ايام الحبر والورق

منذ مُدَّة ليست ببعيدة كُنَّا ننتظر أن نقرأ الأخبار بُكلِّ لهفةٍ، لأنَّنا كُنَّا نشم ريح الورق، ونتحسسُّ سخونته إذا كان حديث الطِّباعة، نُهيأ الجوَّالمناسب لقراءة الجريدة اليوميَّة، من فنجانٍ من القهوة وهدوء تامٍّ محيط بنَّا؛ حتّى نقرأ بتمعن ونفهم مضمون الأخبار ونُحلَّلها عندما نجتمعمع الأصحاب، بداية من أوَّل خبر في أوَّل صفحة حتَّى الخبر الأخير في آخر صفحة، وربَّما نطلع على أكثر من صحيفة حتّى نُقارن فيمابين الأخبار ونعلم إن كان يوجد تفاصيل أخرى عن الخبر فنحيط بُكلِّ المعلومات ونعلم وجهات النَّظر المختلفة حول القضيَّة التي نقرأ عنها.

أمَّا اليوم فإنَّ الأخبار متتابعة وكثيرة جدًّا وتصلنا في وقتٍ قياسيٍّ من كُلِّ أنحاء العالم وبشكلٍ مباشرٍ في الكثير من الأحيان، وفي كُلِّالموضوعات التي تهمنا في الرِّياضة والموسيقا والأخبار السِّياسيَّة منها والثقافيَّة، ونستوضح آراء أكثر النَّاس أهميَّة وحتّى آراء عامَّة النَّاسمن حول العالم، لأنَّ الوسائل المتطورة اليوم من الصُّحف الإلكترونيَّة ومن مواقع التَّواصل الاجتماعيّ المختلفة من تويتر وفيسبوك وإنستغرامأتاح للنَّاس كُلَّها على حدٍّ سواء من أن تُعبِّر عن نفسها، دون أن تُقيّد أحدًا، أو تضع شروطًا مثل الخبرة أو المعرفة للتَّعبير عن الرأي.

ولكن الصِّلة الدَّائمة مع العالم، له الكثير من الحسنات والكثير من السَّيئات كذلك الأمر، فمثلًا نجد أنَّ الكثير من الأخبار تصلنا بطريقةخاطئة أو مغايرة للحقيقة عندما يعمل شخص ما على بثِّها دون التَّحقق منها ومن صحتِّها في أرض الواقع، كما يُمكن أن يُبدي الكثير منالأشخاص آراء غير واقعية أو جارحة، فهنا نحن ننتقد كميَّة الأخبار وطريقة تقديمها التي تكون في الكثير من الأحيان لا مهنيَّة وغير دقيقة،وطبعُا هنا لا نُعمِّم، وهذا الأمر يُفقد الشَّغف في الوصول إلى الأخبار وربما يُقلِّل من اطلاعنا عليها مع الوقت.

ونحن هنا لا ننتقد التِّكنولوجيا أو الوسائل الجديدة للتَّواصل مع العالم، لكنّ ربما أنَّها تحتاج إلى مزيد من الضَّبط حتّى نصل بها إلى نفسمستوى الصُّحف الورقيَّة، من اهتمام بالأخبار وطريقة عرضها، وشغف النَّاس للاطلاع عليها.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد