الزيادات الجديدة على بطاقات التموين.. وحكاية أكل العيش لمدة شهر بـ 20 جنيها

مهما كانت قيمة بطاقة التموين المادية ضعيفة، فإن هناك خدمات اجتماعية تعتبرها الدولة والشعب معا من الخطوط الحمراء، التي لا يجب الاقتراب منها، بل والحرص على تنميتها قدر الإمكان، وهناك سلع وخدمات أخرى من الممكن وحسب الظروف المحلية والعالمية زيادة أسعارها بنسب تزيد كثيرا عن الخدمات الاجتماعية مكتملة، ويتقبلها الناس، لكنهم لا يتقبلون زيادة أسعار السلع والخدمات الاجتماعية بأي قيمة مثلما هو حال رغيف العيش وسلع البطاقة التموينية.

الزيادات على بطاقة التموين دعم للغلابة مهما كانت القيمة

بالأمس، أعلن الدكتور على مصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية عن منح إضافات مالية على بطاقة التموين لمدة ستة أشهر قادمة، بناء على توجيهات الرئيس السيسي، لدعم الفئات الأكثر احتياجا، على أن تكون قيمة الزيادة كالتالي: ” زيادة 100 جنيه شهريا على البطاقة المسجل عليها أسرة واحدة، وزيادة 200 على البطاقة المسجل عليها أسرتين أو 3 أسر أي أكثر من 4 أفراد، أما البطاقة المسجل عليها أكثر من 3 أسر سوف تزيد 300 جنيه.

 وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية أن هذه المنح المالية الإضافية على بطاقات التموين تقدر تكلفتها بـ5.5 مليار جنيه خلال 6 أشهر، وذلك ضمن حزمة الحماية الاجتماعية للأسر الأكثر احتياجًا وأصحاب المعاشات ممن يقل دخلهم الشهري عن 2500 جنيه والعاملين بالدولة ممن تقل رواتبهم عن 2700 جنيه، وسوف يتم عرض المنح المالية الإضافية على بطاقات التموين تفصيليًّا على مجلس الوزراء، ويتوقع تطبيقها في أغسطس المقبل، أي من الشهر القادم مباشرة.

وزير التموين يعلن زيادات مالية على بطاقة التموين لمدة 6 أشهر

صحيح أن المبلغ 100 جنيه فقط لكل أسرة على بطاقة التموين، إلا أنه أحد الثوابت التي تبني عليها ربة الأسرة ميزانية البيت لمدة شهر، وأكيد أنها أكثر الفرحين بالزيادة، حتى لو كانت عبارة عن كيلو أو أكثر من سلعة ما، المهم أنها زيادة سوف تساعد على تخفيض معاناة تدبير المصروفات في مقابل الدخل والفجوة الضخمة بين الاثنين، صحيح أنها لمدة ستة أشهر فقط، لكن ربنا يسهلها على الحكومة وتمدها لمدة أطول أو تجعلها بصفة دائمة.

وكلامي عن أن الزيادة على بطاقة التموين أو رغيف العيش وسلع التموين كل جنيه فيها له قيمته عند فئة كبيرة من الشعب، والناس الغلابة، يأتي في إطار موقف إنساني عايشته بنفسي قبل عشر سنوات تقريبا، عندما كنت أجلس مع مسؤول في إحدى الجمعيات الخيرية، وجاءت سيدة في العقد السادس أو السابع من عمرها، تلح عليه قبول أوراقها، ضمن الفئة التي تصرف لها الجمعية مبلغ مالي بصفة شهرية، والرجل يشرح لها أن العدد كبير جداً بالمقارنة بما لدى الجمعية من رصيد مالي.

استفادة ثلاث أرباع الشعب من الزيادة على بطاقة التموين

لكن إلحاح السيدة مستمر على الرجل أنها الأكثر احتياجا للمبلغ، والرجل يؤكد لها أنه سوف يقبل أوراقها عندما تتوفر أموال إضافية من المتبرعين أو المشتركين، وأنا أشاهد الحوار بينهما،استطعت أن سأل الرجل عن قيمة ما يصرفونه شهريا لهذه الفئة، فقال 20 جنيها، وصدمت بالمبلغ المتدني جدا، ومع إصرار السيدة على الطب، فهمست في أذنها: يا حاجة المبلغ 20 جنيها فقط، ولا يستحق كل هذا العناء.

لسه الفرصة قدامك .. زيادة فترة مهلة تسجيل رقم المحمول على بطاقة التموين حتى هذا الموعد

ابتسمت السيدة في هدوء وقالت: “يبقى ضمنا العيش طول الشهر” وكان وقتها مع أزمات توزيع رغيف العيش المتكررة، والطوابير أمام الأفران والمخابز في كل قرية أو منطقة، تقرر عمل نظام لتوزيع العيش على كل من يستحق أو يشترك شهريا في النظام، ويصله العيش إلى منزله، وكانت قيمة الاشتراك 20 جنيه فقط، فسكت ولم أعقب عليها، بعد أن جعلتني أشعر بقيمة الجنيه الواحد في يد الناس التي تحتاج إليه بالفعل، المهم أن طلب السيدة تم قبوله، لكن لا أنسى الموقف عندما يتعلق الأمر بالحديث عن قيمة الأشياء بمنظور المحتاجين إليها وليس بمنظورنا الشخصي.

رغيف العيش والسلع التموينية سلع أكثر حساسية للزيادة أو النقصان

أتمنى أن تصل السلع المدعومة إلى ناسها الحقيقيين، وخاصة السلع التموينية والزيادات التي تطرأ على بطاقة التموين، صحيح أن المستحقين للتموين الآن يقدرون بثلاثة أرباع الشعب تقريبا، لكن طالما ظل هؤلاء داخل المنظومة فهم يستحقونها ويستحقون الدعم المستمر في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة في الداخل والخارج، وآمل أن تصل الحكومة إلى المحتاجين الفعليين من خلال مقاييس ومعايير حقيقية، تنصفهم وتمنحهم حقوقهم وحدهم بدلا من اقتسامها مع من لا يحتاجون إليها.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد