بأن بلد السودان هو بلد متعدد الأعراق والألوان”.

وأما عن دور المجتمع في التخلص من هذه الظاهرة المنتشرة والمؤسفة فقد رأت رنا أن “المجتمع الذي يتقبل الفتاة كما هي ويشجعها ويساندها وينظر إليها على أنها إنسان يتم تقييمه وفقاً لعقله ولما ينتجه، لن يعاني أبدا من مثل هذه الظواهر.

ولكن يوجد كثير من الأسر حاليا  نراها تدفع بناتها إلى مثل هذه الأشياء، لذلك يجب علينا نشر الوعي بشكل كبير في المجتمع مع العلم أن التحسن قد بدأ يظهر بشكل فعلي.

كما يجب منع هذه الممارسات إطلاقا، لأنه انطلاقاً من هذه الضغوط الكبيرة، فإن الفتاة في حال أنها لم تتناول هذه العقاقير الخطيرة، سوف تلجأ إلى أمور أخرى تكون أكثر ضررا وخطورة، كما سيظل لديها هوس البحث عن الكمال بأرخص وأخطر السبل”.

الحملات التوعوية

و بالرغم من انتشار الحملات التوعوية بين وقت وآخر، إلا أن طبيبة الجلدية سلمى أحمد تؤكد أن “الحملات التي تنادي وتناشد بالحفاظ على لون البشرة هي ليست كافية وأنه يجب نشر ثقافة البحث عن الجمال في العيادات المتخصصة لذلك لا في الأسواق التي تبيع بالجملة.

فالعيادات المتخصصة بالجمال تقدم وسائل وطرق آمنة وخيارات واسعة في عملية تنظيف البشرة وزيادة الوزن بالصورة المناسبة، بعيداً عن هوس التفتيح لنحو ست درجات أو زيادة الوزن بشكل كبير لحوالي 20 كيلوغرام أو أكثر، وفي النهاية تحدث النهاية الكارثية التي تنتهي بأمراض خطيرة أو بالموت المفاجئ”.

وتقول أنه بالرغم من  انتشار عيادات التجميل بكثرة في الخرطوم وأن “العيادات كلها  قد حصلت على التراخيص وأنها تستخدم الطرق الآمنة والمصرح بها، إلا أن الفتيات يلجأن إلى استخدام المواد التي يعتبر مصدرها مجهول، لذلك يجب أن تقوم  طبيبات الجلدية والتجميل بنشر النصائح باستمرار بعيداً من المكسب المادي، خصوصاً للفتيات اللواتي في سن المراهقة واللواتي يبحثن عن الطرق السريعة”.

استطلاع إندبنت عربية للشباب السوداني

وفي  استطلاع رأي قامت به “إندبندنت عربية” وُجد أن كثير من الشباب السودانيين أكدوا  أنهم “لن يرتبطوا بالفتيات اللواتي يستخدمن كريمات تفتيح البشرة أو اللواتي يتناولن العقاقير التي هي من مصدر مجهول لزيادة أوزانهن”

ولكن في نفس السياق تقول الطالبة الجامعية غادة النمير “لو سألنا أي شاب سوف يقول نفس الكلام  ولكنه في النهاية سوف يبحث عن الفتيات ذواتي البشرة الفاتحة حتى يرتبط بها في بلد السودان الذي في الأصل هويته سمراء، وهذا يعد تناقضا غريبا جداً يجعل الفتيات يصبحن أكثر هوسا بالبياض لجذب انتباه الشباب، خصوصاً خلال المراحل الجامعية”.

بينما يقول الموظف الرشيد عبدالله إن “بشرة الأغلبية في السودان هي سمراء ونعتز بها ولا أعتقد بأنني سوف أتزوج فتاة للونها أو لوزنها فالتركيز الأساسي سوف يكون على أمور أخرى أكثر أهمية مثل مؤهلها الدراسي.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. ٠١١١٣٧١٢٧٤٢ يقول

    رمضان عطا خلف مسعود