يواخيم لوف.. في مديح الفشل

تحليل: خالد صلاح عبد الرحيم

هو من المدربين الأذكياء في كرة القدم ويعرف كيف يستغل الأجواء المحيطة به والاستفادة من نقاط القوة والضعف للمدربين الكبار في العالم، لوف بعد الحصول على المركز الثالث مع المانيا كمدرب مساعد لكلينسمان، ثم تعيينه المدير الفني الأول لمنتخب المانيا ليحصل معهم على مركز الوصيف في بطولة أوروبا عام 2008، ثم يأتي كأس العالم 2010 وأصابة مدوية لنجم الفريق مايكل بالاك، ليستعين لوف بالاعبين من منتخب الشباب الألماني الفائز ببطولة أوروبا تحت 21 سنة عام 2009، مثل أوزيل وخضيرة ومولر وبواتينج، ليحصل معهم على المركز الثالث في كأس العالم 2010، ثم الخروج من الدور قبل النهائي من بطولة أوروبا عام 2012، ثم يجني ثمار الصبر والتعب والتخطيط الجيد بالفوز بكأس العالم 2014.

لنتوقف قليلاً ونتحدث كيف استفاد لوف من تكتيك جورديولا مع البايرن في الفوز بكأس العالم، أولاً إقحام  6 لاعبين من البايرن في التشكيلة الأساسية لمنتخب المانيا، الأستفادة من بعض أفكار جورديولا داخل الملعب، تغيرت كرة المانيا بعد قدوم بيب فكان لوف في السابق يعتمد على الكرات الطويلة المباشرة Direct football، والضغط العكسي واللعب التموضعي Positional Play، والكرات العرضية من على الأطراف سواء العرضيات العالية أو الأرضية للخلف back pass، والاستفادة من الضربات الثابتة، ومع قدوم بيب بدأ لوف في الأعتماد على التمرير الأرضي القصير، وتبادل المراكز بين الظهير والجناح مبرراً ذلك بقدرة الجناح عندما يذهب على الطرف في الأحتفاظ بالكرة والمراوغة والدخول للعمق للتصويب أو عمل العرضيات وتحرير الظهير الذي يتحرك في العمق ليكون غير مراقب لخلق فرص أكبر على المرمي، وفكرة المهاجم الوهمي فكثيراً كان يعتمد على مولر كمهاجم مع تقدم السن لكلوزه، واللامركزية في الهجوم، وكل هذة أفكار جورديولا في فلسفة ” الهرم المقلوب ” مع البايرن.

لنأتي بعد ذلك ويدق جرس الإنذار في الخروج من الدور قبل النهائي في يورو أوروبا 2016 على يد فرنسا، ليتوقف  لوف قليلاً وينظر لحقبة ديل بوسكي مع أسبانيا التي تشبه نفس الحقبة مع المانيا والخروج المهين للأسبان من كأس العالم 2014 من دور المجموعات بعد الفوز بكأس العالم ويورو أوروبا مرتين من 2008 إلى 2012، ليفكر لوف بصوت عالي ويقول ما حدث لديل بوسكي انه أعتمد على نفس الحرس القديم مع تقدمهم في السن وعدم الاعتماد على اللاعبين الشباب، لن يحدث ذلك معي فبدأ في الاعتماد على عناصر شابة غير أساسية من منتخبات الشباب وأبرز اللاعبين في الدوري الالماني وفضل إراحة اللاعبين الكبار، وذهب للبرازيل ليفوز بكأس القارات 2017 فالعالم كله صفق للوف على الرؤية الفنية وتجديد الدوافع وتعدد الأختيارات للمنتخب قبل كأس العالم 2018.

ولكن تجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ، الخروج المبكر من دوري المجموعات وذلك يرجع لأسلوب اللعب الخاطئ فالاعتماد على 4-2-3-1 كارثية بالنسبة أن كروز ليس ارتكاز صريح وهو يلعب رقم 8 مع الريال وخلفه كاسيميرو مع مودريتش، لكن ثنائي الوسط خلق كثير من المساحات للمنافس في العمق والأطراف، وكان لوف في السابق يعتمد على ثلاثي خط وسط بينهم شتايجر ارتكاز وأمامه خضيره وكروز، بالأضافة إلى عدم قدرة خضيرة في التحرك بالكرة تحت ضغط مع الدفاع أثناء بداية الهجمة من الخلف، والارتداد البطئ للاعبين من الهجوم للدفاع، والاندفاع المبالغ في الهجوم.

حتى بعد كأس العالم أستمرت النتائج السلبية للألمان في دوري الأمم الأوروبية بالهزيمة من فرنسا وهولندا، بنفس الأخطاء المتكررة، الضغط السلبي من خط الوسط والذي يسمح للمنافس بالتصويب ولعب التمريرات البينية مع البطئ الكبير بين قلبي دفاع المانيا، والاعتماد على التحولات السريعة في الهجوم والكرات العرضية من على الأطراف والتصويب من خارج الــ18ولذلك أصبح تكتيك لوف متوقع بنسبة كبيرة للمنافس وفرصه قليلة على المرمي، والسؤال هنا ماذا حدث إلى لوف بعد مسيرة حافلة بالانجازات والتخطيط الجيد، هل توقف عن التطوير كمدرب، والتنوع في أساليب الوصول للمرمي أو الأصرار على فكره الذي يسبب الهزائم للمنتخب، وهل كل ذلك يعجل برحيله من تدريب  الماكينات؟


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد