مكافحة التبغ في مصر خجولة جدا.. وصفوت “كيان بمفرده”

منذ أيام قليلة أعلن من داخل نقابة الأطباء المصرية، فعاليات المؤتمر التأسيسي الأول للاتحاد العربي لمكافحة التبغ، بمشاركة النقابة والجمعيات الأهلية والأفراد في عدد من الدول العربية، إضافة إلى قيادات العمل الصحي على المستوى الإقليمي والدولي منهم ممثلي منظمة الصحة العالمية وبعض سفراء الدول الشريكة في تأسيسي الاتحاد.

دكتور حمدي السيد ودكتور وائل صفوت خلال إعلان تأسيس الاتحاد العربي لمكافحة التبغ

وبالطبع أي جهود تصب في إطار مكافحة التدخين في مصر والعالم العربي، تستحق الإشادة والمساعدة وتوفير كل ما يلزم لها من وسائل تساعدها على تحقيق أهدافها، ليس بهدف هزيمة خصم عنيد جداً وقوي جدا، لكن على الأقل كي تنجح في الحد من خطورته الضخمة على صحة المواطن واقتصاد الوطن.

الأرقام الخاصة بضحايا التدخين محليا وعالميا لا تخفى على أحد، وتقوم الجهات المعنية سواء في الحكومة أو القطاع الخاص أو المنظمات الدولية بإعلانها سنويا، من خلال تقاريرها وندواتها واحتفالاتها باليوم العالمي لمكافحة التدخين، والواضح أن المتلقي قد تعود على كارثة أرقام الوفيات والخسائر الصحية والمادية الأخرى التي تتحدث عنها هذه التقارير، مثلما يسمع في نشرة الأخبار يوميا عن أحداث القتل والدمار في مناطق الصراعات والحروب ولا يحرك ساكنا لتحول هذه الأخبار لروتين يومي.

التدخين قاتل شرس يحتاج إلى جهود كبيرة لمكافحته

لذلك اعتقد أن مكافحة التدخين في مصر والدول العربية خجولة، وتعمل على استحياء شديد، وكأنها تعمل بهدف إثبات التواجد، مثل المحامي الذي توكله المحكمة للدفاع عن متهم لم يطلب خدماته، لان المكافحة وإنتاجها حتى الآن لا يتناسب مع خطورة القضية والآثار المدمرة للتدخين عموما، وأتذكر تصريح مدير معهد الأورام بالقاهرة لي أثناء التحضير لتنفيذ فيلم وثائقي عن آثار التدخين قوله: إننا نتلقى 50 حالة بكر يوميا مصابة بالسرطان!!

 

الأسباب كثيرة، وبالطبع يأتي في مقدمتها الإمكانيات المادية المتواضعة المتاحة أمام رجال المكافحة، في مواجهة ميزانيات ضخمة ترصدها شركات إنتاج التبغ لحملاتها الدعائية المباشرة وغير المباشرة، رغم وجود اتفاقية دولية لمنع الإعلان عن التبغ بكل الصور، بل إنها تحارب القائمين على المكافحة سواء عن طريق إفشال جهودهم بكل الوسائل، أو احتلال موقعهم في صفوف المكافحة، نعم يفعلون ذلك من خلال رعاية بعض الأنشطة التي تدعو الشباب إلى الابتعاد عن التدخين، وكأنهم يحكمون على أنفسهم بأخف الأحكام وينفذونها بأيديهم حتى لا يتولى الغرباء جلدهم.

أيها المدخنون: التدخين يقتل نصفكم ويضعف الرجل ويشوه المرأة

 

الدكتور وائل صفوت، الذي يتولى رئاسة الاتحاد العربي المزمع إنشاؤه، كان ولا زال من أهم الشخصيات المصرية والعربية في مجال مكافحة التبغ، وقد سبق وعملت معه في هذا المجال لسنوات طويلة كان معظمها تطوعا لوجه الله وعدالة القضية، ولم أر أحدا كثر منه حماسة وإصرارا على طرق كل الأبواب، في مجال مكافحة التبغ، عمل مع الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، ومع الجمعيات الأهلية، ورايته في معظم الدول العربية يحضر المؤتمرات والندوات وينظم التحالفات، والأكيد أن كل من عمل معه يعلم ذلك جيدا، وربما يكون أقرب وصف له أنه كيان نشط جداً بمفرده، ورغم كل ذلك تظل هناك لكن.

هل يمكن لأفراد أو جمعيات أهلية بجهودها المتواضعة الوقوف في مواجهة كيانات وشركات عالمية ضخمة تهدف أولا وأخيرا للربح على حساب صحة الناس؟ لا أعتقد أن الإجابة صعبة، والأمل في ظهور كيانات كبيرة على المستوى المحلي أو الإقليمي مثل الاتحاد العربي لمكافحة التبغ الذي أتمنى أن يكتب له النجاح في الخروج للنور، وأن تتوافر له الإمكانيات لعل وعسى يستطيع الوقوف في مواجهة وحش لا يهدأ ولا يتوقف عن قتل أنصاره وعملائه ليل نهار، إنه التدخين.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد