شهد نهاية الأسبوع الماضي عملية إنقاذ مثيرة قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي لتحرير أربعة رهائن من قطاع غزة أسفرت عن وفاة 274 فلسطينيًا وفقًا لما أفادت به وسائل الإعلام الفلسطينية، وجاءت تلك العملية في وقت حساس للغاية في الحرب التي دخلت شهرها الثامن، حيث تنظر إسرائيل وحماس في مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المتبقين.
صفقة التبادل هي الحل
حققت إسرائيل في هذه العملية أكبر نجاح منذ بداية الحرب، حيث أعادت أربعة من بين حوالي 250 رهينة اعتقلتهم حماس في هجومها عبر الحدود في 7 أكتوبر العام الماضي، وقوبلت عملية الإنقاذ بسعادة بالغة في إسرائيل، واستغلت الحكومة الإسرائيلية هذا النجاح لتأكيد ضرورة العمليات العسكرية التي تقوم بها، وذلك على الرغْم من اعتراف المتحدث العسكري الإسرائيلي “دانيال هاغاري” بعدم جدواها؛ حيث أكد من قبل أن القوة العسكرية وحدها لن تكفي لإعادة جميع الرهائن وأن الصفقة هي الخيار الأمثل.
“ما سيجلب معظم الرهائن إلى بيوتهم على قيد الحياة هو صفقة”.
على الجانب الآخر جاءت تعليقات الصحفيين الإسرائيليين بعد تنفيذ تلك العملية لتؤكد أنها لم تحل المشكلة بالكامل، حيث لا يزال هناك ما يقرب من 80 رهينة محتجزين، بالإضافة إلى جثث أكثر من 40 تم قتلهم خلال الغارات الإسرائيلية على غزة، وفي إطار ذلك وصف الصحفي الإسرائيلي ناحوم بارنيا في مقالة له عبر صحيفة يدعوت أحرونوت، كل من يعتقد أن عملية تحرير الرهائن تجعل إسرائيل ليست بحاجة إلى إبرام صفقة تبادل بأنه يعيش في خيال.
“إذا كان أي شخص يعتقد أن عملية الإنقاذ أمس تغني الحكومة عن الحاجة إلى إبرام صفقة، فهو يعيش في خيال، هناك أناس بحاجة إلى النجاة، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل”.
كما وصف صحفي آخر بجريدة معاريف الإسرائيلية تلك العملية بأنها انتصار تكتيكي فقط ولكنه لم يغير من الوضع الاستراتيجي لإسرائيل.
“النجاح في تحرير أربعة رهائن هو انتصار تكتيكي رائع لم يغير وضعنا الاستراتيجي المؤسف”.
لماذا صفقة التبادل هي الحل الأمثل لإسرائيل؟
منذ بداية الحرب، تم إطلاق سراح ثلاثة رهائن آخرين فقط بالقوة العسكرية، بينما قُتِل ثلاثة آخرين خطًأ من قبل القوات الإسرائيلية بعد أن هربوا بأنفسهم، وتقول حماس أن آخرين قد قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية، وعلى الجانب الآخر نجد أن فترة الهدنة التي تم الاتفاق عليها لمدة أسبوع العام الماضي شهدت وقف إطلاق النار مع إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة مقابل الإفراج عن مجموعة من الفلسطينيين المعتقلين بالسجون الإسرائيلية، لذا أدت عملية تحرير الرهائن إلى زيادة الدعوات داخل إسرائيل لإبرام صفقة تبادل مشابهة لتلك التي تمت العام الماضي.
تأثير عملية تحرير الرهائن على مفاوضات التهدئة
فقد كانت عملية تحرير الرهائن الأربعة تذكيرًا للإسرائيليين بوجود رهائن آخرين لا يزالون محتجزين في ظروف قاسية، في حين فقدت حماس أربعة رهائن كان من الممكن استخدامهم أوراق مساومة، لذا فالطرفان يواجهان ضغوطًا متجددة للتوصل إلى اتفاق، لكن من غير المرجح أن تتكرر هذه العملية الإنقاذية المعقدة على نطاق واسع لإعادة جميع الرهائن المتبقين، وقد يلجأ الطرفان إلى التمسك بمواقفهما كما فعلا على مدار أشهر من المفاوضات غير المباشرة بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر؛ حيث تصر حماس على إنهاء الحرب كجزء من أي اتفاق، بينما تؤكد إسرائيل التزامها بتدمير حماس.
هل فقدت حماس أوراق الضغط على إسرائيل؟
في السياق ذاته تواجه حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” مرحلة صعبة في صراعها مع إسرائيل، بعد أن خسرت بعض أوراق المساومة الهامة التي كانت تأمل في استخدامها للضغط على إسرائيل والحصول على تنازلات مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بارزين؛ حيث فقدت حماس في تلك العملية أربعة أوراق مساومة ثمينة كانت تعتبرها ذخيرة قوية في المفاوضات مع إسرائيل، الأهم بينهم المواطنة نوا أرغاماني التي اشتهرت بمقطع فيديو يظهرها وهي تتوسل لحياتها أثناء اختطافها من قبل حماس على متن دراجة نارية، لقد كانت خسارة أرغامني ضربة موجعة لحماس كونها أحد الأسماء البارزة التي كانت تعتمد عليها في المساومات.
يبدو أن عملية الإنقاذ الإسرائيلية الأخيرة من غزة فتحت بابًا جديدًا في مفاوضات وقف إطلاق النار، لكنها لم تُغير التحديات الأساسية التي تواجه كلا الطرفين، بينما تسعى إسرائيل لتعزيز صورتها الأمنية واستعادة الرهائن، تجد حماس نفسها في موقف صعب بعد فقدان أوراق تفاوض هامة، ومن المتوقع أن تستمر الضغوط الدولية والمحلية على الطرفين للتوصل إلى اتفاق نهائي ينهي الحرب ويضمن سلامة الرهائن.
تليجرام فيسبوك الاتصال بنا من نحن الخصوصية فريق العمل حقوق الملكية EN