طلال مداح وابتسام لطفي رموز ساهمت في النهضة الثقافية للمملكة العربية السعودية

هناك علامة تجارية محافظة للإسلام موجودة دائمًا في المملكة العربية السعودية، وهي واحدة من العديد من فروع المجتمع السعودي، ومع ذلك في أعقاب حصار المسجد الحرام عام 1979، اكتسبت هذه المدرسة الفكرية أهمية متزايدة، وانتشرت في المؤسسات الرسمية بما في ذلك النظام القانوني والتعليم.

بداية التنوع الثقافي في المملكة العربية السعودية

بدأ المجتمع السعودي يفقد مراسيه الفنية والثقافية تحت تأثير المتشددين الدينيين الذين هاجموا الموسيقى والنحت والرسم والتصوير الفوتوغرافي، إلى جانب مجموعة من الآنشطة الفنية الأخرى، حيث تم نشر الأفكار الاجتماعية التراجعية على نطاق واسع عبر المدارس والجامعات والمساجد، وقال الدعاة المحافظون إن أجهزة الترفيه الجديدة – مشغل التسجيلات أو الراديو أو الأشرطة أو أشرطة الفيديو أو التلفزيون – محظورة في الإسلام لأنها شجعت الفساد الأخلاقي ورمزت للهيمنة التكنولوجية للغرب في عام 1965، بعد وقت قصير من إطلاق القناة التلفزيونيو السعودية الرسمية، هاجمت مجموعة من المتطرفين مبنى هيئة الإذاعة السعودية، مدعية أن هذا التطور كان يشكل تهديدًا للأمة الإسلامية، هذه الحركة الرجعية التي تحولت فيما بعد إلى “الصحوة الإسلامية” أو “الصحوة”، نجحت في القضاء على معظم أشكال الترفيه بما في ذلك تلك ذات الطابع الديني.

التلفزيون كان من المحظورات في المملكة سابقاً

عبده خال، كاتب سعودي، قال إن هجوم 1979 على المسجد الحرام في مكة المكرمة من قبل مجموعة من المسلحين بشرت “بعصر مليء بالتطرف”، وقال خال إن الآلات الموسيقية حطمت على يد المحتسبين – المتطوعين في الشرطة الدينية – في أعمال بدا أنها تحظى بموافقة عامة، وعلى الرغم من هجوم زعيم المسجد الحرام جهيمان العتيبي وأتباعه، إلا أن أيديولوجيتهم انتشرت كالسم.

قال خال: “ظل الظلام يسود في كل مكان”، كان التلفزيون أول من تأثر، استيقظ الناس لمجموعة من المحظورات التي حولت المجتمع إلى مكان قاحل حيث تم حظر جميع الانشطة مؤكدا الحياة “، وقبل عام 1979، أغاني البث التلفزيوني السعودية والحفلات الموسيقية من قبل العصابات والفنانين الشعبيين السعودية، بما في ذلك المطربات مثل توحه، عتاب وابتسام لطفي، وكذلك حفلات موسيقية لأم كلثوم وفايزة أحمد وسميرة توفيق ونجاة الصغيرة وفريد ​​الأطرش.

ومع ذلك، بعد شن الحرب على الترفيه والفنون، نشأت أجيال من السعوديين محرومين من تراثهم الثقافي والفني الغني، غير مدركين لدور بلادهم المهم في الفن والموسيقى والثقافة الإقليمية، وفقًا للباحث والناقد يحيى يزوريكان، تم إنشاء أول محطة إذاعية سعودية في عام 1948 في مكة المكرمة، تم نقلها لاحقًا إلى جدة، حيث ازدهرت وتسجيل وإنتاج المسرحيات الموسيقية، وأصبحت أول لبنة في قطاع الموسيقى السعودي الحديث.

تأسيس إذاعة الرياض

في الرياض، لم تكن هناك موسيقى على المستوى الرسمي حتى تأسست إذاعة الرياض في عام 1964. ومع ذلك كان المغنيون من دول الخليج الأخرى في كثير من الأحيان يزورون المدينة، وكانت الموسيقى الشعبية السعودية من أهم المناسبات الرسمية والخاصة، حيث بدأت النهضة الحقيقية للفنون الموسيقية السعودية في الستينيات عندما تم تأسيس فرقة الجيش السعودي، وتم تحويلها لاحقًا إلى أوركسترا تضم ​​موسيقيين عرب من سوريا ولبنان ومصر، ويعود الفضل في ذلك إلى إحياء موسيفي في جميع أنحاء المملكة.

سرعان ما ظهرت شركات الإنتاج الموسيفي والتسويق الخاصة في الأحساء والرياض وجدة، بالإضافة إلى المواهب في الشعر والتأليف الموسيفي والأداء، وتعرف المجتمع السعودي على الأصوات المحلية مثل غازي على وطلال المداح وجميل محمود بعض الفنانين – محمود حلواني، محمد على سندي، عبد الله محمد وفوزي مهسون – اكتسبوا شهرة كممثلين لحفلات الزفاف. قائمة المساهمين في تلك الحقبة طويلة، لكن شخصين – الملحن عمر كادرس والشاعر طاهر زخشري – يستحقان التنويه بشكل خاص، من بين الشركات الخاصة التي ظهرت “الرياض فون”، وهو استوديو تسجيل أنشأه طلال مداح عام 1964 ولطفي زيني.

شخصيات ساهمت في النهضة الموسيقية السعودية

أُغلق الاستوديو بعد بضع سنوات عندما بدأت أشرطة الكاسيت في استبدال سجلات الفينيل في المملكة العربية السعودية، وظهر طلال مداح الملحن والمغني السعودي الذي أصبح يتمتع بشعبية كبيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كان يعرف باسم “صوت الأرض” لمعجبيه في المملكة، حيث انطلقت مسيرة مداح في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي بإصدار أول ألبوم له بعنوان “وردك يا زارع الورد”.

طلال مداح

كما تأتي أيضاً شخصية بارزة أخرى في تلك الحقبة، وهو الملحن السعودي طارق عبد الحكيم، كان لاعباً رئيسياً في نهضة المملكة الموسيقية، حيث كان عبد الحكيم هو الذي ألف النشيد الوطني للمملكة، وكان من أوائل الطلاب السعوديين الذين حصلوا على منحة دراسية للموسيقى، وقد انتخب مرتين رئيسًا لأكاديمية الموسيقى العربية وحصل على جائزة الموسيقى الدولية IMC-UNESCO في عام 1981، ويمكن تقسيم الموسيقى والغناء السعوديين على نطاق واسع إلى مدرستين، مثلت ابتسام لطفي المدرسة الحجازية التي كان يرأسها أستاذها طلال مداح، من المطربين المشهورين الذين ينتمون إلى هذه المدرسة: طه، لطفي زيني، فوزي محسون، سراج عمر، عبادي الجوهر.

ومثل مدرسة النجدي عبد الله الصريخ، إلى جانب أبو سعود الحمادي وعبدالله بن سلوم وفهد بن سعيد وبشير حمد شنان وحمد الطيار، لم يكن مطربو كلتا المدرستين شيءًا سوى الأصوليين، وتعاونوا مع فنانين من جميع أنحاء الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن معظم الأسماء الشهيرة كانت من الذكور، إلا أن الأصوات النسائية القليلة أثبتت تأثيرا كبيراً، كما أن المطربة الأكثر شعبية هي ابتسام لطفي،  واسمها الحقيقي خيرية قربان، حيث كانت عمياء منذ صغرها، مثل العديد من الآخرين، وقد بدأت مسيرتها الموسيقية في الغناء في حفلات الأعراس في جدة في سن ال 16، كسبها صوت لطفي الشنيع بدعوته للأداء في مجلس الملك فيصل.

أعجب الملك فيصل بأداء المطربة ابتسام لطفى، والتي  قالت في إحدى المقابلات التي أجراها معها إنه سألها: “ماذا تتمنى؟” جاء ردها بمثابة مفاجأة، وقالت “أريد أن أكون أول امرأة سعودية تغني في الإذاعة”، وبعد شهرين أصبحت أمنيتها تتحقق عندما تلقت دعوة للغناء لمحطة إذاعية في عام 1986، أصبحت أول صوت أنثى في البث التلفزيوني السعودي، حيث كانت الموسيقى متاحة بحرية في ذلك الوقت، وكما قال الشاعر أحمد عبد الحق، وهو شاهد على الفترة التي سبقت حركة “الصحوة”، أنه يمكن للناس الاستماع إلى الموسيقى عبر الراديو، ثم على شاشات التلفزيون.

ابتسام لطفي

وقال عبد الحق: “اعتدنا أن نتطلع إلى برنامج المسرح التلفزيوني السعودي، الذي قدمنا ​​للنجوم السعوديين المحليين”، وقال إن الموسيقى والفنون السعودية أثبتت مرونتها في مواجهة العقيدة الدينية السائدة، وقال عبد الحق إنه على الرغم من العقبات الموضوعة في طريقهم، استمر السعوديون في تمثيل “تراثهم وفنونهم الأصلية وإظهارهم للعالم”.

ولكن عندما بدأ الدعم الرسمي في الجفاف، ركز بعض الفنانين على القطاع الخاص والمبادرات الفردية، بينما انتقل آخرون إلى الخارج لمواصلة حياتهم المهنية، مع ظهور حركة “الصحوة”، أصبحت حاجة المجتمع إلى الموسيقى راضية بطرق أخرى أقل وضوحًا، حيث اعتاد العديد من السعوديين، وخاصة النساء، الغناء في تجمعات خاصة وفي مناسبات خاصة مثل حفلات الزفاف.

وقد حاول نشطاء “الصحوة” ملء الفراغ بالنشيد الإسلامي، وهو شكل من أشكال الغناء التعبدية ذات الطابع الديني التي تنطوي على الحد الأدنى من استخدام الآلات الموسيقية وتجنب الموضوعات الرومانسية، ومع ذلك فإن أولئك الذين استمروا في الاعتقاد بأن الموسيقى ممنوعة في الإسلام قد ابتكروا نوعًا جديدًا من الموسيقى، مثل شيلات التي اعتمدت على الأصوات البشرية ولوحة المفاتيح، وقال متعب الحلاج، وهو موسيفي سعودي، إن شيلات “جاءت في وقت لم تعد فيه الحفلات الموسيقية تقدم في المملكة العربية السعودية.”

“لكن الآن يمكننا أن نرى أن السعوديين متعطشون للموسيقى، وقال الحلاج إن نجاح الحفلات الموسيقية الأخيرة التي نظمتها الهيئة العامة للترفيه هو دليل على ذلك، حيث أقيم أول حفل موسيفي كبير في المملكة العربية السعودية في جدة في فبراير 2017 عندما غنى حشد من 8000 شخص لأغاني الحب لربيع صقر ومحمد عبده وماجد المهندس لأكثر من ست ساعات، وفي ضوء التغيرات الاجتماعية التي تحدث في جميع أنحاء المملكة، يرى الكثير من الشباب السعودي أن الفترة الحالية هي “الصحوة” الثانية، وفي عام 2018 أعلنت الهيئة العامة للثقافة في الرياض عن تشكيل فرقة الموسيقى الوطنية السعودية، بقيادة عبد الرب إدريس.. مغني وموسيفي سعودي بارز ساهم في ازدهار المملكة الثقافي قبل عام 1979.

وبعد إنشاء الهيئة العامة للترفيه في عام 2016، تسعى المملكة العربية السعودية جاهدة لبناء صناعة ترفيهية على مستوى عالمي، كما أن أبواب المملكة مفتوحة الآن للنجوم المحليين والإقليميين والدوليين للبدء في الاستفادة من إمكانات المملكة كمركز ثقافي إقليمي رئيسي.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد