الذكر والفكر: لماذا قدم الذكر على الفكر في القرآن الكريم؟

“إن في خلق السماوات والأرض، وإختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض” الآية،
السؤال_ لماذا قدم الذكر على الفكر؟…سوال لابد لنا أن نطرحه من زاوية جديدة، ولابد أن نتأتى بالجواب عنه أيضاً من زوايا جديدة.

حين كنا صغارا أيها الإخوة، على الاقل اتكلم عن تجربتي الشخصية، ويبدوا أنها تجربة مشابه تماما لسائر تجاريبكم
وعلى ما نسمع ونتعاطى الإستماع للأذكياء والألباء من البشر، حين كنا صغارا سلمنا بسلاسة وبسهولة دون مناكدة ودون مشاكسة، ” بإن الله موجود” سلمنا بهذه الحقيقة بطريقة عجيبة جداً جداً وأيقنا بهذا، وكنا أطفالا صغارا، حجم معارفنا جد ضئيل، ايقنا ولم نتشكك، نعم كانت لنا أسئلتنا الصغيرة، أين هو؟ نريد أن نراه، وهذا طبيعي لإن الأنبياء انفسهم تاقوا ان يروه، ” ارني انظر إليك” مثلا، كانت لنا مثل هذه الأسئلة الصغيرة كوننا أطفالا لكن أسئلة كبيرة جداً جداً ان جاز التعبير، أما فيما عدا ذلك سلمنا ان الله موجود وايقنا بهذا واسترحنا إليه وكنا نناجيه وندعوه ونطلب منه ونغضب على أشياء لم تتفق لنا، إزائه لا إله إلا هو، وكنا ندعوه ان يغيرها،
اشياء كثيرة من هذا القبيل، لذلك كنا متعبدين متولهين دون ان ندري ونحن صبية صغار، ترى ما السبب بهذا؟ وكيف يمكن لصبي صغير ان يفكر بهذا؟ طبعا هذا مدخل عجيب جداً وبداية موفقة لطرح موضوعي هذا، كيف يمكن لصبي صغير لم يتحصل على المعارف ما يعبئ به أو يبالى، ان يتخذ هذا الموقف التسليمي بسلاسة وطمأنينة نفسية ووجدانية؟
“والسؤال طبعا متعجرف” لماذا؟ لإن هذا السؤال بطريقة أخرى يعني اننا نحن الكبار نضن اننا قد تحصلنا على معلومات، ومعارف، ودرايات، وتوفرنا على لياقات عقلية ونفسية، يمكن ان تأهلنا الى التعاطي مع الملاء الأعلى للتعاطي مع قضية الحق لا إله إلا هو،.. مثل هذا المفهوم طبعا هذه عجرفة وعنجهية، لماذا؟ …في البداية سل نفسك أيها الإنسان ما هو حجمك قياسا بكوكب الأرض، وما هو حجم كوكب الأرض قياسا الى المجموعة الشمسية، وما حجم مجموعتنا الشمسية قيسا إلى مجرة درب التبانه 100 ألف سنة ضؤية، وما حجم مجرة بأربعمة الف مليون نجم والشمس واحدة منها، هذا في المجموعة المحلية، ما حجم المجموعة المحليه إذن قياسا لحجم لكون، 14 مليار سنة ضؤيه
ما هو حجم عقلك إذن بالنسبة لهذا الكون، أنت تزعم أن عقلك هذا هو الذي أستدل على الله،؟ وأيضا هذا المفهوم متعجرف وليس له وجه من الصحة، نعم ليس هذا العقل هو الذي استدل على الله. بضربه واحدة اقولها لكم، بعض الناس يقرأ مثل قوله تعالى “يهدي من يشاء ويضل من يشاء” فيأخذها من زاويه الجبرية التيسير والتخيير، والإجابة.. ليس هذا هو المفهوم الصائب وإنما من زاوية التبعية ينبغي أن تؤخذ، إنها من زاوية الملك، من زاوية الخالقيه والتدبيريه والسيادة لهذا الوجود وكله له “وحده لا إله إلا هو” كيف؟.. بعبارة بسيطة جداً لا تسطيع أن تقول إن وعيك وإن إرادتك ويقضتك هي من وفرة لك عوامل الحياة والإستمرار في الحياة، وهذا يستحيل لإنك أيها الإنسان كائن مكون من أكثر من 100 بليون خلية، تعمل بإنتضام وفق برنامج مهندس دقيق جدا
ولو إنقطع عنك خلية من الخلايا أوعضو من الاعضاء مباشرة ستسقط ميتا، وطبعا يأتي الانسان المتعجرف يقول سبب الوفاء كذا وكذا، وهذه عجرفه، السؤال لماذا كان هذا الوفاة على هذه الشاكله، لماذا توقف القلب ان افترضنا أن هذا هو سبب الوفاة
الإجابة الحقيقية لهذا السؤال أنه لم يأتيه المدد، انقطع عنه المدد، وانه سبحانه وتعالى انهى وضيفته في هذه الحياة وانتهى مشواره.

سئل الإمام على كرم الله وجه، بما عرفت ربك يا علي
قال: ” عرفت ربي بربي ولو لا ربي ما عرفت ربي وعرفت محمد(ص) بربي ”
وحفيده زين العابدين يقول: “بك عرفتك وانت دللتني عليك ودعوتني إليك ولولا أنت ما عرفت ما أنت”
هذا هو الحق، أولم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد، حتى البراهين الآيوية عندما ننظر في الملاء الأعلى والادني وفي انفسنا، كل هذه الآيات لا تأخذ مكانتها إلا بالإيمان بالله،
قال تعالى; ” سنريهم آيتنا في الآفاق وفي أنفسهم” ثم قال سبحانه وتعالى” أولم يكفي بإن الله على كل شيء شهيد”
هنا نفهم أن الآية وعلى البرهان الآيوي وعلى العقل الذي يستفيد من البرهان وعلى النتيجة المتحصلة من البرهان المستفاد في العقل الناظر في البرهان،
ويقول أحد العارفين: ما رأيت شيء إلا ورأيت الله قبله وبعده وفوقه وفيه ومعه، نعم هو “الأول والآخر والضاهر والباطن”.
المفكر د. / عدنان إبراهيم. حفظه الله


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.