قصف عنيف ومكثف للأرض من اشعة كونية غامضة في القرن الثامن الميلادى

اكد العلماء،ان كوكب الأرض تعرض منذ زمن بعيد إلى قصف عنيف ومكثف من اشعة كونية غامضة مجهولة المصدر،وقد وجد العلماء الدلائل على حدوث هذه الظاهرة في حلقات جذوع الأشجار القديمة.

وقد وجد العلماء،دلائل على موجات اشعاعات كونية قوية ومركزة،كانت قد قصفت الأرض منذ أكثر من الف عام،في اواخر القرن الثامن الميلادى..الثانى الهجرى،فلسبب ما ومن مصدر مجهول قصفت موجات اشعاعية وجزيئات مشحونة بالطاقة الأرض قادمة من الفضاء.

الدلائل على هذه الاشعاعات الغامضة حفظت كبصمة الاصبع في حلقات جذوع الأشجار في تلك الحقبة،وقد تم العثور عليها الآن من قبل علماء يابانيين،ويقول العلماء،ان هذه الاشعاعات كفيلة بتعطيل الأقمار الصناعية واجهزة الاتصال والكمبيوتر لو حدثت اليوم،وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة الطبيعة العلمية.

ويعتقد العلماء انه منذ حوإلى 1245 عام، وقع حادث كونى كبير في منطقتنا في الفضاء،مما تسبب في تعرض الأرض لقصف عنيف من الأشعة الكونية بكثافة عالية جداً،وقد قامت الطبيعة بدورها في توثيق هذا الحدث، وحفظت اثار تلك الاشعاعات في حلقات جذوع الأشجار،في مختلف انحاء الكوكب.

وكما هو معروف،ان الأرض تتعرض طوال الوقت إلى الكثير من الاشعاعات الكونية من مصادر كونية مختلفة،كالمستعرات العظمى أو النجوم المنفجرة سوبر نوفا،والكوزارات أو النجوم النابضة البعيدة،والشمس،النجوم النيترونية،وتنتشر في كافة الاتجاهات في الفضاء بسرعات خيالية مماثلة لسرعة الضوء تقريباً،الا انه من النادر جداً أن تتعرض الأرض لقصف عنيف بهذه الكثافة.

بدأت القصة في جامعة ناغويا باليابان،حيث وجد فريق من الباحثين،معدل مرتفع من الكربون 14 وهو النظير المشع للكربون،في اثنين من حلقات اشجار الأرز اليابانية القديمة،على مدى السنوات،774، 775 ميلادى،157-158 هجرى،وهذا يعنى أن كوكب الأرض تعرض في تلك الفترة إلى قصف مكثف وعنيف ومستمر من الأشعة الكونية الغامضة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد،بل وجد علماء اخرون من جامعة كوينز بلفاست البريطانية،معدلات مرتفعة جداً للكربون 14 في حلقات الأشجار التي تعود إلى تلك الحقبة ايضاً،مما جعل العلماء يؤكدون على وقوع حدث كونى ضخم تسبب في هذه الاشعاعات،ويعتقد العلماءان هذا الحدث وقع حوإلى عام 770 ميلادى،152 هجرى.

اما في القارة القطبية الجنوبية فقد وجدت ايضاً نسبة مرتفعة جداً من مادة بريليوم 10 في الجليد،وتتكون تلك المادة عندما تصطدم اشعاعات مكثفة ومشحونة بالطاقة بذررات طبقات الغلاف الجوى العليا،وهو ما يرجح أن انفجار كبير من الطاقة ضرب الأرض من الفضاء في الماضى البعيد.

الكربون المشع أو الكربون 14 يتكون بواسطة الاشعة الكونية،عندما تتصادم الجزيئات المشحونة بالطاقة مع الغلاف الجوى للأرض،حيث تتفاعل مع النيتروجين والأكسجين،وبدورها تخلق جزيئات جديدة لعناصر جديدة من بينها الكربون 14،وتقوم المحيطات والبحار والجليد والتربة والأشجار بامتصاص هذه الجزيئات،وتظل هذه الجزيئات محفوظة في حلقات النمو السنوية للأشجار،حيث يظل ثابتا فيها لا يمحى مع مرور الزمن.

وعن طريق هذه البصمة الموثقة على مر الزمان،يمكن للعلماء التعرف على مثل هذه الأحداث الكونية الكبيرة،وقد وجد العلماء اليبانيين أن نسبة الكربون 14 في حلقات الاشجار التى تعود إلى عامى 774و 775،كبيرة جدا، حيث بلغت 1.2%،هذه النسبة قد تبدو ضئيلة في نظرك،لكن لك أن تعرف أن نسبة الكربون 14 السنوية التي تتكون بشكل طبيعي في حلقات جذوع الأشجار هى 0.05% فقط،وبالتإلى فإن النسبة التى حصل عليها العلماء كبيرة جدا،وهو ما يؤكد تعرض الأرض لقصف عنيف ومكثف من الاشعة الكونية مجهولةالمصدر.

وعلى الفور تسائل العلماء،عن مصدر تلك الاشعة وبدأو رحلة البحث عن الاجابات على اسئلتهم،وأول ما تبادر إلى ذهن العلماء،الشمس،فالنشاط الشمسى يصل إلى قمة ذروته كل 11 عام هى فترة الدورة المغناطيسية للشمس،ويمكن أن ينتج عن هذا النشاط اشعاعات قوية قد تصل إلى الأرض،لكن اذا كان هذا هو السبب،فلابد أن هذا النشاط الاشعاعى كان شديدا جداً بدرجة لا يمكن تصورها،ليترك مثل هذا الأثر.

الاحتمال الآخر،هو الموت لعنيف للنجوم أو السوبر نوفا،لكن هذا الاحتمال أيضاً لا يبدو منطقياً،فاذا كان كذلك، فلابد أن هذا السوبر نوفا ضخم جداً أو قريب جدا،ليترك هذه البصمة،كما ينبغى أن نرى سطوعه الآن من الأرض،لأن سطوع السوبر نوفا يظل مرئياً على مر الاف السنوات قبل أن يموت النجم تماماً.

الأبحاث الحديثة قادت العلماء إلى انه في تلك الفترة كان هناك اثنين من السوبر نوفا هما “Cassiopeia A” و” Vela Jr “،لكن قوتهم كانت قليلة لاحداث مثل هذه الزيادة المطردة في الكربون 14 على كوكب الأرض،لذلك مصدر هذا القصف الكونى لايزال لغزاً.

وقد اكد العلماء أن هذا القصف كان نشطاً وعنيفاً جداً،وربما حدث قريبا جداً من بيئتنا الفضائية،لكن لا يمكن تحديد مصدره،لذلك وجب على العلماء البحث أكثر ودراسة بعض العناصر الأخرى في التربة والجليد والاشجار مثل البريليوم، والغوص عميقاً في المحفوظات والمخطوطات القديمة التي تعود إلى تلك الفترة،لمعرفة ما إذا كان شخص ما في مكان ما،رأى ومضة غريبة في السماء وقام بتسجيل ذلك.

كما نشرت مجلة نيو ساينتست،ان العالم مايك بيلى، باحث في جامعة كوينز ويدرس حلقات جذوع الاشجار،وجد بالفعل نصف تاريخى لمؤرخ إنجليزي عاش في تلك الفترة ويدعى،روجر،من ويندوفر في بريطانيا،اشار إلى ظاهرة كونية حدثت في تلك الفترة،كتب روجر،”في عام 776 في ساسكس البريطانية،شوهد قصف نارى عنيف من السماء بعد حلول الليل،والثعابين،يقصد اصابع الطاقة،كانت تهبط من السماء إلى الأرض وكأنها تصعد من الأرض إلى السماء وسط ذهول الجميع”،لكن هذا السجل التاريخى لا يكفي بالنسبة للعلماء،لذلك بدأ العلماء العمل بجدية لمعرفة ما حدث للأرض في سبعينات القرن الثامن الميلادى،مابين عامى 770،775.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد