“بل جيتس” يعلن تبرعه بثروته للمجتمع.. فهل يفعلها أحد في مصر غير مجدي يعقوب؟

إنه أحد الرجال المحترمين جداً في هذا الزمان، بيل جيتس واحد من نظار المدرسة الإنسانية التي تهتم بالعنصر البشري وكيفية مساعدته، عندما يصل أحدهم إلى قمة المجد في مجاله، سواء فيما يتعلق بالأموال أو الخدمات بصفة عامة، يتوقف عن السير قدما في سبيل تحقيق المجد والثروة ويعود بما وصل إليه ليهبه من يحتاجه من البشر، ولن أذهب بعيدا في ضرب الأمثلة.. لأنه لدينا في مصر الدكتور مجدي يعقوب.

بيل جيتس يقرر إعادة ثروته للمجتمع

بل جيتس أعلن مؤخرا أنه عازم على التبرع بكامل ثروته لمؤسسة “بيل وميليندا جيتس” الخيرية التابعة له ولزوجته السابقة، مؤكدا على أنه ملتزم بإعادة موارده إلى المجتمع، بطرق سيكون لها أثرا على الحد من المعاناة وتحسين الحياة، داعيا أصحاب الأغنياء وأصحاب الثروات أن يتخذوا خطوات مشابهة، مشيرا إلى أنه سينتقل إلى أسفل وربما يخرج من قائمة أغنياء العالم.

بيل جيتس نموذج لا يتكرر بين أغنياء العالم وهب ثروته لخدمة المجتمع

بيل جيتس، ومنذ سنوات بعيدة له مساهمات مالية ضخمة في خدمة المجتمع، أي مجتمع، لأنه لم يحصر تبرعاته لخدمة المجتمع الأمريكي فقط، بل إن معظم تبرعاته السابقة كانت لخدمة قضايا مجتمعية عالمية، مثل التبرع لعلاج الأمراض القاتلة مثل السرطان، وقضايا تغير المناخ، وقضية مكافحة التدخين، ومثل ذلك كثير جدا، سواء من خلال تبرعاته المباشرة أو بالتعاون مع جهات أخرى مثل جامعة هوبكنز.

بيل جيتس وزوجته ورصيد هائل من الأعمال الخيرية

تصريح بيل جيتس برغبته التبرع بثروته للمجتمع وليس لأبنائه، قديم وليس وليد اليوم، لأنه دائما ما كان يصرح أنه يريد التخلي عن ثروته وإعادتها للمجتمع مرة أخرى في صورة خدمات يستفيد منها الجميع، ودائما أيضا ما كان يؤكد أن أولاده لن يكونوا أثرياء مثله، لأنه سوف يتبرع بثروته، وهو قرار اعتقد أن معظم البشر لن تكون لديهم القوة لاتخاذه، في وجود أبناء لهم يستحقون التمتع بثروة والدهم.

الأرقام تقول إن أغنياء العالم يمثلون 1% من سكان الأرض، ومع ذلك فإنهم يمتلكون 82% من ثرواتها، التي قفزت العام الماضي 2021 بزيادة قدرها 10.3%، لتصل إلى 473 تريليون دولار، بحسب دراسة أجرتها “بوسطن كونسلتينج جروب”، كما ارتفع عدد الأغنياء التي لا تقل ثرواتهم عن 100 مليون دولار بمقدار 300 شخص، كما يضم العالم 69 ألف شخص فائق الثراء، حيث يمتلكون 15% من إجمالي الأصول المالية في العالم.

جمعية بيل جيتس وزوجته تصدرت قائمة التبرعات الخيرية

أما المليارديرات حول العالم فإن القائمة تضم 2668 مليارديرا، تقدر ثرواتهم مجتمعة بنحو 12.7 تريليون دولار وهو أقل من الرقم المسجل بالقائمة السابقة وهو 13.1 تريليون دولار، ويتصدر هذه القائمة بالطبع إيلون ماسك، بثروة تقدر بنحو 219 مليار دولار بعد إضافة 68 مليار إليها بسبب ارتفاع سعر سهم شركة تيسلا للسيارات الكهربائية بنسبة 33%، متفوقا على جيف بيزوس بسبب انخفاض سهم أمازون.

أغنياء العالم 2668 ملياردير، ويمتلكون 82% من ثرواته

وبالعودة إلى بيل جيتس، من خلال أرقام الأغنياء، ومحاولة الربط بين قرار الرجل بالتبرع بثروته، وبين ثروات هؤلاء الأثرياء، بالطبع لن ادعوا ولن أحلم بأن يتخذ هؤلاء نفس القرار ويتبرعوا بثرواتهم لمجتمعاتهم أو حتى إلى فقراء العالم، ولكن لنفترض فقط حدوث أحد الأمرين، إما أن يتبرع الجميع بنسبة معينة من ثروتهم إجمالا لمرة واحدة، أو بصفة دائمة سنوية، فماذا يمكن أن تفعل هذه الأموال؟

إيلون ماسك يتصدر قائمة أغنياء العالم

بالتأكيد سوف تفعل الكثير، أما في مجال التخفيف عن معاناة ملايين المرضى، وأما لتخفيف حدة الفقر على ملايين آخرين من البشر، ربما يكون كل منهم أنه يفعل ذلك بطريقته، وأنه يتبنى الكثير من الأعمال الخيرية، وهو في الغالب يحدث من بعضهم، لكن الأثر الكبير والفعال الذي يمكن أن يراه الجميع لهذه الأعمال غير موجود ،مثلما شعرنا بما يفعله بل جيتس في المجال الخيري.

تبرعات الأغنياء الفردية لا تغني عن عمل مؤسسي يخدم المجتمع كله

وبالقياس على ما يحدث في مصر، وبالنظر إلى المثل الذي ضربته في البداية وقلت أن لدينا الدكتور مجدي يعقوب، لأن الرجل ترك كل المجد والشهرة والمال، في أوروبا وعاد إلى وطنه، ليستقر في واحدة من أفقر محافظات مصر ويفتح مركزا للقلب لعلاج أطفال الفقراء مجانا، هذا هو النموذج الذي اختار الإنسانية على السعي خلف تحقيق المجد والثروة، وكان قادرا على ذلك ولكنه لم يفعل.

مجدي يعقوب النموذج الأروع في مصر

كم من المال يمتلكه بيل جيتس بالفعل؟

هناك في مصر أيضا الكثير جداً من رجال الأعمال والأثرياء الذين يتبرعون للأعمال الخيرية ويحرصون على مساعدة الفقراء والمحتاجين أو التبرع لعلاج المرضى، إلا أنها تظل أعمال فردية، تصب في صالح أفراد أيضا، بخلاف التبرعات للأعمال الكبرى التي يعود النفع فيها للمجتمع ككل، أو على الأقل لخدمة شريحة عريضة من المجتمع بصفة دائمة، مثل مستشفى 57357 ومثيلاتها من المستشفيات الخيرية الأخرى.

المجتمع يحتاج إلى نشر ثقافة بيل جيتس، وان تعود الثروات إلى المجتمع في النهاية، من خلال أثرياء يتبنون نشرها، أو من خلال تجمعات وجمعيات يعوم عليها أحدهم وينشر دورها في المجتمع، المهم أن يظهر الدور المجتمعي للأغنياء، لأنه مهم جداً بجانب الدور الحكومي، وربما فاقه في بعض الأحيان عندما يتلمس الاحتياجات الحقيقية للناس.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد