بحث حول اللامركزية الادارية في القانون الجزائري

مقدمـة :

إن الدولة الجزائرية تطبق النظام الإداري اللامركزي بشكل واسع وبصورة ضخمة نظرا لفلسفة نظامها السياسي والإجتماعي والإقتصادي. وللجزائر فلسفة وسياسة خاصة متميزة في أسسها ومبادئها وأهدافها وأساليبها في نطاق تطبيق النظام الإداري اللامركزي. وفي دراستنا لنظرية اللامركزية الإدارية نتتبع المنهجية الآتية لتبيين الأركان التي يقوم عليها النظام اللامركزي المبحث الأول ثم نوضح الأشكال التي تتخذها في المبحث الثاني على أن نتطرق أخيرا إلى تقدير وتقييم اللامركزية بيان مزاياها وعيوبها المبحث الثالث.

خطة البحث:

المبحث الأول: أركان اللامركزية.

المطلب الأول: الإعتراف بوجود مصالح محلية متميزة.

المطلب الثاني: إنشاء وقيام أجهزة محلية منتخبة ومستقلة.

المطلب الثالث: خضوع الاجهزة لنظام الرقابة الوصائية.

المبحث الثاني: أشكال اللامركزية (صورها ).

المطلب الأول: اللامركزية الإقليمية.

المطلب الثاني: اللامركزية المرفقية.

المبحث الثالث: تقدير اللامركزية الإدارية.

المطلب الأول: مزايا(محاسن) اللامركزية الإدارية.

المطلب الثاني: عيوب (مساوئ )اللامركزية الإدارية.

المبحث الأول : أركان اللامركزية.

تعريف اللامركزية: النظام الإداري الذي يقوم على توزيع السلطات والوظائف الإدارية بين الإدارة المركزية (الحكومة ) وهيئات ووحدات إدارية أخرى إقليمية أو مصلحية مستقلة قانونيا عن الإدارة المركزية بمقتضى اكتسابها الشخصية المعنوية مع بقائها خاضعة لقدر معين من رقابة تلك الإدارة.
يقوم النظام اللامركزي الإداري على ثلاث أركان ومقومات هي كالآتي:
الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية، وإنشاء أجهزة محلية منتخبة مستقلة لإدارة تلك المصالح، وخضوع تلك الأجهزة نظام الرقابة الوصائية أو الرقابة الإدارية الوصائية، وبموجب هذه الأركان نحلل بشيء من الإيجاز كل ركن لوحده .

المطلب الأول: الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة.

يرجع بسبب ومبرر النظام اللامركزي إلى وجود مصالح أو شؤون محلية (affaires locales )، تتمثل في التضامن الذي يعب عن إهتمامات وإحتياجات سكان الإقليم متميزة عن مجموعة مصالح العامة الوطنية محددة في نطاق واضح إقليميا وجغرافيا أو فنيا مرفقيا ” ترتكز سياسة اللامركزية على توزيع متزن للصلاحيات والمهام حسب تقسيم منطقي للمسؤولية داخل إطار وحدة الدولة، فعلى البلديات والولايات حل مشاكلها الخاصة بها، وعلى السلطة المركزية البت في القضايا ذات الأهمية الوطنية ومن هنا ينبغي للامركزية أن تخول الولايات والبلديات كامل الصلاحيات للنظر في كل المشاكل ذات المصلحة المحلية أو الجهوية بإمكانها حلها، ويجب أن تشمل هذه الصلاحيات الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية [1].
إن اعتراف القانون واعتداده بهذا التميز الموجود حقيقة بين المصالح المحلية لهيئات محلية باعتبارها الأقدر على تلبيتها وإشباعها، ومن أهم المسائل التي بصدد تحديد المصالح المحلية تميز الجهة المختصة بذلك والكيفية المتبعة في عملة التحديد.

1- الإختصاص:

إن المشرع هو المختص بتحديد نطاق حجم المصالح الإقليمية والجغرافية للهيئة أو الوحدة الإدارية اللامركزية الإقليمية، والمصالح الفنية والموضوعية للمؤسسات والهيئات اللامركزية الفنية والمرفقية، فالمشرع يقوم بتحديد الفاصل والعلاقة بين هذه المصالح الإقليمية والموضوعية الفنية المتميزة وبين مصالح العامة الوطنية كشؤون الدفاع والأمن والخارجية ورسم السياسة العامة في مجال التربوي والاقتصادي والتعليم العالي، تاركة بقية المهام تسير من طرف الأجهزة المحلية.

2- الكيفية:

يتم توزيع مظاهر ومجالات الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والإدارة اللامركزية وفق أسلوبين أساسيين هما:
أ- الأسلوب الأول (الأسلوب الإنجليزي ):
ومؤداه أن بين المشرع (القانون) السلطات والاختصاصات المختصة بالأجهزة اللامركزية على سبيل الحصر وعداها فهو من اختصاصات الإدارة المركزية باعتبارها من المصالح الوطنية.
ب- الأسلوب الثاني (الأسلوب الفرنسي ):
مقتضى هذا الأسلوب أو التصور أن يعمد المشرع إلى ذكر الميادين التي تدخل فيها الإدارة المركزية على أن تترك مجالات وميادين عمل ونشاط الوحدات اللامركزية واسعة وغير محددة.
ولقد اعتمد المشرع الفرنسي في تنظيمه للإدارة المحلية هذه الطريقة حينما ذكر السلطات والصلاحيات التي تتمتع بها الوحدات والهيئات اللامركزية وأن بصورة وكيفية عامة وغير محددة أي بطريقة حصرية nom limitative هو الأسلوب نفسه الذي اعتمده المشرع الجزائري في تنظيمه الإدارة المحلية [2].
ومن هذا قرر الفقهاء انه متى اتصلت المهام بإقليم واحد أمام شؤون محلية كشؤون المواصلات والسكن وغيرها ومتى كانت تحصر مجموع المواطنين وكل المناطق فهي شان من شؤون السلطة المركزية ونتيجة هذا التنوع برر على المستوى الفقهي مصطلح الشؤون البلدية والشؤون الإقليمية والشؤون الوطنية [3].

المطلب الثاني: إنشاء وقيام أجهزة محلية منتخبة ومستقلة.

يقصد بهذا الركن أن هذه الهيئات المحلية والمصلحية استقلت عن السلطة المركزية وهذا الاستقلال يمكنها من حق اتخاذ القرار وتسيير شؤونها بيدها دون تدخل من الجهاز المركزي ومنه يجب الإعتراف للوحدة الإدارية المحلية أو المرفقية بالشخصية المعنوية (يتم الإعلان الرسمي لفصلها عن الدولة ) ومما يحولها الاستقلال القانوني من حيث قدرتها الذاتية على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ومنه أن تشكيل تلك الأجهزة المحلية بالانتخاب يعد من شروط قيام النظام اللامركزي، فمتى يتحقق استقلال الهيئات والوحدات الإدارية واللامركزية عن السلطات الإدارية المركزية لابد من اعتماد أسلوب الإنتخاب في اختيار الأعضاء المسيرة للإدارة المركزية الذاتية لها للهيئات والمصالح اللامركزية ولكي يتجسد مبدأ الديمقراطية الإدارية ومبدأ المشاركة.
النظام القانوني الذي يحكم الإدارة الذاتية المستقلة يشتمل على ثلاث عناصر محاور أساسية هي :
  1. الإستقلال عن طريق التشخيص القانونية للهيئات اللامركزية ومنحهم سلطة البت النهائي.
  2. أسلوب الإنتخاب في انتقاء واختيار أعضاء الأجهزة والهيئات الإدارية اللامركزية كما ورد في المادة 16 من الدستور (يمثل المجلس المنتخب قاعدة لامركزية ومكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية).
  3. تحديد نطاق والمصالح الجهوية الإقليمية المتميزة عن المصالح العامة الوطنية.

المطلب الثالث: خضوع الاجهزة لنظام الرقابة الوصائية.

بما أن أسلوب النظام الإداري اللامركزي هو مجرد وسيلة فنية وقانونية إدارية لتقنين وتوزيع سلطات وامتيازات الوظيفة الإدارية فقط بين السلطات الإدارية المركزية والسلطات الإدارية اللامركزية ضمن وفي نطاق مبدأ وحدة الدولة الدستورية والسياسية والوطنية وليسير أسلوب من أساليب تقنين فكرة السيادة الوطنية والسلطات الدستورية والسياسية والتشريعية وعليه فإن الأمر يستلزم قيام علاقة بين الإدارة المركزية ووحدات الإدارة اللامركزية في صورة رقابة أو وصاية إدارية تختلف في جوهرها عن السلطة الرئاسية القائمة بين الرئيس والمرؤوس في ظل النظام المركزي، فما هي مظاهر الرقابة الإدارية المبسوطة على وحدات الإدارة اللامركزية؟.. وما هي المبادئ والقواعد الأساسية التي تحكم تلك الرقابة وتميزها، خاصة عن السلطة الرئاسية؟.

الفرع الأول: المظاهــر

تتجلى الرقابة في النظام اللامركزي في الرقابة أو الوصاية الإدارية المبسوطة والمنصبة أما على :
  • هيئات ومجالس اللامركزية.
  • على الأشخاص والأعضاء في تلك الهيئات.
  • على الأعمال والتصرفات الصادرة عن الإدارة المركزية.
1- الرقابة على الهيئات:
من حيث إنشاء وحل وحدات الإدارة اللامركزية البلدية من إختصاص القانون يتم بموجب قانون صادر عن السلطات الإدارية المركزية فإن ذلك القانون المنشئ لتلك الوحدات يخول السلطات الإدارية المركزية سلطة إيقاف وحل أجهزة الإدارة اللامركزية دون المساس بالشخصية المعنوية لتلك الإدارة.
أ- الإيقاف suspension:
يمكن للإدارة المركزية (سلطة الوصاية) طبقا للشروط والإجراءات القانونية أن تعمد إلى إيقاف وتعطيل نشاط وسير أعمال مجلس أو هيئة لفترة معينة، تستند إلى مبدأ المشروعية.
ب- الحل dissolution:
يقصد به الإعدام القانوني للمجلس وتجريد الأعضاء من صفتهم كمنتخبين” وهذا من أخطر مظاهر الرقابة والوصاية الإدارية لمساسه بمبدأ الديمقراطية والاختبار الشعبي، ولكن هذا الحل يجب أن يكون في حدود القانون المتمثل في استقلال وحدات الإدارة اللامركزية.
2- الرقابة على الأشخاص:
تمارس السلطة الوصية إجراءات رقابتها على الأشخاص المعنيين بالوحدات اللامركزية كما يمكن الرقابة على الأشخاص[4] المنتخبين ومثال ذلك النظام الإداري الجزائري مركز الوالي على مستوى الولاية كذلك المدير العام للمؤسسات العامة الإدارية والشركات والدواوين الوطنية والمكاتب العمومية[5] ومن أهم هذه المظاهر للمراقبة الإدارية على الأشخاص والأفراد القائمين على إدارة وتسيير الهيئات المحلية في:
  • توقيف العضو بالإدارة اللامركزية لمدة محددة عن ممارسة المهام (شهرا مثلا).
  • الإقالة لأسباب عملية، كتولي العضو لمهام إدارية في جهة أخرى.
  • العزل أو الطرد أو الفصل بسبب ارتكاب أعمال مخالفة للقانون (جرائم).
3- الرقابة على الأعمال:
تتجلى في التعديل، المصادقة والحلول :
1-التعديل:
لا يمكنها (سلطة الوصاية) تعديل أي تصرفات وقرارات الهيئات اللامركزية، لأنه يشكل في الحقيقة أمرا لاحقا لها من شأنه المس باستقلالها .
2-التصديق والإلغاء:
إخضاع بعض قرارات الإدارة المحلية لتزكية السلطة المركزية وأطلق عليه بالمصادقة وتكون صريحة ضمنية.
  • المصادقة الصريحة: عندما تلجأ السلطة المركزية أو الجهة الوصاية إلى إصدار قرار يفصح فيه صراحة عن تزكيتها للقرار الصادر عن الجهة التابعة لها .
  • المصادقة الضمنية: عندما تلزم سلطة الإشراف الصمت وإزاء العمل المعروض عليها وذلك لمدة حددها القانون وبعد انتهاء المدة دليل على قبول وموافقة على العمل أو القرار المعروض عليها وقد اعتبرت المحكمة العليا أن للقرار الضمني نفس آثار القرار الصحيح [6].
وفي نفس الصياغ فإن سلطة الإلغاء المحدودة والمخولة للسلطة الوصية بالنسبة لبعض قرارات الإدارة اللامركزية يمكن طلب مراجعتها والظفر فيها أمام السلطات الإدارية (ولائيا أو رئاسيا) أو أمام الجهة القضائية المختصة برفع دعوى قضائية لإلغائها.
الحلـول :
يقصد به حلول السلطة المركزية أو سلطة الوصاية محل السلطة اللامركزية في اتخاذ القرارات التي تؤمن سير المصالح العامة[7] ومن هذا التعريف أن الحلول يعد إجراء خطيرا لذا وجب تقييده بشروط تكفل وتضمن استقلال الهيئات اللامركزية وهو يتمثل أساسا فيما يلي :
لا حلول إلا إذا ما ألزم القانون الإدارة اللامركزية بالقيام بعمل معين كما هو الحال لنفقات الإلزامية[8] dépenses obligatoires. تقاعس وامتناع الإدارة اللامركزية رغم إعذارها وتنبيهها عن القيام بذلك العمل.

الفرع الثاني: المبادئ

تبيان أهم المبادئ والقواعد والأسس التي تستند إليها الرقابة أو الوصاية والتي تميزها عن السلطة الرئاسية.
1- القاعدة العامة لا وصاية إلا بنص:
بينما ممارسة السلطة الرئاسية في النظام المركزي مفترضة فالوالي لا يتدخل في شؤون البلدية بممارسة الوصاية والرقابة عليها طبقا لنص قانون البلدية .
2- أن نظام الهيئات اللامركزية لها أهلية وحق التقاضي:
من حيث إمكانية الطعن في قرارات وتصرفات السلطة الوصية حيالها للدفاع عن مصالحها المحلية المتميزة .
3- من حيث المسؤولية:
تبقى جهة السلطة الرئاسية مسؤولة إلى جانب مسؤولية المرؤوس بينما الهيئة اللامركزية تتحمل مسؤوليتها .

المبحث الثاني: أشكال اللامركزية (صورها).

المطلب الأول: اللامركزية الإقليمية

وهي الصورة الواضحة والكاملة لتطبيق النظام اللامركزي وقد استندت الدولة إلى هذا النوع الإداري لإشباع رغبات حاجات أفرادها بعد أن لاحظت أن لكل منطقة داخل الدولة مميزاتها المختلفة والمتنوعة والتي لم تتمكن السلطات المركزية من تحقيق كل مطالب وحاجات الأفراد المختلفة من إقليم إلى آخر، لأن لكل إقليم مميزاته الخاصة به.
هذا الأمر فرض على الدولة اعتماد اللامركزية الإقليمية التي ترتكز على الاختصاص الإقليمي بواسطة هيئات لامركزية معترف لها بالشخصية المعنوية تسير الشؤون المحلية في نطاق جغرافي معين، كما هو الشأن بالنسبة لوحدات الإدارة المحلية (البلدية والولاية).
لذا كان من الحتمي وجود نظام الرقابة والوصاية الإدارية التي تمارسها إلا في حدود القانون والنصوص، السلطات الإدارية المركزية على السلطات الإدارية اللامركزية من أجل ضمان الحفاظ على وحدة الدولة الدستورية والسياسية والوطنية من مخاطر الشطط والخروج عنها من قبل السلطات والهيئات الإدارية اللامركزية خاصة الإقليمية وتعريض كيان الدولة للإنهيار والتهديم، وتتفرغ الهيئات الإدارية اللامركزية الإقليمية أو الفنية إلى الإضطلاع بإدارة وتسيير الشؤون الجارية واليومية لإشباع الحاجات العامة المحلية للمواطنين بما يحقق المصلحة العامة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

المطلب الثاني: اللامركزية المرفقية

وتتمثل في انفصال مرفق معين عن الدولة وتمتعه بقدر من الإستقلال ليشكل مؤسسة عامة وطنية أو محلية، وعلى الرغم من عدم توافر حقيقي وتام لجميع أركان اللامركزية في شكل اللامركزية المرفقية وتشكيك جانب من الفقه في اعتبارها لامركزية إدارية [9] ويمكن مقارنة اللامركزية المرفقية باللامركزية الإقليمية :
  1. من حيث وجود المصالح المتميزة يقوم الشكلان على أساس الإعتراف بوجود مصالح متميزة ذات طابع محلي وإقليمي في اللامركزية الإقليمية (الإدارة المحلية ) وذات طابع فني وتقني في اللامركزية المرفقية.
  2. من حيث استقلال الهيئات: تتمتع الهيئات في شكل اللامركزية بالشخصية المعنوية بكل ما ترتب على ذلك من نتائج، فإذا كانت طريقة الإنتخاب تشكل وسيلة مثلى لدعم استقلال وحدات الإدارة المحلية بموجب تسييرها وإدارتها من طرف مجالس منتخبة محليا، فإن إدارة الشخص المعنوي المرفقي عادة ما تستند إلى فئة الخبراء الأدرى بمصلحة الهيئة اللامركزية المرفقية.
  3. من حيث الوصاية (الرقابة الإدارية): يخضع شكلا اللامركزية إلى نظام وصائي محفوف باعتبارات سياسية في اللامركزية الإقليمية وباعتبارات فنية في اللامركزية المرفقية.
واللامركزية الإدارية يطلق عليها المشرع الجزائري المؤسسات العامة الإدارية مثل : التعليم، النقل، الصحة ….الخ، فاللامركزية المرفقية أو المصلحية ترتكز على الإختصاص الموضوعي والوظيفي .

المبحث الثالث: تقدير اللامركزية الإدارية.

المطلب الأول: مزايا(محاسن) اللامركزية الإدارية.

تتميز اللامركزية الإدارية بجملة من المزايا هي:

1- الجانب السياسي:

  • يشكل نظام اللامركزية الإدارية مجالا لترقية ممارسة الحريات العامة.
  • يكرس النظام اللامركزي مبدأ الديمقراطية بتمكين الشعب من تسيير شؤونه بنفسه عن طريق ممثليه في المجالس المحلية المنتخبة فاللامركزية أداة فعالة لتجسيد فكرة الديمقراطية، بل هناك من قال أن الديمقراطية من الناحية السياسية تظل نظاما أجوفا إذا لم تلازمها ديمقراطية إدارية والحقيقة أن هناك من اعتبر الميزة عيبا فقيل أن اللامركزية تتيح استقلالية للوحدات الإدارية المختلفة وهو من شانه يشكل خطرا على وحدة الدولة وتماسكها.
  • يشفع النظام اللامركزي أنه الأقوى على تحمل ومواجهة الأزمات ذلك أنه بالتجربة في أوقات الحرب وعند اعتماد النظام المركزي وأن احتلال العاصمة وحده كاف للتأثير على بقية أجزاء الإقليم على خلاف الوضع.

2- الجانب الإداري:

يحقق تطبيق اللامركزية في المجال الإداري حملة من الفوائد :
  • تخفيف العبئ عن الإدارة المركزية بموجب نقل وتحويل كثير من المهام الأول الهيئات اللامركزية لتتفرغ الأولى للقضايا ذات البعد الوطني.
  • تحسين الوظيفة الإدارية نظرا لإدارة وتسيير الشؤون اللامركزية من طرف أشخاص لهم مصالح مباشرة وحقيقية مما يدفعهم الأول زيادة الإهتمام لتلبية الإحتياجات المحلية في صورة اللامركزية الإقليمية.
  • تجنب الروتين الإداري وما يترتب عنه من آثار سلبية من حيث تبسيط الإجراءات الإدارية وتقريب الإدارة من المواطن.
  • يكفل النظام اللامركزي للمنتخبين فرصة للتدريب على العمل الإداري والمشاركة في دراسة الشؤون المحلية ويمكن لهؤلاء الارتقاء لمهام القيادة.

3- الجانب الاجتماعي:

يترتب على النظام اللامركزي من الجانب الاجتماعي خلق نوع من التضامن والتعاون فيما بين أفراد الجماعة الواحدة فتتظافر جهودهم من اجل بلوغ هدف واحد منشود.

4- المجال الاقتصادي:

يمكن تبرير الأخذ باللامركزية الإدارية استنادا الأول مبدأ : مركزية التخطيط ولامركزية التنفيذ من توضع الخطة العامة بالدولة من طرف الإدارة المركزية ولا يمكن تطبيقها إلا بواسطة أجهزة وهيئات لامركزية .

المطلب الثاني: عيوب (مساوئ)اللامركزية الإدارية.

تتجلى عيوب ومساوئ اللامركزية الإدارية وهي ضئيلة مقارنة بمزاياها في المخاوف الذي يبديها البعض من حيث ما قد يترتب عنها خاصة في المجال السياسي والإداري والمالي :

1- المجال السياسي:

  • إن النظام اللامركزي يؤدي أولا بالمساس بوحدة الدولة من جراء توزيع الوظائف والاعتراف باستقلالية بعض أجزاء الإقليم عن الدولة وتمتعها بالشخصية المعنوية، غير أن هذه الإستقلالية لا تعطي للهيئة المحلية المستقلة حق الإنفصال عن الدولة وتعترف لها بسلطة التشريع بل تظل تابعة للدولة الأم في كثير من المسائل، ويجب ألا يغيب عن بالنا أيضا أن الموارد المالية للهيئات المحلية تعتمدها وتمنحها السلطة المركزية من ثم نرى أن هذه الإستقلالية لا يمكن أن تشكل أي خطر في المجال السياسي.

2- المجال الإداري:

  • عرف بعض الفقهاء على النظام اللامركزي كونه يؤدي الأول ظاهرة عدم التجانس في القيام بالعمل الإداري وذلك لسبب لجوء ممثلي الإدارة المحلية خاصة المنتخبين منهم الأول تفضيل الشؤون المحلية على الوطنية وإذا كنا مقتنعين من أن النظام المركزي يضمن تجانسا للعمل الإداري بحكم وحدة الجهة المختصة بالفصل في الملفات وإصدار القرار، فإن ذلك لا يعني العمل بالنظام المركزي والتخلي عن اللامركزية تحت هذه الحجج الإدارية، بل إن هذه العدالة التي تسعى النظم القانونية الأولى تحقيقها يمكن توفيرها عن طريق وضوح التشريعات عامة، والتشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية خاصة.
كما يمكن تحقيقها بتفعيل أجهزة الرقابة ومنها الرقابة الوصائية، وكذلك عقد لقاءات بين الفترة والأخرى تضم المنتخبين المحليين لتكون بمثابة فرصة لطرح بعض الحلول بهدف ضمان التجانس في أداء العمل الإداري.

3- المجال الإداري:

  • لعل أهم نقد وجه للنظام المركزي أن تطبيقه في الوسط الإداري ينجم عنه ظاهرة تبديد النفقات العامة، ذلك أن الإعتراف للأجهزة المحلية والمرافق العامة على اختلاف أنواعها بالإستقلال المالي سيتبعه دون شك تحمل الخزينة العامة لمبالغ ضخمة سنويا ونفقات كثيرة.
و مقولة “شارل بران” تقول: “النظام المركزي يؤدي الأول إقتصاد في النفقات” وذلك بحكم التقليل من أحد الأمرين بالصرف وهو ممثلي السلطة المركزية، إذا إستقلالية الإقليم من الناحية القانونية وكذلك إستقلالية المرفق تفرض الإعتراف بذمة مالية مستقلة عن الدولة.
[1] أنظر المادة 35 من الدستور الجزائري الصادر في نوفمبر 1976.
[2] في تحديد لصلاحيات البلدية لم يضع قانون البلدية (المواد من 84 إلى 111 إلا إطارا عاما لذلك مثل ما ورد في المادة 84 منه).
[3] الدكتور خالد قباني اللامركزية ومسألة تطبيقها في لبنان، نشر مشترك بيروت باريس، منشورات البحر المتوسط ومنشورات عويدات 1981 ص 47.
[4] أنظر المواد 3+33+49+137 حتى نهاية نص المادة 149 من قانون الولاية.
[5] قانون التسيير الإشتراكي للمؤسسات.
[6] قرار المحكمة العليا (الفرقة الإدارية) بتاريخ 8/1/1983 المجلة القضائية العدد الرابع 1989 ص 207.
[7] الدكتور خالد قباني المرجع السابق، ص105.
[8] أنظر المادة 154 من القانون البلدي رقم 90-08.
[9] أنظر حول ذلك خاصة.

قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. ياسين الكبير يقول

    المبحث الثالث غير متوازن