هل ينجح آبي أحمد في تغيير إثيوبيا داخليًا وخارجيًا؟

في صباح يومه الأول في المدرسة وهو ابن السابعة سمع آبي أحمد امه تهمس في أذنيه قائلة: ” أنت فريد من نوعك يا ولدي.. سوف ينتهي الأمر بك في القصر.. لذلك حينما تذهب إلى المدرسة ضع في اعتبارك أنه في يوم من الأيام ستكون شخصًا يخدم هذه الأمة”.

هل ينجح آبي أحمد أن يغير إثيوبيا من الداخل والخارج ؟!

هل ينجح آبي أحمد أن يغير إثيوبيا من الداخل والخارج؟!

مع هذه النبوءة لهذا الولد نشأ آبي أحمد في منزل بدون كهرباء في قرية اثيوبية صغيرة وقبلته أمه على رأسه، وأوصلته إلى طريقه.

لم يصل آبي أحمد البالغ من العمر 42 عامًا إلى قصر الوزراء فحسب بل أصبح أيضًا الزعيم الأكثر شعبية في أفريقيا: إنه الرجل الذي يقول إنه يريد تغيير بلده اثيوبيا من الداخل إلى الخارج وبسرعة.

وبعدما تولى منصبه في مارس / آثار الماضي أنهى رسميًا عقدين من الأعمال العدائية مع اريتريا المجاورة، والجارة لاثيوبيا. علاوة على ذلك بدأ يخفف سيطرة الدولة على الاقتصاد، وتعهد بإجراء انتخابات متعددة الأحزاب في بلد معروف منذ فترة طويلة بسجن المعارضين، والمنشقين، واجتذب أكثر منتقدي الحكومة تشددًا من أعضاء الجالية الإثيوبية الذين نظموا تمردًا طويل الأجل منذ زمن بعيد. وعاد زعماء المجموعات المعارضة المحظورة سابقًا إلى العاصمة أديس أبابا السبت الماضي.

التحديات التي يواجهها رئيس الوزراء الشاب آبي أحمد في إثيوبيا

المهمة حقًا هائلة. فإثيوبيا هي ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، بأكثر من 100 مليون شخص، في جزء من قارة يحدث فيها تدافع للقوى العالمية لفرض النفوذ.

وهناك أيضًا مخاطر: فملايين من الشباب الساخطين متواجدين، وفقر منتشر، وصراع عنيف على الموارد بين الجماعات العرقية المتنافسة في إثيوبيا، ومجموعة من المنتقدين داخل وخارج الحكومة الذين إما مهددين بالتغيير المفرط، أو غاضبين من أنه ليس كافيًا كذلك.

آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، هو نقطة تحول لدولة إثيوبيا التي اعتمدت لفترة طويلة على نموذج حكومي يشبه النموذج الصيني الساعي إلى النمو الاقتصادي الذي تقوده الدولة، مع قمع المعارضة السياسية.

ولكن آبي يعرف بكل تأكيد أن بلاده شابة جدًا لأن مستوى عمر الأغلبية في أثيوبيا نحو 18 عامًا وهم متعطشون للحرية الاقتصادية والسياسية.

يذكر أن آبي أحمد قال لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في لوس أنجليس أثناء لقاءات بناء الجسور مع الإثيوبيين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية: ” إغلاق الباب هو أسوأ نهج”.

آبي أحمد يسعى للقضاء على العنف العرفي لتتحول اثيوبيا لدولة ديموقراطية

إن العديد من وعود آبي لا تزال هكذا، فهو لم يقم بعد برفع القيود المفروضة على المجتمع المدني، ومن غير الواضح كيف يمكنه إجراء انتخابات متعددة الأحزاب، كما وعد، في بلد يسيطر عليه الائتلاف الحاكم وحلفاءه كما يسيطرون على المؤسسات جميعًا تقريبًا، ويحتفظ بكل مقعد في البرلمان الإثيوبي.

من جهتها أشادت النائبة كارين باس، من كاليفورنيا، التي التقت بآبي أواخر أغسطس الماضي، بالتغييرات التي أجراها ولكنها حذرت من مخاطر ارتفاع الطلب، وقالت: ” لقد أوفي بعهده، ولكن إذا لم تتغير الحياة للجميع، فإن الناس ستفقد صبرها، فالناس لديها توقعات غير واقعية”.

يقول آبي إنه يريد تغيير الطريقة التي يرى بها الإثيوبيون أنفسهم، ودائمًا يحث الإثيوبيين على تجاوز خطوط الصدع الديني، والعرقي، لرؤية بعضهم البعض كمواطنين بدلًا من متصارعين، ويبنون الجسور ويحطمون الحوائط.

اثيوبي يمتطه حصانه وحوله آلاف من المرحبين بعودة جبهة تحرير أورمو بعد رفعها من قائمة المنظمات الإرهابية
اثيوبي يمتطه حصانه وحوله آلاف من المرحبين بعودة جبهة تحرير أورمو بعد رفعها من قائمة المنظمات الإرهابية

ويقول آبي أحمد: ” نحن نلوم بعضنا البعض، بل نكره بعضنا البعض، وهذا تفكير جمعي”.

تجدر الإشارة إلى أن الصعوبة شديدة وقد أدى العنف العرقي، ومعظمه على الأرض في الوقت الحالي، أدى إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص من ديارهم.

آبي يجسد الخليط الاثيوبي، فوالده كان مسلمًا أورومو، وهي أكبر مجموعة عرقية في البلاد، وتعرضت منذ فترة طويلة للتهميش، ووالدته كانت أمهرية مسيحية أرثوذكسية، واعتنقت الإسلام حينما تزوجت.

يقول آبي أحمد: ” أبي كان بروتستانتي، يتحدث عن مُثل الحب والمغفرة والمصالحة”.

ويقول إفرايم إسحاق، الباحث في الدراسات الدينية الإثيوبية بعد لقاءه بـ آبي بعد فترة وجيزة من توليه منصبه: ” لغته ليست لغة سياسية، إنها لغة دينية”.

كيف وصل آبي أحمد إلى رأس السلطة في إثيوبيا

سياسيًا آبي من الداخل قائد بارع، التحق بالجيش في عمر 13 عامًا، وأنشأ وكالة الأمن السيبراني الحكومي في بلد مقيّد بإحكام وضد الإنترنت، وانضم إلى الائتلاف الحاكم الذي أطاح بالحكم العسكري عام 1991 ويدير إثيوبيا منذ ذلك الحين، ولعب حزبه، وهو حزب جبهة أورومو الشعبية الديمقراطية، دورًا هامًا في المعارضة الداخلية داخل الائتلاف، وبدلًا من إخفاء همسات والدته يقول إنه أعلن عنها.

يتذكر آبي أنه قال لمسؤولين كبار حينما كان موظفًا حكوميًا متوسط المستوى: ” في يوم من الأيام سأكون رئيسك في العمل”.

وفي العام الماضي كانت احتجاجات أوروموس الصغيرة التي سئمت من سيطرة الحكومة عليها وهي مكونة من مجموعات عرقية أصغر وأكثر قوة، أدت إلى استقالة هاليماريام ديساليجن، رئيس وزراء اثيوبيا السابق، وبعدها تمت ترقية آبي أحمد الأورومو العرق، وكان ينظر له إلى حد كبير أنه أفضل فرصة لتهدئة الاحتجاجات، وقيادة البلد معًا.

على الفور اعتذر آبي أحمد عن قتل المتظاهرين على يد القوات الحكومية، ورفع الحظر عن جماعات المعارضة، وعفا عن أحد أبرز السجناء السياسيين في بلاده.

السلام مع إيرتيريا كان من الأولويات، لذلك طلب من أولئك الذين كانوا على اتصال مع إريتريا وهي الدولة المعزولة دبلواسيًا في العالم، أن يمد يده بالنيابة عنه، وقال آبي إن المساعدة جاءت من العديد من الزعماء الأجانب بمن فيهم الزعيم الفعلى للإمارات العربية المتحدة، ولي العهد الشيخ محمد بن زايد، الذي يتمتع بنفوذ كبير في أسمرة، العاصمة الإريترية.

وقال آبي إن واحدة من أكبر أولويات ولي العهد الإماراتي هو السلام بين إثيوبيا وإريتريا وأنه حريص على إضافة  التقارب مع العديد بين القادة الأفارقة.

التقارب جاء من جانب آبي، وفي أوائل يونيو وافق على تسليم مدينة حدودية متنازع عليها إلى إريتريا وهي نقطة كانت شائجة لمدة 20 عامًا، وفي الشهر التالي أعلن البلدان رسميًا نهاية حربهما، وبحلول منتصف شهر يوليو زار الرئيس الإريتري إسياس أفورقي، إثيوبيا للمرة الأولى منذ عقدين، وفي بادرة حسن نية قدم آبي له ((جمل )) الحيوان الوطني لإريتريا، وفي شهر سبتمبر الجاري أعيد فتح نقاط عبور حدودية، ما أدى إلى تمهيد الطريق أمام التجارة بين البلدين.

يواجه آبي مقاومة متجذرة في الداخل – في الأجهزة الأمنية والأحزاب السياسية التي كانت لها سلطة طويلة. لكنه جاء إلى الولايات المتحدة لإزالة شوكة طويلة في حلق قادة إثيوبيا المنفيين.

وقال: “الفوضى والأزمة والصراع في الأمة، بطريقة ما، مرتبط بالشتات”. “هذه الطاقة السلبية تعمل في تدمير بلدنا.”

يذكر أنه تم منع حوالي 23000 إثيوبي في الخارج من العودة إلى ديارهم بسبب أنشطتهم السياسية. ورفع آبي تلك القيود.

وفي إشارة إلى هذا الانفتاح الجديد، قال إن الإثيوبيين في الخارج – الذين لم يطئون البلاد منذ سنوات خوفا من الاعتقال – سيكونون قادرين على الحصول على تأشيرة دخول للمنزل مجاناً لمدة سنة اثيوبية جديدة.

ويقول: الأثيوبيون في الشتات، ومعظمهم، يعيشون هنا جسديًا لكن روحهم موجودة. وقال: “في الواقع نهاراً وليلاً، هم في إثيوبيا”. “إنهم لا يتوقعون أبدًا القدوم إلى إثيوبيا، لتتم دعوتهم إلى إثيوبيا”.

اقرأ أيضًا هنا :

ما هي الوصية التي أوصى بها جميل راتب قبل وفاته

 

تفاصيل إخلاء سبيل جمال وعلاء نجلي الرئيس السابق حسني مبارك من السجن

 

ارتفاع مصاريف المدارس يثقل كاهل الأسرة المصرية وأولياء أمور: إليكم طريقة للتوفير

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد