ما هي الوظيفة التي تحقق حلمك؟

جميعنا نسعى للعثور على وظيفة تتلاءم معنا وتحقق أحلامنا في الحياة، وفي ذات الوقت تكون ممتعة وغير مملة وذات معنى وهدف، ولكن ماذا عن الواقع الذي يدفعنا بعيدًا عن ذلك، ويركز البعض في الشغف بالوظيفة لتقييمها، وآخرين يقيمونها من خلال سهولتها وارتفاع أجرها، ولكن في حقيقة الأمر هناك ستة عوامل رئيسية يجب أن تكون في الوظيفة التي تحقق حلمك، وهي لا تتضمن كلاً من الشغف أو الدخل، وسوف نستعرضهم بهذا المقال.

المصدر: pexels.com

فشغفك يمكن أن يضللك ويخطوا بك خطوات في الحياة تبعدك عن هدفك الحقيقي وحلم حياتك، كمثال: بدأت مايا أنجيلوا كراقصة قبل أن تكتشف أنها لها مهارات أهم فأصبحت شاعرة مشهورة وكذلك مجهودها الكبير في مجال الحقوق المدنية، فبدلًا من أن يقودك شغفك لوظيفة ما، فيمكنك أن تنمي شغفك من خلال القيام بعمل تتقنه فتجد أنه أصبح ممتعًا وهادفًا.

لكي تعثر على وظيفة أحلامك، ابحث عما يلي:

  1. عمل تجيده وتتقنه.
  2. عمل به يمكن أن تساعد به الآخرين.
  3. عمل يتوفر فيه ظروف تدعمك: مثل وجود زملاء يدعموك، وعمل يجذبك نحوه ويجعل أفكارك تتدفق، وعدم وجود سلبيات كبيرة مثل عدالة الأجر، وأن يكون العمل متناسب مع حياتك الشخصية.

أين الخطأ في اختيار الوظيفة:

عادةً يحاول الشخص في اختيار الوظيفة التي يتخيل أنها تحقق أحلامه من وجهة نظر آخرين أو من وجهة نظر المجتمع، أو وظيفة ما شعروا فيها بالرضا في الماضي. فأحد الأخطاء الأساسية هو أننا نحكم على التجارب من نهايتها، فعلى سبيل المثال: نرى أن وظيفة الطبيب في مقدمة الوظائف الاجتماعية في مصر، نظرًا لوجود بعض الأطباء الناجحين، ولا ننظر إلى كيفية وصولهم لهذا النجاح وما هي المقومات التي أدت إلى هذا النجاح، وكم من الأشخاص سلكوا نفس الطريق ولم ينجحوا كونهم لا يملكون نفس المقومات.

وبالتالي لا يمكن الوثوق في توقعاتنا وحدسنا فقط، بل نحن بحاجة إلى منهجية علمية لتحديد الوظيفة المناسبة والتي هي الأفضل بالنسبة لنا.

وهناك هدفان عادةً يسيطران على اختيار الشخص لوظيفة تُرضيه، فغالبًا يتخيل الشخص أن الوظيفة التي تحقق حلمه هي الوظيفة الأعلى أجرًا والأسهل.

ولعل عبارة المال لا يحقق السعادة هي عبارة في حقيقة الأمر ليست مناسبة الدفع بها في مجال العمل، ولكن يجب أن يكون التعبير الصحيح أن المال يجعلك سعيدًا، ولكن بقدر بسيط، فهناك متطلبات أكثر لتحقيق السعادة في العمل، فالدخل المرتفع يحسن تقييم الحياة، ولكن ليس الرفاهية العاطفية، طبقًا لدراسة د. كانيمان وأ. ديتون، 2010.

ومن ناحية أخرى، فإن الحصول على وظيفة سهلة للغاية في حقيقة الأمر شيء ممل، وأيضًا وجود وظيفة تفوق قدراتك هو أمر سيء ويسبب لك ضغوطًا كبيرة، ولكن النقطة التي تبدو مثالية عندما تتوافق المتطلبات المفروضة عليك مع قدراتك، وبدلًا من تجنب التوتر، ابحث عن دعم وعمل هادف وتحدى نفسك.

ما الذي يجب أن يتوافر في الوظيفة التي تحقق حلمك؟

سوف نستعرض فيما يلي العوامل الستة وهم على النحو التالي:

العامل الأول: عمل يجذب الانتباه:

فليس المرتب أو نوع الشركة أو وضعك فيها وما إلى ذلك، بل ما تفعل خلال اليوم وساعات العمل، فالعمل الذي يجذب ويلفت انتباهك له ويمنحك إحساس بتدفق أفكارك خلاله، هو العمل الذي يجب أن تخوض غماره، فتجد نفسك ربما تقوم بعمل جدول معقد وشاق وتقضي فيه فترة طويلة، ولكن لا تجده مملًا، بل بالعكس تجد نفسك مُقبلًا عليه، ويحتاج مستوى الرضا الوظيفي بناءً على ذلك أربعة عوامل مهمة:

أ.   الحرية الكاملة في كيفية أداء عملك.

ب. وضوح المهام، ووجود بداية ونهاية محددة وواضحة.

ج. التنوع في المهام الوظيفية.

د. وجود نتائج لعملك تحدد جودته.

العامل الثاني: العمل الذي يقدم مساعدة للآخرين:

يمكن أن تجد أن عملك بلا معنى، على سبيل المثال إذا ما قارنا بين مُقدم نشرة الأخبار، ورجل المطافئ، وبين مصمم الأزياء، والممرضة أو الجراح، فنجد من بينهما وظائف ذات معنى، وتقدم مساعدة للآخرين بينما المجموعة الأولى هي وظائف لا تقدم مساعدة حقيقية للآخرين، فمساعدة الآخرين عنصر أساسي في مستوى الرضا الوظيفي. فالأشخاص الذين يتطوعون في أعمال خيرية أقل اكتئابًا وأكثر صحة نفسية، ويشعرون بالرضا أكثر مما يكسبون أكثر منهم أضعافًا، وذلك طبقًا لدراسة أكنين، كريستوفر ب. بارينجتون-لي، لارا، جون إف. هيليويل، إليزابيث دبليو دان، إيميلدا كيميزا، روبرت بيسواس-دينر، بول نيندي، مايكل آي. نورتون، كلير أشتون-جيمس (2010): بعنوان “الإنفاق الاجتماعي الإيجابي والرفاهية: أدلة متعددة الثقافات من أجل عالم نفسي“، وهي عبارة عن ورقة عمل كلية هارفارد للأعمال.

وبالطبع مساعدة الآخرين ليس هو العامل الوحيد الذي يجب الاعتماد عليه في اختيار الوظيفة التي تحقق حلمك ولا يمكن الاكتفاء به.

العامل الثالث: اعمل ما تجيده:

كونك تعمل فيما تُجيد فبالتالي سوف تشعر بمدى إنجازك، وهو عنصر رئيسي في تحقيق الرضا الوظيفي، فبقدر عملك فيما تجيد سوف يتبعه بالتالي قدرة القيام بمهام جذابة، والحصول على آجر عادل نتيجة تقدير مساهمتك في العمل. فالمهارة تتفوق في النهاية، وبالطبع لا يكفي أن تعمل ما تجيده، ولكن يجب أن يكون لديك القدرة على أن تتقنه وتحسن من هذا الإتقان.

العامل الرابع: العمل مع زملاء يدعموك:

إذا كنت تكره الزملاء أو تعمل مع مدير سيء، فلن تشعر بالرضا، فالعلاقات الجيدة جزء هام للتمتع بالحياة، وحبذا أن تكون هناك صداقات مع أشخاص متشابهين معك في الاهتمامات والأهداف ولديهم روح التعاون، ومع ذلك ليس من الضروري أن تكون صديق للجميع أو حتى معجبًا بجميعهم. فالعامل الأكثر أهمية أن تجد زملاء يساعدوك عندما تواجه مشكلات، وربما تجد من الأشخاص غير المرغوب فيهم والمختلفين عنك تعليقات على العمل تكون هي الأكثر فائدة لك، بشرط أن يكونوا ذي خبرة في عملك، كونهم سوف يقولون تلك التعليقات مجردة من العاطفة، وبالتالي تكون واضحة ومختلفة ويطلق عليهم البروفيسور “آدم جرانت” اسم “المُعطون غير المقبولين”.

فعندما يفكر الشخص في الوظيفة التي تحقق أحلامه يركز على الدور الذي سوف يقوم به أو المنصب الذي سوف يكون فيه، لكن لا يفكر مع من سوف يعمل معهم أو من سوف يرأسهم، فيمكن المدير السيء أن يدمر كل أحلامك، في حين أن العمل الممل قد يستساغ القيام به إذا كان مع صدق أو مدير جيد، أو مرؤوسين جيدين، والسؤال الذي يجب أن نسأله قبل الالتحاق بالعمل، هل يوجد بالعمل ثقافة الحصول على المساعدة والعمل التعاوني؟!

العامل الخامس: أن يكون العمل ليس فيه سلبيات ومشاكل كبيرة:

لكي تستكمل الرضا الوظيفي بعد الأربع عوامل السابقة، فإنك تحتاج أيضًا إلى عدم وجود سلبيات ومشاكل، ومن أمثلة تلك المشاكل والسلبيات التي تقلل الرضا الوظيفي:

– العمل بمكان بعيد ويحتاج لوقت طويل للوصول إليه.

– أجر أو مرتب غير عادل.

– انعدام الأمان الوظيفي.

وعلى الرغم من فداحة هذه المشاكل والسلبيات، إلا أن هناك من يتجاهلها، فيكفي عائق التنقل الطويل ليتفوق على العوامل الإيجابية الأخرى.

العامل السادس: العمل الذي يناسبك بقية حياتك:

ليس من المفترض أن تحصل على كل المقومات المرضية من وظيفتك، لذا فهذا العامل الأخير بمثابة تنبيه وتذكير بأهمية التفكير في اختيار وظيفة تناسب حياتك المهنية بقية حياتك، مثل أن يتناسب مع حالتك الذهنية والجسمانية المستقبلية.

خاتمة:

للحصول على وظيفة تحقق حلمك، لا يجب أن تقلق بشأن العائد منها وضغط العمل، ولا تنحصر في شغفك المرحلي الذي قد يخدعك، ولكن اهتم بإتقان ما تعمل، واعمل ما يساعد الآخرين، وطبق العوامل الستة على حياتك المهنية كعوامل إرشادية وخاصةً مساعدة الآخرين والتحسن الدائم في وظيفتك.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد