الفرق بين الذات الخيالية والذات الحقيقي ج 2

إستكمالاً للطرح الذي وضعه بين أيدينا الدكتور عدنان إبراهيم في المقال السابق، في هذا المقال سنكمل طرح الدكتور، لكن بطريقتي المتواضعة حسب ما فهمته من طرح الدكتور والذي كان عنوانه الذات الخيالية والذات الحقيقية،
كنا قد ذكرنا الكلمة المأثورة للفيلسوف الروسي “برداييف”
حيث قال: ” هذا العصر الذي نعيش يتنكر جداً للأبد والخالد”
أي بمعنى أن اسواء مافيه انه يتنكر للأبد والخالد” هذا طرح من فيلسوف وجودي عظيم وقد أصاب بهذا ولامس عين الحقيقة، لكن هذا الكلام منقوص بعض الشيء ولابد من إضائه أكثر لهذا الطرح العظيم، وهنا يبرز المفكر عدنان حيث كان قد تفاعل مع كلام هذا الفيلسوف وأثنى على هذا الكلام، والان تأتي ديباجة المفكر عدنان بروح إيمانية قرآنية لكي يوضح لنا أكثر وينير لنا مغزى طرح هذا الفيلسوف، ليضرب لنا مقتطفات كأمثلة، لكي تتضح فكرة “برداييف” يقول د. عدنان أو معنى كلامه، حين يقضي المرئ سنيين طويلة في مطالعة الكتب وسهر الليالي في جد وإجتهاد لكي يتحصل على الشهادة العليا وفعلا بعد هذا الإجتهاد يبلغ المرئ مراده وتأتي التبريكات من جميع معارفه ويقومون له حفلا وتكون ليلة غامرة بالفرح وبعد هذا ينفض الجمع ويذهب كلا في سبيله وبعد هذا يأتي شعور محبط يسطو وينهش بالمرئ، أو اذا مثلا تزوج المرئ بأميرة أحلامه وكان يضن انه اذا تزوج بها سيحصل على السعادة كلها لكن عندما ينتهي من إنجاز ما كان قد عزم عليه فتتلاشى تلك السعادة التي كان يؤملها ويأتيه ذلك الشعور الغريب المليئ بالأساء، هناك يحتار المرئ ويتسائل ما الذي يحصل؟ ومثلا آخر ضربه د. عدنان يقول فيه حين تتذكر سجدة مطولة قضيتها ذات ليلة وكنت في ساعة مناجاة وتجلي وهيام في حضرة رب العالمين، ويكون هذا قبل سنوات طويله، مجرد ما تتذكر هذا تغمرك سعادة وسكينة وطمأنينة تتدفق في كيانك مجرد ما تتذكر فقط، ويكون هذا العمل قادرا ان يبعث فينا سعادة كل ما تتذكره، إذن هذا ليس كالشهادة العليا، وليس كالمال وليس كفتاة احلامك، وليس كأموال الصفقات المربحة، وليس كالمنصب الرفيع الذي تحصلت عليه.

بعد إستعراضنا لهذه الأمثلة البعيدة الغور وذات المعنى العميق سنفهم ان هذه الأمور التي تتفق لنا ما هي إلا رسائل من الله لكي تفهمنا اننا لا نبلغ ذاتنا حتى ننسخ ذاتنا، ذاتنا الحقيقية الربانية التي كما خلقها الله، ونفخت فيه من روحي هذه المتجسدة في ذواتنا هي التي لا تبحث إلا عن لله، ولا تسعد إلا بالله، ولا تركن إلى الله، ليس لها منتهى إلا إلى الله، ولا نبلغ هذه الذات حتى ننسخ تلك الذات، الذات الخيالية، اذن هناك ذات حقيقية وذات خيالية، والذات الحقيقية محرومة لم تتح لها الفرصة للإزهار والنمو لقد كبست وركمة ودفنت تحت غبار اتربة وصخور الذات الخيالية، هذا ما قاله الدكتور عدنان إبراهيم بالنص وهذا طرح فلسفي عميق جداً إذا تأملنا، وهكذا ينبغي أن نفكر
هل قد تعرفنا على ذاتنا الحقيقية؟ ومتى يمكن أن نلتقي بذاتنا الحقيقة سيما وان العمر قصير والوقت لا يرحم ولا ينتظر وهناك فرص كثيرة تبرز لنا في حقبة السنيين التي كتبت لنا
لكي نتعرف على هذه الذات الحقيقية التي من خلال تنميتها ستمهد لنا سعادة الأبد وستكون مركبة تقلنا إلى رحلة سعادة الخلود.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد