البنك الدولي يوافق مبدئيًا على زيادة قرض إعادة إعمار لبنان إلى 400 مليون دولار وسط أزمة خانقة
في خطوة تهدف إلى التخفيف من حدة الأزمة المتفاقمة التي يعيشها لبنان، وافق البنك الدولي بشكل مبدئي على زيادة قيمة قرض مخصص لإعادة الإعمار ودعم السكان المتضررين من 250 مليون دولار إلى 400 مليون دولار أمريكي. جاء هذا الإعلان الهام يوم الأربعاء، 23 أبريل 2025، على لسان وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عقب اجتماعات عقدها مع مسؤولي البنك في واشنطن، مما يمثل بصيص أمل لبلد يرزح تحت وطأة انهيار اقتصادي غير مسبوق وتداعيات صراعات إقليمية مدمرة.

يأتي هذا التمويل الإضافي في وقت حرج للغاية بالنسبة للبنان. فالبلاد لا تزال تعاني من أزمة اقتصادية ومالية مركبة بدأت في عام 2019، أدت إلى انهيار قيمة العملة الوطنية، وتدهور حاد في القطاع المصرفي، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية. وزادت الأوضاع سوءًا بفعل التوترات والصراعات الأخيرة في المنطقة، والتي قدر البنك الدولي تكلفتها الاقتصادية على لبنان بنحو 14 مليار دولار، منها 7.2 مليار دولار خسائر مباشرة ناجمة عن انخفاض الإنتاجية والإيرادات الضائعة وارتفاع تكاليف التشغيل. أمام هذا الواقع القاتم، يصبح الدعم الخارجي، مثل هذا القرض، شريان حياة أساسيًا لتلبية الاحتياجات العاجلة.
يهدف القرض الموسع، الذي يوصف بأنه ميسر وقد يمتد سداده لعقود، إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية مترابطة لمعالجة جوانب متعددة من الأزمة. أولًا، سيتم تخصيص جزء من التمويل لتعزيز “برنامج شبكة الأمان الاجتماعي الطارئ” (ESSN)، وهو برنامج حيوي يهدف إلى تقديم المساعدات النقدية للأسر اللبنانية الأكثر ضعفًا التي تضررت بشدة من الانهيار الاقتصادي. ثانيًا، يسعى القرض إلى تحفيز سوق العمل وتوفير فرص دخل جديدة للمواطنين من خلال دعم “برنامج الأشغال العامة كثيفة العمالة”. يُتوقع أن تركز هذه المشاريع على إعادة بناء البنية التحتية المتضررة وتنفيذ مشاريع مجتمعية، لا سيما في المناطق الأكثر تضررًا مثل النبطية والجنوب وجبل لبنان، مما يساهم في التخفيف من حدة البطالة. ثالثًا، يولي القرض أهمية خاصة لتعزيز الأمن الغذائي، وهو مصدر قلق كبير في بلد يعتمد بشكل كبير على واردات الغذاء، من خلال توفير تمويل استراتيجي لإنشاء أو تأهيل مرافق تخزين القمح، مما يعزز قدرة لبنان على الصمود في وجه تقلبات الإمدادات العالمية.
على الرغم من أهمية هذا القرض في توفير دعم طارئ، إلا أنه لا يمثل حلًاجذريًا للأزمة اللبنانية العميقة. فالحصول على دعم دولي أوسع نطاقًا، لا سيما من صندوق النقد الدولي، لا يزال مرهونًا بتنفيذ الحكومة اللبنانية لإصلاحات هيكلية جوهرية طال انتظارها. وقد شدد وفد صندوق النقد الدولي مؤخرًا على ضرورة إقرار قوانين أساسية مثل رفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي كشرط للتوصل إلى اتفاق نهائي قبل صيف 2025. يبرز هذا التفاعل بين المساعدات الخارجية ومتطلبات الإصلاح نمطًامتكررًا؛ حيث تقدم الجهات الدولية تمويلًا لسد الثغرات الأكثر إلحاحًا ومنع الانهيار الكامل، لكن هذا الدعم، على أهميته، قد يخفف الضغط الآني على الطبقة السياسية للقيام بالإصلاحات الجذرية والمؤلمة سياسيًا اللازمة لتحقيق التعافي المستدام. وبالتالي، فإن القرض يمثل شريان حياة مؤقتًاولكنه قد يساهم أيضًا، بشكل غير مباشر، في استمرار المشكلات الأساسية التي تعيق تعافي لبنان.
تواجه عملية تنفيذ هذا القرض تحديات كبيرة، أبرزها ضعف الحوكمة، وعدم الاستقرار السياسي، والمخاوف بشأن ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الفعليين في ظل بيئة تتسم بالفساد والمحسوبية. يعتمد نجاح القرض في تحقيق أهدافه بشكل كبير على قدرة الحكومة اللبنانية والمؤسسات المعنية على إدارة الأموال بشفافية وكفاءة، وهو أمر يراقبه البنك الدولي عادة عن كثب.