قصة أصوات الغابة قصص أطفال قبل النوم

كاَنت هانية واقفة على الشُّرفَةِ المواجهة للبُستانِ، تَقضمُ شطيرة خبز مع لبن، حين حَطَّ بِجَانبها عُصفُور دُوري أخذ يقفز ويَنقُدُ بقايا خُبزِِ سقطت منها.

dav

ثم جاء دُوري ثانِِ وثالث.

فَرحت هانية ورمت للعصافير بقايا

أخرى، وتطلعت  نحو البُستان، فرأت عصافير كثيرة تُرفرف في الجو وتَحوم حول شجرة نخل عالية.

وفي رأس الشجرة جماعة من العصافير، مُصطفين كجوقة مرتلين، يُغنون معاََ بأصوات عالية حادة.

وقفت هانية تُصغي إلى زقزقةِ العصافير.

ثُمَّ رأت بعضها تطير إلى بُستان الحيران حيث علق الجار وديع قفصين في كل منهما حَسُّون مُزخرف الألوان.

وسكتت العصافير بُرهةََ فسمعت هانية صوت الحسونين يُغنيان لحناََ لطيفاََ مُختلفاََ عن لحن العصافير الدورية.

طربت هانية وصفقت بيديها وإذا بها تسمع صفيراََ حاداََ عالياََ ! مِن جهة شجرة الرمان.

تطلعت فرأت عُصفوراََ كبيراََ أسود اللون ينظر إليها بعينين سوداوين لماعتين.

فسألته:

_ أأنت الذي يَصفِرُ ؟

_ نعم.

_ ما اسمك ؟

_ أنا الشحرور.

_ مِن أين جِئت ؟

_ مِن الغابة القريبة أتريدين أن نذهب إليها ؟

_ لماذا ؟

_ لِتسمعي مُوسِيقى الغابة، موسيقى الطيور والعصافير والحيوانات.

_  نعم، خُذني معك، إني أُحب الموسيقى كثيراََ !

مشت هانية والشحرور أمامها يطير.

يقف حيناََ على شجرة ويصفر لها فتركض حتى تصل إليه.

ثُم يُعادون الطيران فتجري وراءه، مشت في شِعاب ضيقة بين الأعشاب والصخور، والشحرور أمامها.

حتى دخل غابة الصنوبر فدخلت وراءه، وتطلعت حولها.

رأت العديد  من شجر الصنوبر  العالية تمد أغصانها كالشماسي الكبيرة، بينها شجيرات صغيرة لاصقة بالأرض، عَرفت منها الدفلى والعرعر والريحان البري.

كانت الغابة ساكنة لا يسمع فيها صوت، فخافت هانية، ثم رأت الشحرور ينظر إليها بعينيين سوداوين لماعتين، فذهب عنها الخوف.

فجأة ارتفع بجانبها صوت طبل يقرع، دق دق دق دق دق.

فالتفتت إلى ناحية الصوت ورأت ثلاثة أرانب طوال الآذان، كل منهم يحمل طبلاََ يقرعه.

وفي أعلى شجرة سنديان كان سنجاب منفوش الذَّنَب ينفخ مزماراََ يُصَوّت ويقول، تو تو تو تو !

وظهر أمامها ثعلب باسم يدق على الكمان.

قُرب شجيرة الدفلى جلست غزالة تدق بقوة على صندوق يشبه البيانو.

وفوق شجيرة العرعر حِرباء لفت ذنبها ومسكت بالغصن، وفي فمها قصبة تنفخها فترسل لحناََ عالياََ، هذه القصبة هي الناي.

أمَّا القرد فحمل الدف وأخذ يخشخش به، بينما جلس الدب قُبَالته يُحرك آلة اكورديون. 

 كل هذا والحساسين في أعلى أشجار الصنوبر تغرد وتجاوبها البلابل والقماري والدواري، وامتلأت الغابة بالموسيقى والألحان.

وارتفع القمر في السماء ينظر ضاحكا إلى حيوانات الغابة وطيورها، ويمد أذنيه ليسمع موسيقاها الصاخبة.

ونظرت هانية إلى القمر فرأته يُصغي ضاحكا إلى الموسيقى ففرحت وأصغت بكل انتباه، ثم رفعت صوتها وأخذت تُغني:

_ كان عندي حسون، ظريف ومهضوم يكرج، يقفز، بأكل، يبرم، يفتل مثل البلبل، لما الليل يعود يطوي عيونه السود.

وخفت الأصوات حتى صارت كالهمهمة، ورقت الألحان حتى صارت كخفيف الأوراق يُلاعبها النسيم.

وأطبقت هانية عينيها ونامت تهدهدها الأصوات الخافتة، كما تهدهد الأم طفلها.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد