حكاية أولتراس أهلاوي: الظهور والنشأة واعتبارها جماعة إرهابية وحرق البانر، القصة الكاملة

قديماً كان المصريون يتناولون الفول في الصباح وفي الغداء يتناولون كرة القدم وفي المساء يستمعون إلى أم كلثوم، حتى ظهر جيلاً جديداً يقول ” يوم ما أبطل أشجع هكون ميت أكيد”، قناة BBC  عربية أذاعت تقريراً استقصائياً عن مجموعة أولتراس أهلاوي.

أولتراس أهوى التالتة شمال

أولتراس أهلاوي هي أول مجموعة أولتراس في مصر، البداية كانت مجرد اقتراح من مشجع أهلاوي يدعى عمرو فهمى بتكوين رابطة أولتراس للنادي الأهلي على غرار الروابط العالمية للأندية المختلفة، خاصة أن روابط الأولتراس منتشرة عربياً في أندية شمال إفريقيا في تونس والجزائر والمغرب.

اكتمل أول بانر دعائي للأولتراس وذهبوا به في أول مباراة للإستاد في 13 أبريل 2007 في إستاد القاهرة، البانر كان أكبر لوحة تشجيعية في تاريخ كرة القدم المصرية، كان بحجم مدرجات الدرجة الثالثة شمال، وقام الأمن بمنع دخول البانر بدون إبداء أي سبب، بينما رفض شباب مجموعة الأولتراس دخول المدرجات بدون البانر.

مبادئ الأولتراس، عقلية المشجع داخل الرابطة

عقلية الأولتراس ترفض تماماً التعامل مع الإعلام، أو حتى الظهور علناً في أي وسيلة إعلامية، هذا بالإضافة إلى أنه ممنوع تماماً التوقف عن التشجيع طوال المباراة، أو الجلوس حتى أثناء المباراة، كذلك السفر خلف الفريق وحضور أكبر عدد من المباريات، كما يمنع تماماً تلقى أي تمويل من أي شخص أو جهة.

الأولتراس ليس تشجيع فقط، فن الدَخلات في المدرجات

الدَخلات فن جديد أدخله مشجعو الأولتراس في المدرجات، يرسمون فيها لوحات بجملة تشجيعية للفريق، أو إظهار مبادئ النادي، لم يكتفِ مشجعي الأولتراس بذلك بل أصدروا ألبومين غنائيين، تحمل أغانيه أفكار المجموعة، وتشجيع الفريق، ومبادئ النادي، والرد على المسيئين لتاريخ النادي.

الأولتراس والإعلام، صدام بلا أسباب

ربما كان مقاطعة الأولتراس لأي وسيلة إعلامية السبب في عداء الإعلام لهم منذ اليوم الأول لظهورهم، وتطور الأمر إلى تبادل الاتهامات بين الجانبين، يقول أحد مؤسسي رابطة أولتراس أهلاوي، اعتدنا الهجوم علينا، وأملك من القدرة على الرد على اتهاماتهم جميعاً:

  • الألفاظ الخارجة في المباريات سببها الأولتراس.

هذا غير صحيح بالمرة، فالسباب موجود في المدرجات قبل أن نولد، كابتن محمود الجوهري واللاعبين تعرضوا للسب والقذف بالأم، عندما خسروا في كأس العالم للقارات بالخمسة في مباريات اليونان والسعودية، يبدو أن الناس تنسى أو تتناسى ذلك.

  • الأولتراس شباب منحرف يتعاطى المخدرات.

يواصل هذا الشاب الدفاع عن فكرة الأولتراس ويقول “أحد الإعلاميين اتهمنا بتعاطي الترامادول نظراً لأننا لا نتوقف عن التشجيع قبل وأثناء المباراة، هذا الإعلامي نفسه كان يظل يقدم برنامجه على الهواء لمدة 12 ساعة متواصلة، إذاً من هو متعاطي الترامادول”.

  • تلقى التمويل.

لا يوجد أي ممول للجروب، عملية التمويل تتم بشكل ذاتي عن طريق بيع منتجات تحمل شعار الجروب (تى شيرتات، كاب، كوفية) وهكذا، وكذلك تبرعات الأعضاء لتنمية الموارد.

  • أولتراس جاهل غير متعلم وعاطل.

يقول هذا الشاب: “أولتراس أهلاوي شريحة من المجتمع، وكرة القدم تستهوى الكثيرين، ستجد داخل الأولتراس كل فئات المجتمع، الذين يعيشون في مستوى اجتماعي مرتفع أو مستوى مادي بسيط”.

الأولتراس والأمن، المواجهة والصدام

يقول وليد الكاشف مدير أمن إستاد القاهرة وصاحب أول رسالة ماجستير عن الأولتراس: “عندما حضر مشجعو الأولتراس لأول مرة كان معهم بانر بحجم كبير جداً، لأول مرة نرى بانر دعائي بهذا الحجم، في البداية رفضنا دخوله، ورفض شباب الأولتراس الدخول بدونه، وعندما فتحنا البانر وجدنا فيه شعار النادي الأهلي، سمحنا لهم بالدخول، وكان ذلك بعد 17 دقيقة من بداية المباراة”، إذاً يبدو من الوهلة الأولى أن الطريق ليس ممهداً بين مجموعة الأولتراس الوليدة والأمن.

الصدام الأول بين الأولتراس والأمن كان على ملعب مختار التتش في مباراة ودية بين الأهلي ونادى كفر الشيخ، كان هناك تشديد أمنى على استخدام الشماريخ، لكن يبدو أن مجموعة أولتراس أهلاوي لديها عقيدة مستعدة للدفاع عنها.

يقول أحد مؤسسي أولتراس أهلاوي: ” الشماريخ في المدرج وسيلة احتفال وتشجيع، لا نؤذى أحد، لا نعلم سبب التشديد الأمني على استخدامها، لا يوجد لديهم رد مقنع على منع استخدامها، أي مشجع كان يستخدمها في إستاد القاهرة كان يتم القبض عليه، لكن هذه المباراة في بيتنا (ملعب التتش) ونريد أن نشجع ونحتفل بطريقتنا، ليس من حق الداخلية أن تخبرنا كيف نشجع فريقنا، الصدام مع الداخلية لم نكن نسعى إليه، ولكن الداخلية لم تكن معتادة على ذلك، أوامر ويجب أن تُنفذ، داخل الأولتراس كان مبدأنا (المعاملة بالمثل) الاحترام يقابله الاحترام، الخطأ يقابله الصدام”

الوجه المشرق لمشجعي الأولتراس، ظهور بعض المحبين

الساحر البرتغالي مانويل جوزيه وأحد أهم الأساطير التدريبية في النادي الأهلي، أظهر دعمه لمشجعي الأولتراس وإعجابه بحماسهم في المدرجات، يقول جوزيه “حققنا التعادل في ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا 2006  في القاهرة، لاعبو الصفاقسي احتفلوا بالفوز بالبطولة، ونسوا أن هناك مباراة أخرى، الكثير من المشجعين في مصر أصابهم اليأس، مجموعة الأولتراس كان لهم عقيدة أخرى، لقد سافروا معنا إلى تونس، قاموا بتشجيعنا طوال المباراة، وفزنا بالكأس، لا أحد كان يُصدق أننا سنفوز إلا أنا واللاعبون والأولتراس، لقد آمنوا بنا”.

واصل مانويل جوزيه قوله “مستوى كرة القدم في مصر في تراجع، لأن الدوري يُلعب بدون جمهور، لكى تزدهر الرياضة يجب أن يعود الجمهور للمدرجات وخاصة الأولتراس، وعلى الأولتراس أن ينسوا السياسة ويفكروا في الرياضة فقط، وعلى الشرطة أن تفهم أن المشجعين شباب صغير السن ويحبون ناديهم، وإذا قام أحدهم بخطأ ليس بالضرورة أن يكون خطأهم كلهم”.

ليس مانويل جوزيه فقط من أبدي إعجابه بمجموعة الأولتراس، وليد الكاشف مدير أمن إستاد القاهرة يقول عن مجموعة الأولتراس “عندما ظهروا كان بأعدادٍ صغيرةٍ، 2500 فرد في المدرجات، ثم ازداد العدد بعد ذلك، حتى أنَّ محافظة الوادي الجديد تم تكوين فيها رابطة أولتراس لمشجعي النادي الأهلي، وفي حقيقة الأمر تعتبر مجموعة الأولتراس هو ثاني كيان منظم بعد القوات المسلحة، تجمعاتهم وتحركاتهم بميعاد محدد، والتزام تام خلف (الكابو) والتحرك معه، كما أن أكثر من 80% من مشجعي الأولتراس متعملين”.

الأولتراس وثورة 25 يناير

كانت نقطة التحول، حيث وجد شباب الأولتراس نفسه في قلب الثورة، وخاصةً يوم موقعة الجمل، يقول أحد مؤسسي أولتراس أهلاوي “لم نشارك في الثورة باسم الجروب ولكن كأشخاص، ومشاركتنا كانت لأسباب وطنية وليس سياسية”

يقول اللواء سيف الإسلام عبد الباري مساعد وزير الداخلية ومسؤول عن تأمين الملاعب سابقاً: “سلوكهم تغير تماماً بعد ثورة 25 يناير، قبل 25 يناير كان هناك نوع من التنسيق بين الأولتراس والأمن ولكن بعد 25 يناير رفضوا تماماً أي تعامل مع الداخلية، كما أن هتافاتهم ليست للتشجيع فقط، كانت تحمل الكثير من الإساءة للداخلية وغيرها”.

المذبحة، يوم دامي في حياة الرياضة المصرية

اجتمع شباب الأولتراس لاستقلال القطار المسافر إلى مدينة بورسعيد لتشجيع الفريق في مباراته الليلة أمام النادي المصري البورسعيدي، ولكن هناك من يُخطط لإيقافهم عن التشجيع، ومن ثَمَّ الحياة، الكارثة، 72 شهيداً في المباراة أحدثت شرخاً في نفس كل رياضي حول العالم.

يحكى أحد مؤسسي رابطة الأولتراس ويقول “كل من يذهب إلى الإستاد يعرف جيداً أن هناك أمور أساسية متبعة في تأمين المباريات، منها وجود كلاب بوليسية على التراك بين الجمهور والملعب، وهذا لم يكن موجوداً وقتها، كان هناك تواجد أمنى مكثف سواء من الشرطة أو الجيش ولكن بلا أي فاعلية، بين الحين والآخر ينزل للتراك جماهير من المصري ويُلقون بالشماريخ على جماهير الأهلي، الأمن لا يمنعهم نهائياً، جمهور المصري هو المتحكم في دخول وخروج الجمهور من البوابات وليس أمن الإستاد، بعد نهاية المباراة مباشرة التف عدد كبير من رجال الأمن حول المدرب البرتغالي مانويل جوزيه وأبعدوه تماماً عن الملعب، الأمن لم يمنع الجمهور من اقتحام الملعب، المشكلة الأكبر كانت إطفاء الآنوار في الإستاد، وتم غلق الأبواب، أصبحنا محاصرين وحدثت الكارثة”.

بعد الكارثة اجتمعت كل روابط الأولتراس في مصر وأعلنت تأييدها لرابطة أولتراس أهلاوي، ولأول مرة تجتمع شعارات كل روابط الأولتراس سوياً، ويجتمعون على شيءواحد، ما حدث في بورسعيد مذبحة.

وفي صباح السادس والعشرين من يناير للعام 2013 صدر الحكم بإعدام 21 شخص، لتخرج المظاهرات في بورسعيد ترفض أحكام القضاء، وتُهدد بالعنف والفوضى، وتستمر تلك الاحتجاجات وتسفر عن صدامات قوية بين الأهالي والأمن على مدار يومين، تُسفر عن مقتل أكثر من 50 شخص وشرطيين.

وفي التاسع من مارس 2014 تم تخفيف الحكم بإعدام 11 شخصاً، وأحكام بالحبس على آخرين بينهم مدير أمن بورسعيد لواء عبد الحميد سمك، ومير أمن النادي المصري اللواء محسن شتا، والذين حصلا على عفو رئاسي فيما بعد، وتم تأييد الحكم في محكمة الجنايات في 19 أبريل 2015.

وفي فبراير 2017 أصدرت محكمة النقض حكماً نهائياً بتأييد حكم محكمة الجنايات، ورفض كل الطعون المقدمة في القضية ويتم غلق ملف القضية تماماً.

وبعد حكم المحكمة صرخ المتهمون خلف القضبان بأن الحكومة هي مَن دبرت ونفذت تلك الجريمة، ونحن (خرفان) لهم.

الأولتراس جماعة إرهابية

صدامات الأولتراس والأمن لم تتوقف، وهذه المرة كانت خارج ملاعب كرة القدم، وخاصة بعد أحداث 30 يونيو، وانتهاج بعض المنتميين لمجموعة الأولتراس شكل عدائي ضد كل من هو شُرطي، حيث قامت لجنة الآندية التابعة لاتحاد كرة القدم باعتبار مجموعات الأولتراس في مصر جماعة إرهابية، وصدر حكم من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة باعتبار الأولتراس جماعة إرهابية وكان ذلك في مايو 2015، وهو ما قوبل بالسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

دماء الشهداء، الأولتراس يُحدد الجانى

في إحدى مباريات النادي الأهلي رفع أفراد الأولتراس بانر يُخلدون فيه ذكرى أحداث بورسعيد، بتواطؤ المجلس العسكري والشرطة وبلطجية بورسعيد (على حد وصفهم) بأنهم السبب الحقيقي للمجزرة، وكان هتافهم الشعب يريد إعدام المشير.

الأولتراس برر موقفهم بأن المجلس العسكري كان هو الحاكم للبلاد في كل شيءفي ذلك الوقت، وهو يتحمل المسؤولية السياسية، بينما أن الداخلية تثأر من أفراد الأولتراس لأننا كنّا سبباً مشاركاً في أحداث 25 يناير.

الرئيس عبد الفتاح السيسي أطلق مبادرة للحوار مع مجموعات الأولتراس، ولكنها لم تجد من يتبناها، وسريعاً ما تلاشت، وبدأت الملاحقات الأمنية لأفراد الأولتراس، ومازال قرار منع الجمهور من حضور المباريات سارياً.

مغيب الشمس، الأولتراس إلى زوال

في 23 أبريل 2018 أعلنت مجموعة أولتراس تجميد نشاطها لأجل غير مسمى، بدون إبداء أي أسباب لذلك، وفي مايو 2018 أصدرت الرابطة بياناً على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاحتماعي فيس بوك تعلن فيه حل الرابطة نهائياً وإغلاق صفحتها، وقالت المجموعة في بيانها “قررنا من أجل الحفاظ على مستقبل الجميع، وحتى لا يستغلنا أحد حل جروب أولتراس أهلاوي نهائياً”.

ليُسدل بذلك الستار عن واحدة من أهم وأكبر روابط المشجعين في المنطقة العربية.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد