شمس الصين الاصطناعية.. وشمس ربنا

بخلاف الرواية الدينية التي تحدد كيف خلق الله الكون، لا يوجد أي رواية أخرى تتحدث عن بدء الخليقة إلا نظرية ” الانفجار العظيم”، وهي نظرية تحاول بكل الطرق الوصول إلى بديل للسيناريو الذي جاءت به الأديان السماوية عن صناعة الكون.

ورغم تطور النظرية على يد أكثر عالم منذ بداية القرن الماضي، إلا أنها ما زالت تراوح مكانها خاصة لدى العامة والكثير من الخاصة أيضا، لعجزها عن الإقناع الشامل لزوي العقول بتفاصيلها.

تقول إن الكون كان كتلة واحدة، وصلت إلى درجة حرارة عالية جدا، ثم حدث الانفجار التي شكل جزئيات الكون الحالي مع تطور في مفرداته، وهناك الكثير جداً من التفاصيل العلمية التي يجاهد بها أصحاب النظرية في محاولة مستميتة لإقناع أنفسهم أولا ثم الآخرين بأنها التفسير العلمي الصحيح لبداية الخلق.

عندما يقولون في البداية كان الكون كذا، فالسؤال الطبيعي وماذا كان قبل البداية؟ عموما لا مجال لمناقشة النظرية، ولكنها مقدمة ضرورية للحديث عن أقوى وأفضل ابتكار علمي أعلنت عنه الصين في الفترة الأخيرة، أنها استطاعت توليد طاقة حرارية تصل إلى 120 مليون درجة مئوية من خلال مفاعل نووي ضخم يعمل بأحدث ما وصل إليه العلم في المجال النووي.

استطاع المفاعل النووي إنتاج هذه الطاقة لمدة 101 ثانية، نعم لقد كتبتها بشكل صحيح وانت عزيزي القارئ قرأتها أيضا بشكل صحيح “101” ثانية أي أقل من دقيقتين، إلا إنها طاقة تفوق طاقة شمس ربنا بأكثر من سبع مرات.

الإعلان عن إنجاز علمي بهذا الشكل وبعنوان أن الصين تصنع شمسا موازية للشمس الطبيعية تفوق قدرتها كثيرا، دفع الكثيرون من أنصار نظرية الانفجار العظيم إلى الشعور بالسعادة البالغة لأن العلم توصل أخيرا إلى إنتاج مثيلا للمعجزات التي تحدثت عنها الأديان أنها من صنع الله فقط.

إنه الانتصار العظيم الذي يشابه الانفجار العظيم، ليؤكد أن العلم هو الإيمان الحقيقي وليس الغيبيات التي يؤمن بها الدراويش.

أصحاب الإنجاز الجديد يرون فيه فوائد كبيرة إذا تم توجيه هذه الطاقة لأماكن محددة يمكنها التحكم في الرياح والأمطار وغيرها من التضاريس المناخية بما ينفع العالم ويحميه من بعض الكوارث الطبيعية، إضافة إلى الفوائد الاقتصادية أيضا.

وبعيدا عن الأضرار الجمة للمفاعلات النووية، والتي تشهد حاليا موجة من الرفض العالمي ضد التوسع والانتشار في بنائها خوفا من مخاطر خروجها عن السيطرة، إلا أن الاختراع الجديد كما هو له منافع كبيرة – إذا أحسن استخدامه – له أضرار أكبر إذا تعرض للإهمال أو الحوادث.

وبالقدر الذي هلل له أنصار العلم فقط لهذا الاختراع الكبير على أنه انتصار علمي، بقدر ما هلل له أصحاب الديانات السماوية، على اعتبار أن الشمس الاصطناعية التي بثت الطاقة لمدة أقل من دقيقتين، كانت نتيجة خلاصة العلوم في هذا المجال، وهو ما يعني أن الشمس الطبيعية التي تستطع منذ الآلاف السنين، لا بد أن هناك من إله حلقها وكيفها كي تعمل بانتظام شديد لفائدة الإنسان الذي يصر على البحث عن بديل لله الواحد الأحد. فتكون النتيجة انه يخترع دليلا جديدا على وجود الله.

 

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد