ضيق المعيشة اجبره على أن يعمل كـ “عامل” في مصنع طوب وتمني أن يصبح «مهندس».. رحلة كفاح «محمد أبو تريكة»

لم يختلف على حبه وعشقه الكثير من الناس، خاصة جماهير الكرة المصرية والعربية والعالمية، بسبب مهاراته الكروية، بالإضافة اخلاقه الكريمة والحميدة، ومع كل لمسة كان يلمسها داخل الملعب تتهاتف معه قلوب الكثير من المصريين، سواء في ناديه السابق “الأهلي”، أو مع المنتخب المصري في البطولات الإفريقية، ولم ينسي في حياته أن يتضامن مع أخواننا الفلسطينيون تؤيداً لهم ولقضيتهم، ولم يذكر أنه قد أغضب أحداً من جمهوره، أو حتى جمهور أي نادي أخر منافساً لناديه، وكان دائماً يسأل على أهالي وأسر شهداء مجزرة بورسعيد التي حدثت منذ سنوات ليست بكثيرة، لذلك إستحق بجدارة أن يكون عشق الجمهور، ومع ذلك لم ينجو من المعاديين له، خاصة أنه يؤيده الرئيس السابق “محمد مرسي”، ومنذ وقتها وانقسمت حوله الأراء ما بين مدافعاً عنه وما بين من لقبوه بـ “الإرهابي”، إنه اللاعب السابق الخلوق “محمد أبو تريكة”.

 

رحلة الكفاح نحو طريق النجاح

في يوم 7 من شهر نوفمبر من عام 1978، ولد اللاعب “محمد أبو تريكة” وأسمه بالكامل “محمد محمد أبو تريكة”، بمنطقة تدعي “ناهيا” تابعة لمحافظة الجيزة، ترعرع ونشأ بين أسرة “على قد حالها”، وكان يعيش مع والده ووالدته، ولديه الأشقاء “أربعة”، وهم “أسامة” والذي يعمل كـ محاسب بشركة بترول، و”حسين” ويعمل كـ “مدرس”، و”أحمد” الشقيق الراحل الأكبر، وأخيراً “أخر العنقود” يدعي “محمود” والذي يلعب بإحدي الآندية التي لم تعرف لدي الكثيرين.

ضيق المعيشة

وهو في الثالثة عشر من عمره إضطرته ظروفه الحياتية والمعيشية أن يعمل كـ “عامل” في مصنع طوب، ومكث فيه قرابة “الست أعوام”، وكان كل عطلة صيفية يعمل به، وعلى الرغم من أنه ذاق طعم “الشقي” إلا أنه لم يكن مهملاً في دراسته ومذاكرته، بجانب حبه وعشقه وممارسته للساحرة المستديرة “كرة القدم”، فعندما تقام الدورات الرمضانية في بعض مناطق محافظة الجيزة، كان لابد أن يشارك فيها، ومع الوقت زادت مهارته الكرية أكثر وأكثر.

كان حلمه كأي حلم شاب صغيراً عندما يسأله أحد ما تريد أن تصبح عندما تكبر، فيرد بما يتمني، فكان أمنية “أبو تريكة” هو أن يصبح “مهندس”، ولكن تقديره في الثانوية العامة لم يكن كافياً لتحقيق رغبته في الإلتحاق بكلية الهندسة، وإلتحق بـ كلية الآداب، شعبة “تاريخ”، بجامعة القاهرة، وبينما هو كذلك، إذ كان يراوغه حلمه وعشقه للكرة ويخطو نحو النجومية أولي خطواته الحقيقة.

صعوبات بداية النجاح

عندما بلغ “أبو تريكة” من الثانية عشر من عمره، طلب منه أحد الجيران ناصحاً له أن يقدم في إختبارات “نادي الترسانة”، وبالفعل تقدم إليها وحقق نجاحاً باهراً وتم قبوله، والأمر العجيب في تلك الأحداث بعد ذلك، فقد إنقطع وأمتنع عن الذهاب إلى النادي قرابة العام ونصف عام، كان ذلك بسبب أنه لم يملك المال لشراء حذاء رياضي، ووصل هذا الخبر إلى “الكابتن” حنفي الشعراوي”، فقام بإستدعاء قائلاً له بأنه سوف يتكفل بكل مصاريفه.

