مصر واستراتيجية النفس الطويل: كيف تواجه التحديات الإقليمية بحكمة؟

تتبع مصر سياسة النفس الطويل في التعامل مع التحديات الإقليمية، وخاصة فيما يتعلق بقضية سد النهضة الإثيوبي، التي تمثل جزءًا من مخطط أوسع يهدف إلى استدراج مصر إلى مواجهة عسكرية قد تستنزف قدراتها وتضر بمصالحها الاستراتيجية. ورغم الاستفزازات المستمرة، تواصل الدولة المصرية اتباع نهج متوازن يقوم على تطويق إثيوبيا دبلوماسيًا وتنمويًا، من خلال تعزيز علاقاتها مع دول حوض النيل، مثل السودان، وجيبوتي، وإريتريا، والصومال، وتنفيذ مشروعات تنموية، من بينها بناء السد التنزاني، إلى جانب دعم وتأهيل الجيوش الوطنية في الدول الصديقة.

إحباط المخططات الإقليمية

لعبت الأجهزة السيادية المصرية دورًا بارزًا في الحفاظ على الأمن القومي، ليس فقط داخل مصر، بل في مناطق عدة، من بينها ليبيا، حيث ساعدت في إعادة تأهيل جهاز المخابرات الليبي، وفي السودان من خلال دعم الاقتصاد وتوريد الاحتياجات الأساسية. كما أسهمت في إحباط محاولات انقلابية، مثل تلك التي جرت في الكويت مؤخرًا، إضافة إلى إفشال محاولة انقلاب عسكري في الكونغو الديمقراطية، حيث قُبض على عناصر متورطة، من بينهم أجانب.

ربط نهر الكونغو بالنيل: مشروع استراتيجي يثير القلق الدولي

ضمن خططها المستقبلية لتعزيز أمنها المائي، تناقش مصر حاليًا مع الصين وروسيا تمويل مشروع ضخم لربط نهر الكونغو بنهر النيل، وهو ما سيجعله أطول نهر في العالم. تبلغ التكلفة المبدئية للمشروع نحو 24 مليار دولار، وهو ما يجعله هدفًا لمحاولات عرقلة دولية، خاصة من قِبل قوى غربية ترى في تحقيق مصر لهذا الإنجاز تهديدًا لمصالحها في المنطقة.

مصر والسياسة الإقليمية: الحضور القوي في الملفات العربية

لم تقتصر التحركات المصرية على أفريقيا فحسب، بل شملت أيضًا قضايا الشرق الأوسط، حيث أكدت مصر رفضها القاطع لاحتلال سوريا من قبل أي قوى أجنبية، مشيرة إلى أنها لن تسمح بتغيير خريطة المنطقة بما يخدم مصالح أطراف خارجية. وقد جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته إلى إسبانيا لتؤكد هذا الموقف بوضوح، ما دفع بعض القوى الغربية إلى إعادة النظر في حساباتها بشأن مستقبل سوريا وإعادة إعمارها.

استراتيجية متكاملة للحفاظ على المصالح المصرية

تعتمد مصر في سياستها الإقليمية على رؤية شاملة تجمع بين الدبلوماسية الذكية، والتنمية المستدامة، والتدخل غير المباشر لحماية أمنها القومي. فرغم محاولات الاستفزاز، لا تنجرف مصر إلى صراعات عسكرية غير محسوبة، بل تواصل تعزيز نفوذها عبر بناء الشراكات الاقتصادية، ودعم الدول الصديقة، وتقوية جيوشها الوطنية، ما يجعلها لاعبًا أساسيًا في رسم مستقبل المنطقة.

وفي ظل هذه التحركات، يبقى السؤال: إلى أي مدى ستنجح مصر في تحقيق أهدافها وسط التحديات الدولية والإقليمية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2025 لشركة نجوم مصرية®،جميع الحقوق محفوظة.