السعودية تمدد الخفض الطوعي لإنتاج النفط: خطوة حكيمة أم مغامرة خطيرة؟

النفط هو أحد أهم الموارد الطبيعية في العالم، والذي يلعب دورًا حيويًا في تشغيل العديد من القطاعات الاقتصادية والصناعية والتنموية، ولكن سوق النفط هي سوق معقدة ومتغيرة، تتأثر بعوامل عديدة، مثل العرض والطلب، والسياسات والاتفاقات، والأحداث والأزمات، ولذلك، فإن المنتجين والمستهلكين للنفط يحتاجون إلى متابعة وتحليل تطورات السوق، واتخاذ القرارات المناسبة لمصالحهم.

وقررت السعودية تمديد الخفض الطوعي البالغ مليون برميل نفط يوميًا لنهاية الربع الأول من 2024.

الخفض الطوعي لإنتاج النفط هو قرار يتخذه بعض المنتجين من دول أوبك بلس، وهي مجموعة تضم 23 دولة منتجة للنفط، بتقليص إنتاجهم اليومي من النفط الخام، بمقدار أكبر من الحصة المحددة لهم في اتفاق أوبك بلس، وذلك لمواجهة تخمة المعروض وضعف الطلب على النفط في السوق العالمي، والتي تنجم عن عوامل مختلفة، مثل جائحة كورونا، أو الحروب، أو الأزمات الاقتصادية.

ما هو اتفاق أوبك بلس؟

اتفاق أوبك بلس هو اتفاق تاريخي، تم التوصل إليه في شهر أبريل من عام 2020م، بين دول أوبك، وهي منظمة تضم 13 دولة منتجة للنفط، و10 دول أخرى غير أعضاء في المنظمة، وهي روسيا، والمكسيك، وكازاخستان، وأذربيجان، والبحرين، وسلطنة عمان، والسودان، وجنوب السودان، وغينيا الاستوائية، وبروندي، ويهدف الاتفاق إلى خفض إنتاج النفط الخام بمقدار 9.7 مليون برميل يوميًا، في الفترة من مايو إلى يونيو 2020م، ثم تدريجيًا إلى 7.7 مليون برميل يوميًا، في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2020م، ثم إلى 5.8 مليون برميل يوميًا، في الفترة من يناير 2021م إلى أبريل 2022م. ويتم توزيع هذه الكميات على الدول المشاركة في الاتفاق، بناء على مستويات إنتاجها الأساسية، والتي تم تحديدها في شهر أكتوبر من عام 2018م.

ما هي أهمية الخفض الطوعي لإنتاج النفط؟

الخفض الطوعي لإنتاج النفط يعتبر إجراء استثنائي ومؤقت، يهدف إلى مساعدة السوق على التعافي من الصدمة التي تعرضت لها بسبب جائحة كورونا، والتي أدت إلى انخفاض حاد في الطلب على النفط، وتراجع كبير في أسعاره، وتراكم كبير في المخزونات العالمية، ويساهم الخفض الطوعي في تقليل فائض العرض عن الطلب، وبالتالي في رفع أسعار النفط، وتحسين دخل المنتجين، وتشجيع الاستثمارات في قطاع الطاقة، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي.

ما هو دور المملكة العربية السعودية في الخفض الطوعي لإنتاج النفط؟

المملكة العربية السعودية هي أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، وأكبر مساهم في اتفاق أوبك بلس، حيث تبلغ حصتها في الخفض 2.5 مليون برميل يوميًا. ولكن المملكة لم تكتف بذلك، بل قررت تطوعًا خفض إنتاجها بمقدار إضافي، يصل إلى مليون برميل يوميًا، في شهر يوليو 2023م، وتمديد هذا الخفض حتى نهاية الربع الأول من عام 2024م، بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في الاتفاق، وبذلك تكون المملكة قد خفضت إنتاجها بمقدار 3.5 مليون برميل يوميًا، ما يعادل 35% من إنتاجها الأساسي، وهو ما يمثل تضحية كبيرة من أجل دعم استقرار السوق وتوازنها.

ما هي الآثار المتوقعة لتمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط؟

تمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط يعتبر قرار حكيم ومناسب للظروف الحالية، التي تشهد تحسن تدريجي في الطلب على النفط، ولكنها لا تزال غير مستقرة ومتقلبة، بسبب استمرار تفشي جائحة كورونا، وظهور سلالات جديدة من الفيروس، وتباين سرعة التطعيم بين الدول، والتوترات الجيوسياسية والتجارية، ويتوقع أن يساهم تمديد الخفض الطوعي في:

  • الحفاظ على مستويات مرتفعة من الامتثال للاتفاق، والتي بلغت 115% في شهر أكتوبر 2023م.
  • الحد من زيادة المعروض في السوق، والتي كانت متوقعة في الربع الأول من عام 2024م، بسبب زيادة الحصص المحددة للدول المشاركة في الاتفاق، وزيادة الإنتاج من الدول غير الملتزمة بالاتفاق، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا ونورويجا.
  • الدعم لأسعار النفط، والتي بلغت 85 دولارًا للبرميل في نهاية شهر نوفمبر 2023م، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2014م.
  • تحسين دخل المنتجين من النفط، والذين يعانون من عجز في موازناتهم بسبب انخفاض الأسعار في السنوات السابقة، وتعزيز قدرتهم على الاستثمار في تطوير وتوسيع قطاع الطاقة، وتنويع مصادر دخلهم.
  • تشجيع الاستهلاك العالمي للنفط، والذي يتوقع أن ينمو بمعدل 4.5% في عام 2024م، مقارنة بعام 2023م، بفضل التعافي الاقتصادي من آثار جائحة كورونا، وزيادة الطلب من الدول النامية، وخاصة الصين والهند، وتحسن النقل الجوي والبري والبحري.
  • المساهمة في تحقيق الأهداف البيئية والمناخية، والتي تتطلب تقليل الانبعاثات الغازية من استخدام الوقود الأحفوري، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، وتعزيز كفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها.

قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2025 لشركة نجوم مصرية®،جميع الحقوق محفوظة.