رحلة الصعود إلى نادي القرن

بدأت رحلته في نادي الأهلي نحو النجومية منذ عام 2003 وهو العام الذي قد أعلن فيها إدارة النادي الأهلي بأنها سوف تتعاقد مع لاعب نادي الترسانة “محمد محمد أبو تريكة”، وجاء ذلك التعاقد بعد محاولة من إدارة نادي الزمالك لشراء الأخير، ولكنه إنتابته بعض التخوفات من عودة “حازم إمام” مرة أخرى من الإحتراف في إيطاليا، خاصة أنه كان يلعب نفس مركزه “صانع ألعاب”، وهو الأمر الذي جعله يصرف نظره عن قبول التعاقد لنادي القميص الأبيض.

 

وفي عام 2001 كانت أولي مباراياته التي شارك فيها لاعبي منتخب مصر لخوض البطولات الإفريقية وتمثيل مصر، وقد إختاره ورشحه لذلك الكابتن السابق للمنتخب المصري “محمود الجوهري”، وكان في ذلك الوقت يبلغ “أبو تريكة” من العمر الثالثة والعشرين.

وقد سحر “أبو تريكة” قلوب جمهور النادي الأهلي والزمالك ومشجعي الآندية المصرية الأخري، بل والجمهور العربي ومن جميع أنحاء العالم، ووقف له الجميع إحتراماً وتقديراً لأخلاقه العالية الحميدة التي طالما يمتاز بها طوال حياته الكروية، وكان حصيلة الأهداف التي أحرزها في الدوري المصري 79 هدف، أما في البطولات الأفريقية فقد أحرز 32 هدفاً، ولقب بهدف مباريات القمة بين النادي الأهلي ونادي الزمالك بحصيلة بلغت 13 هدفاً.

بجانب ذلك شارك في 100 مباراة دولية مع منتخب مصر، أحرز خلالهم 38 هدف، ولعب بطولة كأس الأمم الإفريقية سنتين على التوالي 2006 و2008، ولا ينسي أحداً هدف المباراة القاتل في الدقيقة الحاسمة للمباراة في عام 2006، وحصل على لقب كـ أفضل لاعب “داخل قارة أفريقيا لثلاث أعوام كانت 2008 و2012 و2013.

وطوال مسيرته الكروية في النادي الأهلي، أظهر فيها إنتمائه وحبه وعشقه الكبير للنادي الذي قضي فيه أحلي سنوات من عمره وإختتم به مشواره الكروي، فلم يذكر أنه إحترف، إلا مرة واحدة فقط وكانت كـ إعارة لموسم 2012-2013، لإحدي الآندية الإماراتية “بني ياس”، وهناك أيضاً برع وتفوق في اللعب، فقد قام بإحراز هدف الفوز بالمباراة والحصول على بطولة أبطال الخليج لناديه قبل أن يعود إلى مصر.

إعتزال

فكرة الإعتزال الدولي كانت شبه مرهونة على تأهيل منتخبه المصري إلى كأس العالم عام 2010، ولكن لم يصل لاعبي المنتخب إلى المونديال، وتوقفت مسيرته الكروية عام 2014 عقب مباراة غانا التي فاز فيها منتخبنا المصري بهدفين مقابل هدف واحد لمنتخب غانا.

أما الإعتزال المحلي فكان ينوي “أبو تريكة” أن يودع ناديه العريق في نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا في عام 2013، ولكن كانت رغبة الجمهور وإلحاحهم عليه أن يلعب ويستمر في بطولة كأس العالم للأندية التي أقيمت في المغرب، كانت أقوى من نيته في الإعتزال، وبالفعل وافق على الإستمرار، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد أصيب بإحدي المباريات وهذا الأمر هو ما دفعه إلى أن يعتزل بشكل نهائي لا رجعة فيه.

أبو تريكة الإنسان

تربع تريكة في قلوب محبيه وجمهوره من جميع أنحاء العالم، حتى يومنا هذا، وأصبح يعرفه الكثير من الناس سواء الكبير أو الصغير، وبعيداً عن أبو تريكة اللاعب، ننتقل إلى أبو تريكة الإنسان، الذي طالما كان يعرف بأخلاقه العالية، وبعد تأهيل المنتخب المصري إلى كأس العالم 2018 بروسيا، عرض الجمهور على أبو تريكة أن يقوم هو بتدريب لاعبي المنتخب، ولكنه رفض ذلك من خلال إحدي التويتات التي نشرها على حسابها الشخصي عبر موقع التويتات القصيرة “تويتر” معرباً على أن من صنعوا ووصلوا إلى هذا المونديال هم الأولي والأجدر بذلك.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد