قضية الماسة الزرقاء “القصة الكاملة”، سَرق 90 كيلو غرام من المجوهرات الثمينة ثم أصبح راهباً

لم يكن وصول رئيس الوزراء التايلاندي يوم الثلاثاء 25 يناير إلى السعودية مُجَرَّد زيارة رسمية لمسؤول أجنبي، فقد حملت تلك الزيارة نهاية لقطيعة بين الدولتين استمرت أكثر من 30 عاماً، لكنها في الوقت نفسه قد أعادت إلى الواجهة قصةَ واحدةٍ من أكبر السرقات في التاريخ المعاصر والتي عُرِفت باسم “قضية الماسة الزرقاء”، قصةٌ بدأت أحداثها في القرن العشرين لكنها أشبه بأساطير القرون الغابرة وحكايات جزيرة الكنز و”علي بابا والأربعين حرامي”.

"الماسة الزرقاء" القصة الكاملة، سرق 90 كيلو غرام من المجوهرات الثمينة ثم أصبح راهباً

بطل القصة بستاني تايلاندي

انطلقت أحداث القصة التي تسببت بالقطيعة بين المملكة العربية السعودية وتايلند، في صيف العام 1989م عندما قام البستاني التايلاندي “كيرانغكراي تيتشامونغ” بسرقة ثروة كبيرة من المجوهرات النادرة من قصر الأمير السعودي فيصل بن فهد بن عبد العزيز آل سعود.

ماسة زرقاء كبيرة ومتميزة المصدر: الذكاء الاصطناعي بينغ

العامل التايلاندي الذي طار عقله بما شاهد من مجوهرات في قصر الأمير، قرر أن يقوم بسرقة البعض منها فقط، ذلك البعض كان يساوي ميزانية دولة بأكملها، وأشعل سلسلة من الأحداث التي لم تنتهي حتى اليوم وشمِلت 18 قتيلاً وخسائر مالية قُدرت بملياراتٍ من الدولارات.

90كيلو غرام من المجوهرات والأحجار الكريمة

كان “كيرانغكراي تيتشامونغ” بحكم عمله كبستاني في القصر، قادراً على الدخول والخروج بأريحية كبيرة، وكانت عين المزارع الفقير على إحدى الجواهر التي تقدر قيمتها بعشرين مليون دولار فقط، حسب تقرير لموقع The Daily Beast الأمريكي
لكن البستاني الفقير عندما تمكَّن من التسلُّل إلى غرف النوم في غياب أصحابها، لم يكتفِ بتلك الجوهرة فقط، سرق بعض المجوهرات على دفعات، حتى وصل مجموع ما سرقه 90 كيلوغراماً من القلادات والخواتم والأساور المصنوعة من الأحجار الكريمة والذهب، إضافة إلى الساعات المرصعة بالياقوت والألماس، حسب شبكة BBC.

الصورة من thedailybeast
الصورة من thedailybeast

تفاصيل ليلة سرقة “الألماسة الزرقاء”

موقع The Daily Beast نشر شيئاً من تفاصيل ليلة السرقة، بحسب ما قاله اللص نفسه، كانت خُطة بسيطة خالية من التعقيد في الظلام تسلَّق اللص التايلاندي سور القصر، ثم تسلل عبر إحدى نوافذ الطابق الثاني، وأخذ 90 كيلوغراماً من المجوهرات من خزينة العائلة، كان كيس المكنسة الكهربائية قادراً على إخراج المجوهرات على دفعات من القصر ليلاً أو نهاراً.

لم يُضيع اللص التايلاندي أي وقت، شحن غنيمته ثم سافر إلى تايلاند ليلحق بمجوهراته التي ضمت “الألماسة الزرقاء” الشهيرة وقلادة من الياقوت الأزرق تقدر قيمتها بمليونَي دولار، إضافة إلى قلادةً نادرةً من الألماس الأخضر، وعدَّة ساعات ذهبية، ووفقاً لصحيفة The Washington Post، “ياقوتات بحجم بيض الدجاج” والكثير من مجوهرات الأحلام التي بلغ وزنها 90 كيلو غرام.

ماسة زرقاء كبيرة ومتميزة المصدر: الذكاء الاصطناعي بينغ

اكتشاف السرقة وملاحقة الفاعل

عندما تمَّ اكتشاف السرقة، كان “كيرانغكراي” في تايلند وتم إلقاء القبض على اللص التايلاندي الذي كان قد باع غنيمته إلى صائغ يُدعى سانثي سيثاناكان.
بعد أن عُرف اسم اللص وتاجر المجوهرات استعاد المسؤولون التايلانديون كنز الأمير السعودي لكن ما وصل الأمير من ذلك الكنز كان 20% من المجوهرات الحقيقة أما 80% المتبقية فقد كانت مزيفة.

أما النسبة المتبقية من المجوهرات الحقيقة ظهر بعضها عند أحد المسؤولين في تايلاند بينما ظهر الجزء الأكبر على زوجات بعض كبار المسؤولين التايلانديين في الحفلات التي كن يشاركن بها في أرجاء تايلاند، إلا أن تلك المجوهرات التي بدت شبيهة بمجوهرات الأمير فيصل قيل إنها مُجرد إكسسورات جديدة.

ماسة زرقاء كبيرة ومتميزة المصدر: الذكاء الاصطناعي بينغ

ديبلوماسي سعودي يصارع “الشياطين”

مع زيادة التعقيد والغموض حول المجوهرات المسروقة قررت السعودية إرسال مجموعة من المبعوثين إلى تايلاند في محاولة لكشف الحقيقة، إلّا أن ثلاثة من الدبلوماسيين السعوديين الذين وصلوا عام 1990م إلى بانكوك قد قتلوا في ظروف غامضة بينما اختفى الديبلوماسي الرابع في وقتٍ لاحق.
وفي عام 1994م، اختُطِف تاجر المجوهرات سانثي لثلاثة أيام، قبل أن يُعثر على جثَّتَي زوجته وابنه في سيارة.

في حوار مع The New York Times عام 1994، صرح محمد سعيد خوجة، أحد كبار الدبلوماسيين السعوديين في تايلاند، قائلاً: “الشرطة هنا أكبر من الحكومة نفسها. أنا مسلم، وما زلت هنا لشعوري بأنني أصارع الشياطين”.
لم يحاسب أحد

في النهاية وُجِّهت تهمٌ لخمسة من رجال الشرطة قبل أن يتم رفض الدعوى بعدم وجود أدلة كافية، وعندما أدين الفريق تشالو غيرتد باستلام المجوهرات المسروقة وتقاسمها مع كبار الضباط وحكم عليه بالإعدام، ثم خُفِّض الحكم إلى السجن 50 عاماً، ثم تم الإفراج عنه عام 2006م، أما السارق الأول البستاني “كيرانغكراي” فقد تم تخفيف الحكم عنه وخرج من السجن بعد 3 سنوات فقط.

ماسة زرقاء كبيرة ومتميزة المصدر: الذكاء الاصطناعي بينغ

اللص التايلاندي: قررت الترهبُن لتكفير أخطائي

ما زالت الماسة الزرقاء مفقودةً، أما الرجل الذي بدأ القصة البستاني التايلاندي “كيرانغكراي تيتشامونغ” فقد قرر أن يصبح راهباً، وقال في حديث مع Foreign Policy: “أنا واثق أن جميع مصائبي هي نتيجة لعنة من الماسة السعودية التي سرقتها، لذا قررت الترهبن لبقية حاتي من أجل التكفير عن أخطائي”، ليصبح راهباً بوذياً يحمل اسم “صاحب المعرفة عن الألماس”.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد