عقدت محكمة الاستئناف في طرابلس العاصمة الليبية جلسة يوم الاثنين للنظر في قضية عبدالله السنوسي، مدير جهاز الاستخبارات في النظام السابق، والذي وجهت إليه تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الثورة الليبية.
وقد تأجلت المحاكمة لأكثر من عشر مرات سابقًا وأثارت اتهامات من فريق دفاع السنوسي بأن السلطات المسؤولة تعمدت عدم إحضاره إلى الجلسات لتمديد فترة المحاكمة، وفي المقابل أكد النائب العام بأن سير المحاكمة كان طبيعيًا.
ويُذكر أن السنوسي الذي كان الرجل الثاني في نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كان محتجزًا في سجن بطرابلس منذ عام 2012 بتهمة قتل المتظاهرين خلال الثورة الليبية التي أطاحت بنظام القذافي.
عبدالله السنوسي كان رئيس المخابرات الليبية السابق وكان قريبًا جدًا من القذافي ونجله سيف الإسلام القذافي.
وقد ولد السنوسي في عائلة متواضعة وتزوج من شقيقة زوجة القذافي في سبعينيات القرن الماضي، وهذا الزواج ساهم في اقترابه من النخبة الحاكمة، وقد تولى العديد من المناصب بما في ذلك نائب رئيس منظمة الأمن الخارجي.
ووفقًا لوثائق تسربت من السفارة الأمريكية في طرابلس فإن السنوسي كان مستشارًا مقربًا من سيف الإسلام القذافي.
وكان السنوسي مطلوبًا للعدالة من قبل السلطات الفرنسية والمحكمة الجنائية الدولية.
وقد غادر ليبيا بعد سقوط القذافي وتم القبض عليه في عام 2012 عندما دخل موريتانيا قادمًا من المغرب بوثائق سفر مزورة.
وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارًا بالقبض على السنوسي والقذافي وسيف الإسلام في عام 2011 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد المتظاهرين في مدينة بنغازي في شرق ليبيا في بداية الثورة الليبية في فبراير 2011.
وعلى مر السنوات فقد أصرت الحكومات الليبية المتعاقبة على محاكمة السنوسي في ليبيا نفسها.
وفي عام 2013 فقد أعلنت المحكمة الجنائية الدولية بأن ليبيا تمتلك القدرة والاستعداد لمحاكمة السنوسي، وأنه لا حاجة لنقله إلى مقر المحكمة ليحاكم هناك.
وقد تمت محاكمة السنوسي مع 36 شخصًا آخرين ممن كانوا يشغلون مناصب بارزة في نظام القذافي، وقد صدر حكم بإعدامه بالرصاص في يوليو 2015، بجانب سيف الإسلام وسبعة آخرين من رموز النظام.
وعلى الرغم من تأكيد الحكومة الليبية على قدرتها على إجراء محاكمة عادلة، إلا أن العديد من الأشخاص يرون أن المحاكمة قد تأثرت بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد، وقد تميزت المحاكمة بعدم استدعاء الشهود أو تقديم الأدلة ومناقشتها في المحكمة.
ويذكر أن عبدالله السنوسي يُعتبر واحدًا من أبرز المتهمين في قضية (مجزرة سجن أبو سليم) التي وقعت في عام 1996، حيث قُتل أكثر من 1200 سجين في السجن الواقع في طرابلس.
ويُزعم أنه أمر الحراس بالوقوف على أسقف معلقة وقاموا بتصفية السجناء بإطلاق النار عليهم من الأعلى، وذلك بعد اندلاع أعمال شغب داخل السجن للمطالبة بتحسين الظروف الصحية وتوفير الطعام.
وتشير التقارير إلى أن بعض أجهزة المخابرات العالمية كانت تعتقد أن معرفة السنوسي الوثيقة بنظام القذافي قد تساعد في كشف بعض أبشع أعماله.
ومع ذلك وفقًا لوزير العدل الليبي السابق صلاح المرغني الذي كان في منصبه أثناء بدء المحاكمة، فإن (الليبيين حرموا من معرفة الحقيقة من خلال محاكمة عادلة لنظام قمعي شديد).
وقد تم نقل السنوسي من موريتانيا إلى ليبيا في عام 2012 ولم يكن لديه الحرية في السفر بسبب حكم غيابي صادر ضده في فرنسا عام 1999.
ويتهم السنوسي بالتورط في تفجير طائرة ركاب فرنسية في عام 1989 حيث قتل 170 شخصًا، بما في ذلك العديد من الفرنسيين.
وتوجد أيضًا اعتقادات بأن السنوسي يمتلك معلومات قد تساعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في معرفة حقائق متعلقة بحادث لوكربي في عام 1988، حيث انفجرت طائرة أميركية فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا وقتل 270 شخصًا.
ويُشتبه في أن السنوسي كان واحدًا من المشتبه بهم في هذا الحادث، وتم طلب استجوابه من قبل المحققين الأسكتلنديين في طرابلس.
ويُعتقد أن السنوسي وعبدالباسط المقرحي، الشخص الوحيد الذي تم إدانته في قضية لوكربي والذي توفي في عام 2012، قد ساعدا في تنفيذ الهجوم، وكلاهما من أبناء قبيلة المقارحة وهي إحدى أكبر القبائل في ليبيا.
ووفقًا للمعلومات المتاحة يُشتبه في أن السنوسي يمتلك معلومات حول اختطاف واغتيال ليبيين في أوروبا وخارجها أثناء فترة حكم القذافي، كما يُعتقد أنه يتمتع بمعرفة تفصيلية بشأن عمليات تمويل المنظمات المسلحة ولاسيما في إفريقيا.
وقد تداولت الشائعات أيضًا بأن السنوسي كان يشرف على بناء مفاعل نووي في الصحراء الجنوبية لليبيا، ولكن لم يتم الكشف عن موقعه بشكل رسمي.
وقد تم تصنيف السنوسي كأحد المسؤولين الليبيين الذين تجمدت أموالهم بموجب القانون الأميركي، والذين تمت مصادرتها من قبل وزارة الخزانة الأميركية، ويُزعم أن للسنوسي مصالح مالية متعددة على غرار العديد من النخب السياسية في ليبيا.
وهناك تقارير تشير إلى أن السنوسي يعاني من حالة صحية سيئة، وقد تدهورت حالته وفقًا لعائلته نتيجة لعودة نشاط الخلايا السرطانية في الكبد، والتي تمت إزالتها سابقًا من خلال جلسات علاج كيميائي، ويعاني من نقص في الرعاية الصحية والعلاج الملائم داخل السجن، بالإضافة إلى حظر الزيارات.
أود التعرف اكثر على منشورات الأستاذ عبد الرحمن عياد