حادث رشيد مغنمة المتملقين.. و”ماسبيرو” أبرزهم

أىَّ حماقةٍ هذى لأشخاص لم يتركوا سبيلًا للتملُّق إلا وانتهجوه.. أشخاص جرى النفاق بألسنتهم مجرى الدم من العروق.. أشخاص إذا عانى العطشى ندرة الماء برَّروا ذلك بالافراط في الشراب.. أشخاص أكلوا على كل الموائد وتراءوا في مختلف العصور.

 

لَكَمْ أحزن قلبى -والملايين مثلى- تصرفات وتبريرات أولئك الحمقى الذين عقَّبوا على حادث غرق مركب رشيد بأن جعلوا من الظالم مظلومًا ومن المظلوم ظالمًا، فظهر الغريق كمجرم آبق من العدالة استطاع التهرب من العقوبة لانقضاء المدة القانونية وسقوط العقوبة، وظهر المصابون والجرحى كأغبياء تركوا نعيم بلادهم وترف العيش ليتشردوا في أزقة أوروبا وحواريها الخرِبَة.. أما ذويهم فأولئك المهملين الغير مسئولين الذين شجعوا أبنائهم على اهمال ملايين الوظائف الراقية بعشرات الالاف من الجنيهات ليذهبوا لمآلٍ مخزٍ وفاضحٍ بأواسط أوروبا !

من بعض الآراء التي أفقدتنى صوابى وكاد عقلى يشِتُّ هى التي عبَّر بها هؤلاء ممن تناسوا مئات الجثث والمفقودين، وعشرات الجرحى والمصابين، وآلاف المُعَذَّبين والموتورين من ذويهم ؛ فَعَلَتْ أصواتهم تنادى بأنها مؤامرة لاسقاط شعبية “السيسى” ! فأى عقل هذا؟ وأى تفكيرٍ هذا؟ وأى قلبٍ هذا؟ بل أىُّ لا قلبٍ هذا؟! ؛ فرغم ضعف بل انتفاء مثل ذلك الاحتمال الواهى العقيم، إلا أنه على افتراض صحته.. ألم يكن من الأولى بمكانٍ أن نحشد تلك المشاعر والعواطف والأحزان والأشجان لعزاء ضحايانا ومواساة أُسَرِهِم بدلًا من تملُّق “السيسى” والبحث عن موضع رضىً لديه غير مبالين بمواضع سخطٍ من الله؟!

ماسبيرو وما أدراك ما ماسبيرو.. مما أثار غضبى وحَنَقِى حقًا تلك اللامهنية التي انتهجها التليفزيون المصري كعادته في ترتيب استعراضه للأخبار ؛ حيث أصرَّ على مدار أربعة أيام منذ بداية الحادث وحتى الآن -رغم ازدياد أعداد الضحايا وتنامى خطورة توابع الكارثة- على أن ينقل خبر الحادث هذا كدرجة ثالثة وأحيانًا رابعة بعد استعراض كلمة “السيسى” بالأمم المتحدة، وتصريحات لوزير الخارجية، ولقاءات بين شخصيات بارزة، واستقبال مداخلات هاتفية لخبراء ومتخصصين ومراسلين ، ومن ثَمَّ يبدأ مُعِدُّوا الأخبار والقائمين عليها في استعراض بعض المعلومات عن الحادث بكل مرونة وبساطة ليمر مرور الكرام كغيره من الأحداث الأقل من عادية.

أخيرًا وليس آخرًا تلكم استفسارات تطرح نفسها على الساحة ولا يجد المواطنون العقلاء سبيلًا لتفسيرها :-

>> يا مسئولوا ماسبيرو: ألا تعلمون أن هذا الوفد المصري بكل قياداته ما ذهب للأمم المتحدة إلا باسم الشعب؟ ألا تعلمون أن الشعب أَولى بأن تتحدَّثوا باسمه لا أن تتحدَّثون باسم من يتحدَّث باسمه؟!

>> أين التليفزيون الرسمى للدولة، بل التليفزيون الرسمى للشعب من إعلان الحداد على مُلَّاكِهِ الأصليين (الشعب)؟

>> ألم يكن من المتاح لكم إظهار التضامن مع هؤلاء المساكين وأُسَرِهِم -ولو من باب التظاهر- بمجرد شريطة سوداء لا تتعدى السنتيمترين اعلى يسار الشاشة؟

>> ألا يحق لنا تأبين أبناء الشعب أو على الأقل التعامل معهم كتعاملنا مع أحد ملوك وأمراء الخليج الذين أن مسَّ احدهم الضُّرُّ دعا التليفزيون المصري له بالشفاء؟!

>> ألا يحق لنا على أقل القليل أن نتعامل معهم كمواطنين أجانب غير مصريين؟

>> أين الأستاذة الفاضلة “صفاء حجازى” من ذاك الخطأ الجسيم في حق شعب كامل؟

>> أليست هى من انتفضت وأمرت وعاقبت وأقالت شخصًا مظلومًا لخطأ مهنى لم يقع تحت مسئوليته المباشرة؟

>> أىُّ عقلٍ هذا وأىُّ استهجان واقتناص هذا لحقوق شعبٍ بذل من جيبه الخاص فاتورة حساب ماسبيرو وكل مؤسسات الدولة، ليلاقى منهم هذا الاستنكار والالتفاف على حقوقه !

 

ختامًا أعلن أنى لم أكن بحاجة لوضع مبررات خلال حديثى، بل كان يُفترض توجيه اتهامات مباشرة بالتساهل في أرواح الغرقى الذين التقطتهم الكاميرات من كلِّ جانبٍ لحظات الغرق، بينما غابت الدافعية لترك الكاميرات ومساعدة الأبرياء، ولكن جاءت مبرراتى كنوع من محاصرة الفكر متناهى الغباء الذي قد يود أحدهم التعبير به !

فلننتظر نتيجة التحقيق من قضائنا (( الشامخ المعروف عالميًا برد الحقوق لأصحابها ونصرة المظلوم )).. وخير دليل على ذلك رموز الحزب الوطنى الذين عاثوا في الأرض فسادًا لـثلاثين عامًا متتالية وانتهى بهم الحال بالزج في السجون واقتصاص حقوق الشعب منهم.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد