#من مظاهر الفكر المنغلق

لعلك تجد يا عزيزي القارئ لكلماتي تلك شعوراً بالاستغراب من العنوان المبتدأ بعلامة الهاشتاج، لكن على كلٍ سأستكمل سردي الذي أنوي دون مهاجمة جماعة بعينها أو فلان بعينه، وذلك لأسباب عديدة منها على سبيل المثال أن كلامي سأقوم بتوجيهه إلى جموع الناس القارئين له، ومنها أني أثق في فطنتك عزيزي القارئ لموقع نجوم مصرية، فإنك لبيب واللبيب بالإشارة غالباً يفهم، ودعني في السطور القادمة أبين لك تلك المظاهر للفكر المنغلق في اختصار غير مخل وإسهاب غير ممل.

1- أصحاب الفكر المنغلق يصبغونه في غالب الأمر بصبغة دينية مقدسة

حيث أن الكثير من الجماعات في مجتمعنا المعاصر تختار لنفسها مبادئ وأفكار خاصة بها، وعندما تريد أن تعطيها الشرعية، فإنها تلجأ إلى صبغها بصبغة عظيمة كأن تقول أول ما تقول أن أفكارها مستقاة من منهج الدين الحنيف (الإسلام)، والعجيب كل العجب أن تجد الحديث بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية موظفاً بطريقة ساذجة على موقف بعينه، مع أنك إذا تفحصت في حديث المتحدث بتلك الأفكار ستجده يوظف الفكرة من الآية أو الجزء الإيماني منها في خدمة فكرته وأنصارها وفقط دون الاكتراث بأنها تخص أمة بأكملها وليست خاصة بشخصه أو جماعته… هذا مظهر رئيسي من مظاهر الفكر المنغلق.

2- لا يصاحب لا حامل فكره

ومن المظاهر الأخرى أيضاً لهذا الفكر، أنك تجد انغلاقا اجتماعيا حاداً لصاحب الفكر المنغلق، فتجده على سبيل المثال لا يصاحب إلا من أفراد جماعته وفكره هو، بل تجده يسخر وقت فراغه فقط في الجلوس مع من يحمل نفس مبادئه وأفكاره، ولعل المتأمل يتساءل (التساؤل هنا للمتأمل فقط) ما الفائدة الثقافية الجديدة أو الاجتماعية الفريدة التي سيكتسبها هذا الفرد المنتمي لهذه الجماعة؟!
والجواب بالطبع لا فائدة على الإطلاق سوى ترسيخ وتأكيد أفكار المنغلقين مثله وسطوتها عليه.
إن الأفكار بشكل عام تقود صاحبها إلى منعطف تاريخي قد يغير مجرى حياته بأكملها، فعلى سبيل المثال: الجهاد فكرة عظيمة من أفكار الدين الحنيف، وهنا أتحدث عن الجهاد المسلح، لكن الفكرة عامة في الدين، ولها شروط ولها أحكام ولها ضوابط أخرى يفقهها علماؤنا من الأزهر وغيرهم من أولي الفضل والفطنة.
لكنك تجد من يستخدم فكرة الجهاد في الإسلام ليوظفها لقتل المسلمين وسفك دماءهم وغصب أموالهم، وهنا يجب على المتأمل والمتعاطف مع تلك الأفكار السامة أن يسأل نفسه سؤال؟ هل يجوز أن يشرع الإسلام لفكرة ويتم القتل بها لأتباعه الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله لمجرد أنهم اختلفوا معي في أفكار الحكم والسلطة على سبيل المثال…
إن الإسلام برئ، وفكرته الجوهرية عن الجهاد بريئة كل البراءة عن ما يدعونه إسلاما، فكل المسلم على المسلم حرام .. دمه وماله وعرضه.

3- قد يقتل من يخرج عنه ويحيد

2- لا يصاحب لا حامل فكره

إن الفكر المنغلق على ذاته ونفسه قد يقتل من يخرج عنه ويحيد، لمجرد فقط أن الآخر لا يتفق معه، لكن عزيزي القارئ، قد تكون أنت من المغيبين والمنغلقين لكنك مسكين مسكين مسكين!، وقد أكون أنا أيضاً منغلقا في بعض أفكاري، لكن الواجب على كلينا أن نستدرك أفكارنا ولا نتركها تذهب بنا بعيدا إلى حيث الظلام الدامس الذي يجعلنا شبه عرايا من الانفتاح الذي أمرنا به في ديننا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا.
إن من مظاهر الفكر المنغلق أيضاً عدم الاستماع للأفكار الأخرى التي تدور في فلك غيرها خشية أن تزعزعني عن فكرتي أو أفكاري التي أتقوقع عليها وأحوطها، فنجد المنغلق لا يسمع غير نفسه أو من زرع الفكرة المنغلقة فيه أو أنصار تلك الفكرة، ويخشى تماما أن يستمع إلى أفكار أخرى لأنه يخشى أن يعمل عقله ويغير استقراره الذي قد يكون استقرارا على أرض غائرة ستغور به في قيعان الظلام الفكري السحيق
إن الفكرة النبيلة تحتاج إلى الفهم الدقيق والإحساس العميق، والأفكار تقودنا إلى مشاعر، والمشاعر تقود إلى أفعال والأفعال بطبيعة الحال تقودنا إلى نتائج، فالحيطة الحيطة، والحذر الحذر.
وأخيراً، فإني أرجو أن أكون قد أوصلت فكرة لبكرة، فنصبح على مجتمع خالي من المنغلقين والمنكفئين على ذواتهم.. وللحديث بقية.

قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد