كتبت الصحفية والمؤرخة، جيمي ستيهيم، مقالا بموقع “the advertiser-tribune” تحت عنوان “مع ترامب.. ضاع المعنى”، وذكرت أنها كانت في مبنى الكابيتول التي وصفته بالمعبد المقدس للديمقراطية عندما أظلمت الديمقراطية بسبب هجوم مميت شنته مجموعة من الغوغاء وأصابت 140 ضابطا من الشرطة الأميركية في مؤامرة من الرئيس الخاسر لإلغاء نتيجة الانتخابات، وكان ذلك في 6 يناير 2021.
وقالت ستيهيم أن هذا اليوم المأساوي محفور في ذاكرتها، وأشارت ساخرة “كان ذلك أفضل يوم في حياة الرئيس المنتخب دونالد ترامب: حجم الحشد، ونسبة المشاهدة على شاشات التلفزيون، والحصار، وكل هذا لمدة 3 ساعات”.
ووصفت الصحفية الأميركية كتابتها للمقال بأنها تحاول أن ترمي حجارة في نهر التاريخ، وأن الحاضر يذكرها بنهاية عصر إعادة الإعمار عندما ضاع معنى الحرب الأهلية في عاصفة من العفو الرئاسي ولكن ذاكرة الأميركيين قصيرة.
بعد مرور 4 سنوات، وبدلا من مواجهة الجريمة والعقاب لمن ارتكبوها، عاد ترامب ليحتفل على نفس الأرض وليعيد صياغة يوم العار (6 يناير) إلى يوم المجد، لقد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” كيف قلب ترامب السيناريو وجعل من السادس من يناير مكسبا له.
ربما كان سفك الدماء أسوأ بكثير
ووصفت ستيهيم أحداث السادس من يناير 2021، وكيف تم اقتحام أبواب ونوافذ مبنى الكابيتول، ومحاصرة الشرفة الرخامية، وأنها كانت تسمع أصوات إطلاق النار وتحطيم الزجاج، وقالت أنها ومن معها كانوا محظوظين لأنهم لم يقتحموا مجلس النواب ونجحت هي ومن معها في الهروب عبر ممر سري إلى داخل المبنى المغلق.
إن يوم السادس من يناير لم يتم اختياره بالصدفة، فقد كان اليوم الذي سيصادق فيه الكونجرس على نتيجة الانتخابات، وكان ترامب ومستشاروه والثلاثون ألف شخص الذين حضروا بدعوته يعرفون أن مجلس النواب ومجلس الشيوخ سيكونان هدفين سهلين وأسرى في قاعات الكابيتول.، وربما كان سفك الدماء أسوأ بكثير، لم يسبق لرئيس أن حرض على العنف ضد الحكومة.
لقد كان لدى حشد ترامب في ذلك اليوم قائمة بالأشخاص الذين يريدون قتلهم، لقد كان متعطشا للانتقام، حتى نائب رئيس الولايات المتحدة، مايك بنس، لقد قاوم الضغوط للموافقة على الخطة، فإنه ليس من قبيل الصدفة أن “الانتقام” هو عقوبة لمعارضيه السياسيين، هذا وعد ترامب وأطلقه في حملته الانتخابية.
ترامب يشبه أندرو جونسون
إن ترامب يعني ما يقوله، فهو لا يتمتع بالسخرية، ولا بروح الدعابة، كما أنه لا يسخر من نفسه، إنه حرفي تماما، ومن المؤسف أننا فشلنا في أخذ ثرثراته على محمل الجد.
وعند المقارنة، فإن ترامب يشبه أندرو جونسون من بين جميع الرؤساء وليس أندرو جاكسون، حيث كان جونسون عاصفة من الغضب، وكان بالكاد يعرف القراءة والكتابة، كان جونسون يعمل خياطا، وتم عزله من منصبه كنائب خلال فترة ولايته الوحيدة (1865-1869) كرئيس للولايات المتحدة، وكان الرئيس ابراهام لينكولن قد عينه نائبا له قبل اغتياله حيث كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية تينيسي.
واستطرد كاتبتنا الصحفية قائلة أن أسوأ خطأ ارتكبه لينكولن هو تعيين الخياط نائبا له، لكنه لم يعش كثيرا ليرى كل الضرر الذي أحدثه جونسون.
سياسة لينكولن
شرحت الكاتبة سياسة لينكولن كي توضح للقارئ مثال ترامب وبايدن، فلقد كانت سياسة لينكولن هي أن يقوم القادة السياسيون والعسكريون الكونفيدراليون-النخبة- بعد الحرب بأداء قسم الولاء قبل إعادة قبول ولايات مختلفة في الاتحاد، وإن عملية نزع سلاح هيكل السلطة سوف تستغرق بعض الوقت الحقيقي، ثم أضاف الكونجرس إليها المزيد من القوة، وسوف يتمركز جنود الاتحاد في الولايات الجنوبية لفرض النظام وحماية السود المحررين من العنف.
وهذا الإعمار الذي فعله لينكولن يشبه رئاسة بايدن بعد الفوضى الطبية والسياسية والاقتصادية التي عانى منها ترامب، لقد حرر لينكولين الملايين من العبيد، ولكن مصيرهم بعد نهاية الحرب 1865 كان مهمة سياسية صعبة ودقيقة، وهو الوحيد الذي كان قادرا على حلها لكنه قتل 1865.
القاتل من بلدة جونسون
الشاهد هو أن زعيم العنصرية البيضاء، القاتل كلو كلوكس كلان، ولد في تينيسي عام 1865، مسقط رأس جونسون، وسرعان ما أصبحت “الرموز السوداء” في الجنوب بمثابة مقدمة لقوانين الفصل العنصري وقمع الناخبين.
وعلى الرغم من أنه لم يتم غزو الجنوب القديم حقا، وخاصة مع وجود متعاطف جنوبي في البيت الأبيض، إلا أنه قد حصل عفو وليس محاكمة بتهمة الخيانة، لروبرت إي لي، رمز التمرد العنيد، كما عارض جونسون خطة إعادة الإعمار.
وبناء على ما سبق، فقد دخل المؤمنون المخلصون بـ “القضية الخاسرة” للحرب ضد العبودية عصر الاستعادة، وبحلول ربيع عام 1866، منحت إدارة جونسون العفو لـ 7000 من الكونفيدراليين السابقين.
وترتب على جميع ما سبق، أن واجه الرئيس التالي، يوليسيس جرانت، العنف العنصري الذي مارسه الكو كلوكس كلان، بحسب ما أثبت المؤرخ فيرجوس بوردويتش، ولكن جاءت الصفقة القذرة التي أبرمت أثناء انتخابات عام 1876، حيث لم يعد روثرفورد هايز، رئيسا من أوهايو إلا إذا انتهت إعادة الإعمار في الولايات الجنوبية.. إن سلسلة العفو قد تكشف الحقيقة آنذاك والآن.