ذكر صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء” فقيل يا رسول الله من الغرباء ” قال اللذين يصلحون إذا فسد الناس “، فكيف كان ظهور الإسلام وبدايته ؟
بداية ظهور الإسلام
والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على النوائب”، هذا ما قالته السيدة خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاء إليها يرتجف من الخوف، يخشى على نفسه، لا يدرك حقيقة ما رأى من الوحي، حتى طمأنه ورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة، وبشره أن هذا هو الوحي الذي جاء به الأنبياء من قبل، وتمنى ورقة أن يطول به العمر فيرى رسالة محمد وهي تعلو وتنتشر، مات ورقة قبل ذلك، ولكن نور الإسلام أضاء الأمة، وأتم الرسول (ص) رسالة الرحمة للعالمين، بعد رحلة لم تكن بالسهلة أو الهينة.
بداية الدعوة الإسلامية
استجاب في البداية القليل من أقارب النبي (ص) مثل زوجته السيدة خديجة بنت خويلد، والصبي علي بن أبي طالب، ومولاه زيد بن حارثة، وحاضنته أم أيمن، وأيضا القليل من أصحابه مثل أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهما جميعا، حيث أمر الله تعالى نبيه بالدعوة سرا في بداية الأمر وكانت في طي الكتمان والخفاء.
الجهر بالدعوة بعد ثلاث أعوام
بعد ثلاثة أعوام من بداية الدعوة سرا نزلت الآيات الكريمة ” فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين “، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو عشيرته الأقربين، حيث صنع لهم طعاما ودعاهم إليه وبدأ يدعوهم إلى الإسلام، فغضبوا وقاطعوا كلامه، ثم انصرفوا عنه، لكن النبي لم ييأس وذهب إلى جبل الصفا ونادى ” يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبا قط، قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد”، وأخذ ينادي على القبائل ويدعوهم حتى صاح عمه أبو لهب ” تبا لك ألهذا جمعتنا ؟.
مشهد للمسجد الحرام قديماموقف أئمة الكفر في مكة
حاول المشركين العبث بالدعوة وقتلها في مهدها واختلفت الآراء، وانقسم البشر في هذه المنطقة من الجزيرة العربية، بين مؤيد ومعارض، وفي البداية أسلم من زهد في الدنيا، مثل الكثير من العبيد، وجاءت الآيات المكية بالقرآن الكريم داعمة للرسالة موضحة رسالة التوحيد، قال تعالى ( يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب)، سورة الحج آية 73.
تجمع أئمة الكفر ضد الإسلامالإسلام خطر يداهم قريش
رأت قريش أن الإسلام خطر يداهمها، ويهدد كيانها، حيث كانت عبادة الأصنام في الكعبة هي أساس مركز قريش بين القبائل التي تحج إليها، وكان ذلك مصدر ثروتهم، ف هاجمت قريش الدعوة الإسلامية من أجل مصالحها ميراث آباؤهم، ووضعوا أصابعهم في آذانهم ورفضوا والإصغاء إلى صوت الحق، أو حتى التفكير فيه، بل بدأت في تعذيب واضطهاد النبي وأصحابه وكل من اتبع هذا الدين، وظهر الحقد على المسلم من أقرب الناس إليه، فها هو الصحابي مصعب بن عمير يعذب من أخيه وأمه.
تعذيب المسلمينموقف أبي جهل
هذا موقف إحدى أئمة الكفر” أبو جهل إذ نزلت فيه الآيات الكريمة من سورة العلق عندما هاجم الرسول (ص) ومنعه من الصلاة في البيت الحرام، وألقى عليه شاة مذبوحة، وهدد النبي بأن يأتي بعشيرته لمهاجمة الرسول (ص)، قال تعالى ” كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية، ناصية كاذبة خاطئة، فليدع ناديه، سندع الزبانية، كلا لا تطعه واسجد واقترب”.
موقف المشركين من صحابة رسول الله
كان موقفهم من عبيدهم الذين أسلموا أشد قسوة، فعذبوهم عذابا شديدا، وتفنن المشركين في التنكيل بهم، ومن أمثلة الصحابة الذين نالوا أنواعا عديدة من الأذى، ما روى عن بلال بن رباح وآل ياسر، وخباب بن ألأرت، وعبد الله بن مسعود وغيرهما، هذا إلى جانب ما يسمعون من فحش القول أينما كانوا.
تعذيب قريش للمسلمينأبطال التضحية وأصحاب المبادئ السامية
ضرب صحابة رسول الله (ص) أفضل الأمثلة للصبر والتضحية والتحمل والجهاد، حتى رفعوا راية الإيمان والإسلام على أكتافهم حتى وصلت للأجبال بعدهم، ولولا فضل الله علينا ثم إيمان الأوائل وتضحياتهم لم يكن للإسلام أن ينتشر، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
نفحات من الرحمة
في خلال هذه الفترة الرهيبة التي مرت على المسلمين، من الله عليهم بإسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي، وعمر بن الخطاب رضي الله عليهما، كانا رجلان قويان أعز الله بهم الإسلام، وشجع الكثير أن يدخلوا الإسلام بإسلامهم، ورزق الله الرسول (ص) بثبات عمه أبا طالب في الدفاع والذود عنه، حيث قال أبا طالب مقولته الشهيرة ” اذهب يابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء تكرهه أبدا”.
عز الله الإسلام بحمزة وعمرالهجرة إلى الحبشة
لم يكن التاريخ الذي ذكرنا يوما أو ليلة، بل مر على هذا الإيذاء أعوام، حتى أن جاء العام الخامس من البعثة النبوية، أشار الله على أصحابه أن يفروا بدينهم ويتفرقوا في الأرض، رحمة لهم من التنكيل المتواصل من المشركين، فقالوا إلى أين نذهب يا رسول الله، فأشار لهم بأرض الحبشة، لأن فيها ملك عادل لا يظلم عنده أحدا، وكانت الهجرة إلى الحبشة هجرتين، حيث كانت الهجرة الثانية، بعد عام واحد من رجوع المسلمين الذين رجعوا من الهجرة الأولى، حيث رجعوا إلى النبي شوقا إليه، ولأنهم اعتقدوا أن المسلمين في مأمن بعد إسلام حمزة وعمر، ثم هاجروا مرة أخرى عندما وجدوا قريش ما زالت على عهدها من القسوة لمن اتبعوا الدين الحق، بل ازدادت ظلما، فهاجروا وهاجر معهم الكثير إلى الحبشة، ومن هنا نعلم أن هجرة المستضعفين أقرها الإسلام ونصح بها الرسول (ص) أصحابه، وذكرها الله في القرآن الكريم ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها )، سورة النساء الآية 97.
ياسلام عليكوم بهذ الحلم