من هم الكنعانيون

عندما حكم الفراعنة مصر وشيَّد الإغريق القدماء مدنهم الأولى، سيطر شعب غامض يُعرف بإسم الكنعانيون على الشرق الأدنى منذ حوالي 4000 عام، حيث قاموا ببناء مدنهم عبر بلاد الشام، والتي كانت تضم لبنان والأردن وفلسطين وجزءًا من سوريا الحالية، ومع ذلك لم يترك الكنعانيون أي سجلات مكتوبة عنهم على قيد الحياة، وقد تحدَّثت إحدى المصادر عنهم، وكانت تقول أنهم من العهد القديم للكتاب المقدَّس.

أشارت السجلات إلى النهاية المروِّعة للكنعانيين، وذلك بعد خروج بني إسرائيل من مصر، وهم من أمرهم الله بتدمير كنعان وشعبها. بالرغم من بعض السجلَّات الأخرى التي تُشير إلى أن بعض الكنعانيون قد نجوا، حيث تُشير البيانات الأثرية إلى أنه لم يتم تدمير المدن الكنعانية أو هجرها، ويُشير الحمض النووي الذي تمت إستعادته من خمسة هياكل عضمية كنعانية إلى أن هؤلاء هم الأشخاص الذين نجوا من أجل المساهمة بجيناتهم في ملايين الأشخاص الذين يعيشون اليوم.

تاريخ الكنعانيون

جاء أول ذكر لا جدال فيه للكنعانيون من أجزاء رسالة تم العثور عليها في موقع ماري، وهي أحد حضارة المماليك في سوريا في العصر الحديث، حيث يعود تاريخ هذه الرسالة إلى حوالي 3800 عام، وكانت موجهة إلى ملكة ماري “ياسمة آداد” التي تقول: “إن اللصوص والكنعانيون موجودون في بلدة تُسمى رحيصوم”، وأشار الجزء المُتبقي من الرسالة إلى أن هناك صراع أو إضطراب يحدث في المدينة.

يرجع تاريخ النص المبكِّر الذي يتحدث عن الأشخاص الذين عاشوا في كنعان إلى حوالي 3500 عام، وقد كُتب على تمثال لـ “إدريمي”، وهو ملك قد حكم مدينة تُسمى “العلاخ” في تركيا الحديثة. يقول إدريمي انه في مرحلة ما قد اُجبِر على الفرار إلى مدينة تُسمى “عمية” في “كنعان”، ولكن لم يصف إدريمي الأشخاص في عمية بـ “الكنعانيون”، بل كان يسميهم مجموعة متنوعة من الأراضي المختلفة، ومن هذه الأراضي “حلب” و”عمية” و”آلالاخ”،. يدَّعي إدريمي أنه كان قادراً على حشد الدعم في العامية، وأن يصبح ملكًا لمدينة الآلاخ.

الرسائل الكنعانية

تأتي مجموعة من النصوص التي تذكر كنعان من موقع العمارنة في مصر، حيث تم بناء العمارنة كعاصمة لمصر من قِبل الفرعون إخناتون، وهو الذي حكم منذ عام 1335 وحتى عام 1353 قبل الميلاد، وهو الحاكم الذي حاول تركيز الدين الشركي في مصر حول عبادة “آتون”، كما تُظهِر الرسائل أنه كان هناك عدة ملوك في كنعان، وتمت كتابة جواز سفر دبلوماسي من قِبل توشراتا، وهو ملك ميتاني (مملكة تقع في شمال سوريا)، وهو أحد “ملوك أرض كنعان”، حيث أمر بالسماح لرسوله “أكيا” بالمرور بأمان إلى مصر، وقد حذّر ملوك كنعان بأن لا يعتقله أحد.

أظهرت الخطابات أن مصر كانت تتمتع بسلطة كبيرة على الملوك الكنعانيين، ومن إحدى الرسائل التي كتبها ملك بابل “بورنا بورياش الثاني”، والتي كانت تشكو من مقتل التجار البابليين في كنعان، كما ذكر فرعون مصر أن “أرض كنعان هي أرضك وملوكها هم خدمتك”.

ماذا يعني إسم كنعان

يعود أصل إسم كنعان إلى أرض إسرائيل، وقد جاء هذا الإسم من العديد من النصوص القديمة (من بينها الكتاب المقدس)، ولا يوجد أي إجماع علمي يكشف عن المكان الذي نشأ فيه الإسم. وفقًا للكتاب المقدس فقد سُميت الأرض بإسم رجل يُدعى كنعان، وهو حفيد النبي نوح، وتستشهد نظريات أخرى أن إسم كنعان مُستمد من اللغة الهوريانية لـ “الأرجواني”، وقد عرّف الإغريق الكنعانيين بـ ” الفينيقيون ” (اليونانيون لـ “الأرجواني”)، كما عمل الفينيقيون في صبغة أرجوانية، ولهذا السبب قد اُطلِق على الإغريق “الناس الأرجوانيين”، ويُعرف هذا التفسير أنه الأكثر إحتمالاً أن الإسم قد جاء من فعل جذر العبرية كانا، والتي تُشير إلى الترتيب من الفوضى أو المزج أو الوجود المتزامن.

الدين الكنعاني

يصف الدين الكنعاني أنظمة المعتقدات والممارسات الطقسية للأشخاص الذين كانوا يعيشون في منطقة بلاد الشام القديمة طوال العصر البرونزي والعصر الحديدي، ولم يعرف سوى القليل من الأشخاص عن هذه التقاليد خارج الكتاب المقدس العبري حتى وقت قريب، حيث أن بعض هذه الطقوس قد شوَّهت من الكتاب المُقدس، وقد تم إعتبارها عبادة وثنية، وإكتَشَفَت الحفريات الأثرية العديد من النصوص في القرن العشرين، بالإضافة إلى العديد من القطع الأثرية التي قدمت تفاصيل غير معروفة سابقًا، ورؤى ثاقبة لطبيعة الدين الكنعاني.

على الرغم من أن المصادر الأدبية لا تزال شحيحة، فقد بدت الديانة الكنعانية أنها تضمنت بعض التقاليد الأسطورية الغنية، والتي كانت بمثابة جسر بين الديانات القديمة في بلاد ما بين النهرين، والآلهة اليونانية والرومانية اللاحقة، وكان المجتمع الكنعاني مهتمًا إلى حد كبير بالمواضيع الزراعية، وذلك نظرًا لكونها مجففة للأرض التي تنعم بالأنهار الكبيرة، حيث كانت التقاليد الكنعانية تهتم بالأمطار والجفاف بشكل خاص.

كانت الديانة الكنعانية العٌليا كما هو الحال مع التقاليد اليونانية، حيث إستُبدلت هذه الآلهة المبكرة لاحقًا بحضور الأصغر والأكثر إلحاحًا، وخاصةً إله المطر أو الرعد بعلو وزملائه، مثل آلهة المحارب عنات وآلهة الحب / الخصوبة أستارتي (عشتروت)، وربما كان الدين الإسرائيلي المبكّر قد شارك ذات مرة في الإيمان الكنعاني بأيل وسائر الآلهة، وقبل ظهور التقليد والتوحيد اليهودي.

العبرية والكتاب المقدس

تم ذكر الكنعانيون في الكثير من الأحيان في الكتاب المقدس العبري، وتقول القصص أن الله قد وعد بإعطاء أرض الكنعانيون إلى بني إسرائيل بعد فرارهم من مصر، حيث تقول القصص الواردة في الكتاب المقدس العبري أنه بعد أن هرب الإسرائيليون من مصر خاضوا سلسلة من الحروب ضد الكنعانيين، مما أدى إلى سيطرة الإسرائيليين على معظم أراضي كنعان، وتقول القصص أن هؤلاء الكنعانيين الذين نجوا إضطروا إلى العمل القسري. بالإضافة إلى ذلك أيضًا فإن هذه الأرض التي تم فتحها قد تم دمجها في مملكة إسرائيلية قوية، ثم إنفصلت في النهاية إلى قسمين.

المصادر

  1. الحمض النووي القديم يكشف عن مصير الكنعانيين الغامضين – إطّلع عليه بتاريخ 06/07/2022.
  2. من هم الكنعانيون – إطّلع عليه بتاريخ 06/07/2022.
  3. كنعان – إطّلع عليه بتاريخ 06/07/2022.
  4. الدين الكنعاني – إطّلع عليه بتاريخ 06/07/2022.

قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد