الذكاء الاصطناعي: ثورة مجتمعية لا تقل أهمية عن الثورة الصناعية

أصبح الذكاء الاصطناعي نموذجًا لثورة حقيقية في المجتمع لا تختلف في أهميتها عن الثورة الصناعية الأولى، بل تستحق بجدارة أن يُقال عنها ثورة الذكاء الاصطناعي العالمي، فقد أصبحت جميع المجالات تقريبًا لا تخلو من لمسات عبقرية لهذه التقنية الحديثة التي تبدأ معك من الهاتف الذكي، الذي لا يخلو من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي قد تتصل بأجهزة المنازل الذكية المرتبطة به، وربما تكون متصلة بالسيارات الذكية التي قد تكون ذاتية القيادة أحيانًا.

أنظمة ذكية سريعة التعلم والتكيف

يُعرف الذكاء الاصطناعي بتعريفات متعددة، أهمها قدرة الآلة على اكتشاف مشاكلها وتطوير إمكانياتها بفضل اتصالها بالشبكة العنكبوتية العالمية. ويعرفه البعض الآخر على أنه قدرة الآلة على العمل بذاتها مع الاستغناء عن العنصر البشري وهناك من ينظر إليه على أنه قدرة المعدات على تجميع معلومات وبيانات كبيرة والتعلم منها وتطوير نفسها بقدرات كبيرة وسريعة؛ فهي برامج ذكية سريعة التعلم والتكيف.

وللذكاء الاصطناعي إيجابيات عديدة، فمنها العمل على زيادة الإنتاجية والتطور السريع في التكنولوجيا وأتمتة معظم الأجهزة والمعدات لتقوم بأعمال قد يصعب على البشر القيام بها بتلك السهولة، وتحويل المعدات إلى روبوتات ذكية تطور من نفسها وتبتكر في مجالات الصناعة والبيئة، بل وفي أكثر من ذلك مثل مجالات الطب والزراعة والتعليم، بالإضافة إلى المركبات والسيارات ذاتية القيادة.

الذكاء الاصطناعي وتطوير التعليم والصحة

وإذا أحصيت المجالات التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي فلن تستطيع إحصاءها بسهولة وذلك لكثرتها وتدخلها في كل ما هو جديد.

ففي مجال التعليم، تساعد برامج الذكاء في جمع البيانات عن الطلاب وتحديد مواطن الضعف والتحصيل لديهم، كما تقوم بعمل اختبارات وأسئلة للطلاب وتصحيحها دون الرجوع إلى المعلم، كما يُستخدم الواقع المعزز في إيصال المعلومات للتلاميذ وتبسيط العلوم لهم.

وفي مجال الطب، حدث ولا حرج عن التطور في تقنيات الذكاء التي تدعم الأجهزة الطبية، بل وُضعت تجارب من أجل تصنيع الطبيب الآلي كما يحدث في بعض برمجيات التواصل الاجتماعي، ومن أمثلتها برنامج “واتساب” كما في برنامج Meta AI؛ برنامج تستطيع أن تسأل عن معلومات طبية دقيقة، ويجيب عليك طبيب من الواقع الافتراضي، ولا تستطيع أن تميز إن كان طبيبًا بشريًا أو برمجة طبية.

وهي بالتأكيد تقنيات عالية من الذكاء الاصطناعي، وقد تواصلت مع إحداها فذكرت لي التقنية أنها مزيج من طبيب بشري متابع وبرمجة طبية عالية الكفاءة مُلمَّة بعلوم الطب الحديث، ويشرف عليها أطباء بشريون للتأكد من عدم انحراف العقل الإلكتروني. تلك نماذج محدودة من آلاف البرامج حول العالم. ففي مجال البيئة، تم عمل مكانس ذكية في الشوارع لالتقاط القمامة لحظة وجودها على الأرضيات، كما وُضعت أجهزة استشعار ذكية لقياس درجات التلوث بأنواعه.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف والاقتصاد

يعمل الذكاء الاصطناعي على أتمتة الصناعة والشركات، وستحل الروبوتات والماكينات الذكية محل شريحة كبيرة من العمال والموظفين، مما قد يزيد البطالة في قطاعات كثيرة. ولكن في المقابل، سوف يتم استحداث وظائف جديدة مُدربة على التعامل مع تقنيات وبرامج الذكاء الاصطناعي. وفي المقابل، ستزيد الإنتاجية وسترتفع جودة المنتجات، مما يأتي بالربح الكبير على المستثمرين ورجال الأعمال. ويخشى المحللون من أن يصبح الفقراء أكثر فقرًا لانتشار البطالة، والأغنياء يتحولون أكثر ثراءً، مما يزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء. ويحتاج سوق العمل إلى التكيف مع متغيرات السوق وزيادة برامج تدريب العمال والموظفين.

سلبيات ومخاوف من تقنيات الذكاء الاصطناعي

أما عن سلبيات هذه التقنيات الحديثة فهي حديث الناس وخِشيتهم من أن تحل تلك الروبوتات الذكية مكان البشر، كما أنها تعمل على جمع المعلومات لتطوير نفسها. والذكاء الاصطناعي لديه قدرة كبيرة على جمع البيانات وتحليلها والاحتفاظ بها، مما يُلقي بالمخاوف من استغلال تلك المعلومات من جهات وهيئات مشبوهة إذا وقعت في أيديهم، مما يُلقي بظلاله على أمن المعلومات وخصوصيات الأفراد والمجتمعات.

كما يُتهم الذكاء الاصطناعي بالتحيز في الأفكار لمن يقومون ببرمجته، مما يعزز فكرة سن القوانين واللوائح للإشراف عليه حول العالم.