تحليل كامل للكلاسيكو في السوبر الاسباني برشلونة وريال مدريد

الكلاسيكو، براڤو مدريد، براڤو زيدان !

لأول مرة يتفوق ريال مدريد على برشلونة على مستوى الاستحواذ منذ عصر جوارديولا، لأول مرة يتفوق ريال مدريد في كل شيء بدون رونالدو، لأول مرّة يتجرأ مدرب على إبعاد أربعة من القوام الأساسي للفريق دفعة واحدة ويكتسح على مستوى الآداء، لأول مرة يُصبح الكلاسيكو حقل تجارب للصفقات الجديدة، لأول مرة ولأول مرة لأول مرّة يحدث كل ما حدث، ولهذا لم أجد عنوانًا لسرد أحداث اللقاء أفضل من ” براڤو زيدان ” !

الشوط الاول

تشكيل الفريقين أظهر مُرونة تكتيكية من زيدان؛ ڤالڤيردي بدأ المباراة ب 3/5/2 رغبةً منه في تأمين العُمق الدفاعي في الخلف لكي يؤمن عمليات الضغط الهجومي — التي لم يقوى على فعلها في الأساس! — وجود ثلاثة قلوب دفاع جعل زيدان يُدرك ضرورة تحويل الضغط من العمق إلى الأطراف فتحول الرسم التكتيكي لريال مدريد إلى 3/4/3 بوجود أسينسيو وفازكيز على الأطراف لاستغلال المساحات المتروكة خلف ألبا وروبيرتو.
زيدان مارس عاداته في فرض أسلوبه على الخصم أيًا كان اسمه فبدأ المباراة بضغطٍ عالٍ ورفض إعطاء البارسا فرصة للدخول في الأجواء، ثلاثة دقائق كانت كافية لأسينسيو الجريء من أجل التجرؤ على التسديد من 37 مترًا ليرسل كرة من ملعب آخر لم تكن لتسقط إلا في شباك شتيجن لتفتح النار أكثر على البارسا وتُعطي ثقة أكبر لزيدان ورجاله.
ريال مدريد استغل الهدف في إحكام قبضته على سير المباراة، ال 4/3/3 جعلت وسط الملعب يتكون من كوفاسيتش، مودريتش وكروس مع إمكانية عودة أسينسيو كلاعب وسط رابع نظرًا لتعليمات زيدان الواضحة له كلاهب حُر ولذلك لم نشاهده كجناح صريح. كروس ومودريتش شكلا حلقة الوصل كالعادة بينما تفنن نجم المباراة الأول — من وجهة نظري على الأقل — ماتيو كوفاسيتش في فعل كل شيء في كرة القدم؛ كوفاسيتش ظهر كظل ميسي ولم يتركه حرًا في كرة واحدة مما ساهم كثيرًا في عزل ليو عن باقي المجموعة، ماتيو أبدع في الخروج بالكرة من مناطق ريال مدريد تحت ضغط كبير وبشكل مُبهر فشاهدناه يُراقص لاعبي البارسا يمينًا ويسارًا في الكرات التي يستلمها تحت ضغط كبير والتي يقوم أي لاعب عادي بتشتيتها بعيدًا، ماتيو أيضًا لعب دور محور الارتكاز بإتقان على الرغم من كونه ليس مركزه الأصلي إضافة إلى تحقيق نسبة مراوغات ناجحة وصلت إلى 94%وأيضًا نسبة تمريرات صحيحة تقترب من نفس الرقم، تحركات بدون كرة بشكل رهيب يفتح بها عرض الملعب هجوميًا للريال ويُغلقه للبارسا في مباراة جعل فيها ماتسو كوفاسيتش الجميع عاجزًا عن تفسير مايفعله في آداء أقترب من الكمال الكروي.
التوازن الهجومي للريال ساعد فيه تحركات بنزيما في عُمق دفاع البارسا وفازكيز على اليمين فأجبر البارسا كثيرًا على التراجع، أيضًا الضغط بخمس وسبع لاعبين على برشلونة في الثلث الأخير منعهم من الخروج بالكرة بأريحية فظهرت الأخطاء وظهر عدم التركيز والتشتت.
على الجانب الآخر حاول البارسا التقدم ولكن بعشوائية، أفلح تارات في الوصول إلى مناطق الخطورة ولكن قلبي دفاع الريال كانا بالمرصاد وخلفهم نافاس، ليو ظهر معزولًا فظهر سواريز تائهًا وبينهما أبدع برج إيڤل ” رافا ڤاران ” في تقديم واحدة من أقوى مبارياته على الإطلاق فتفوق في جميع الصراعات الأرضية والهوائية وأكد صحة وجهة نظر زيدان بوضعه أساسي كمستقبل للدفاع في مدريد حتى وإن كلَّف الأمر رحيل بيبي.
الشوط الأول استمر بهذا الشكل الذي تم سرده، وقف سوء الحظ في وجه مدريد كثيرًا فمنعه من تحقيق نتيجة تاريخية في شوط أول اكتسحه الريال بالطول والعرض واكتفي فيه بهدفين فقط بعدما بصم بنزيما على الهدف الثاني بعد ترجمته لعرضية مارسيلو بترويض وتسديد بنكهة ماركو ڤان باستن ليُنهي المباراة تمامًا من شوطها الأول.

الشوط الثاني

الشوط الثاني بدأ بتفوق طفيف من برشلونة مُقابل تراجع بسيط للريال، الأدوار التكتيكية ظلت كما هي في الريال وانتظر زيدان في تبديلاته ليلعب على رد الفعل لتبديلات ڤالڤيردي، وبمجرد تحويل ڤالڤيردي الخطة إلى 4/3/3 بإشراك ديلوفيو وأيضًا سيميدو على حساب بيكيه، أقحم زيدان كاسيميرو من أجل تفادي الضغط الهجومي وغلق المساحات في الخلف. زيدان وُضع بين خياري النظر إلى الأمام وإما النظر لتحقيق نتيجة كبيرة فقط فاختار الخيار الأول، اختار إقحام ثيو وسيبايوس على حساب أسينسيو وكوفاسيتش للدخول في الأجواء وترك اللعب يسير كما هو طالما الأمور تسير كما يريد، تواصل الضغط من الطرفين ولكن دون جدوى، استمرت المباراة على ما هي عليه وانتهت كما انتهى شوطها الأول، خسر البارسا اللقب والثقة وكل شيء، وفاز ريال مدريد وزيدان باللقب وبانطلاقة مثالية. للموسم وبجواهر حقيقية في الملعب وعلى دكة البدلاء.
و أخيرًا، بعيدًا عن تذبذب البارسا، ريال مدريد اقترب حاليًا من الكمال الكروي، ولعل هذا يفسر ما قلته أمس جليًا ” اختبئي يا أوروبا الآن، ريال مدريد لا يرحم! “.

يوسف حمدي


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد