قمة مجموعة العشرين.. ورسائل لاذعة!

بقلم – إبراهيم فايد

في عالم السياسة والاقتصاد وحكاوى الحكومات وحواديت الإنجازات ورفاهيات الشعوب، نتناقش نتباحث نتناظر، نختلف ونتراشق بالألفاظ هنا وهناك في جنبات السوشيال ميديا ويتسارع كل طرف لنشر وتأكيد تضامنه عبر بوستات فيسبوك وتويتات تويتر ومقاطع يوتيوب وغيرها، كلُّنا يعادي كلِّنا لأجل سياسات حكومات وأحزاب، نتشتت لفئات وطوائف ما بين متضامنين ومناهضين وثوار ومعارضين ومؤيدين ولجان إلكترونية تشجب وتدين هذا وتُثَمِّن ذاك وتنقد هذه وتدعم تلك، ثم نصحو جميعنا على رأس كل عام أو على الأرجح في نهايته لتبدو لنا تلكم الحقائق المُرَّة القاصمة التي تفصل بين الجميع.. إنها قمة مجموعة العشرين، وما أدراكم ما هي!

تلك القمة التي يعلم ماهيتها جيدًا رجالات ومحررو ومحللو الاقتصاد والقادة والخبراء الاستراتيجيون، هي القمة التي يجتمع فيها قادة دول عظمى صاحبة اقتصاديات ضخمة، عشرون دولة تمتلك أكثر من ثلثي اقتصاد العالم وتتحكم به، عشرون دولة تضم أكثر من ثلثي شعوب العالم، عشرون دولة تسيطر على أكثر من ثلثي حجم التجارة العالمية، عشرون دولة تنتج تسعين بالمائة وأكثر من إجمالي المواد الخام بالعالم، عشرون دولة تتحكم في أزمات العالم المالية وكذا هي مَن تمتلك الحلول دائمًا وتوجدها، عشرون دولة مهما طالتها سِهام النقد والخلافات السياسية تسارع لتجتمع كل عام لأنها تدرك جيدًا ما هي وما قيمة وقامة وتأثير وسيطرة ونفوذ كل دولة في هذا العالم الفسيح؛ لتتلاشى تدريجيًا بينها الخلافات السياسية والدبلوماسية حيث تبرز لغة المال والأعمال والأرقام، وهنا يعرف كل بلد قدره حق قدره، مَن أسياده ومَن أولياؤه ومَن مواليه.. ومَن يستحق ومَن لا يستحق.

حقيقة الأمر هي تسع عشرة دولة فقط لا غير، بيد أن هناك ممثلًا للاتحاد الأوروبي اعتبروه العضو العشرين، لكن وبعيدًا عن هذه التفاصيل، تبقى قمة مجموعة العشرين المنعقدة في نوفمبر وديسمبر من كل عام هي المحرك الاساسي لاقتصاديات ليست الدول المشاركة فحسب، بل اقتصاديات العالم أجمع، والجميع ينتظر قرارات وتوصيات واتفاقيات وبروتوكولات تعاون هذه القمة بفارغ الصبر، هذه القمة المنعقدة اليوم في الرياض حيث تستضيفها المملكة العربية السعودية والتي تعد من أهم الاجتماعات الدولية حيث الحضور قادة وزعماء دول ووزراء مالية ومديرو البنوك المركزية للدول الأعضاء.

لا أود الإطالة حول هذه القمم وماهيتها ونشأتها وو، لكن -ومن منظور محرر سياسي- وددت الإشارة إلى أن قامات الدول لا تُقاس بالتصريحات العنترية ولا بالإشادات الإعلامية ولا بتجييش حملات لاذعة مؤيدة أو معارضة لأنظمة وحكومات عبر شبكات الإنترنت وفضائيات وبرامج التوك شو، لكنها تُقاس بمثل هذه المؤتمرات ومدى تأثيرها الذي في الغالب تصاحبه مظاهرات حاشدة في عدد من الدول -ولعل أبرزها مظاهرات لندن والأرجنتين- وذلك لأهمية تلك القمة وما تناقشه وتقره من قرارات، “الاتحاد الأوروبي ،الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، وإندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، السعودية، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، تركيا، بريطانيا، الولايات المتحدة” انظروا وتمَعَّنوا جيدًا في هذه الدول العشرين لتعرفوا مَن له حق حضورها ومَن يُستضاف فيها، مَن يقرر مَن يناقش مَن يطرح مَن يقترح، بل مَن يُسَيِّر العالم بخطاب يلقيه في مثل هكذا اجتماعات مُوَسَّعة لا سيَّما بجلسات حضور رؤساء العالم العشرون أو الـ19 المشاركون.

ختامًا، أود أن أقول: دعوكم من خلافاتنا السمجة وتطلعوا للعلا في وجوه هؤلاء الحضور، وكيف لكل زعيم الحق في تمثيل بلده بحق -وباعتراف العالم أجمع- يستحق ودولته تستحق لأنه أنجَزَ وطَوَّر وقدَّمَ ليس مجرد شعارات ولكن على أرض الواقع ارتفع برفاهيات بلاده بعد أن أوْجَدَ حاجياتها الأساسية، قد تبدو كلماتي غامضة لكن لها دلالات مباشرة وغير مباشرة أتمنى لو يتفَهَّمها أولو الألباب من سياسيَّي مصر -مؤيديها ومعارضيها- ليدركوا مَن نحن وأين نقف نحن ومَن نعاديهم ومَن نواليهم، وهل السياسة هنا أو هناك تستدعي كل هذا الجدل المتسارع والمتصارع دفاعًا أو تنكيلًا بأشخاص وكيانات جعلوا من دُوَلِهم مُسوخًا تقتات عند سفح الحاجة والفقر المدقع على الديون والمعونات والعطايا والمنح التي لا ترد، بينما تعيش أخرى بأعلى قمة الهرم الاقتصاد تلقي بالفتات لمن دونها؟!

#إبراهيم_فايد


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد