متى تسقط دولة “المستريحين” ؟

آخرهم وليس الأخير، أنه مستريح أسوان المدعو “البنك” استطاع الحصول على 500 مليون جنيه من أهالي أسوان بحجة تشغيلها في تجارة المواشي مقابل أرباح تفوق أرباح البنوك بكثير، وهو الطعم الذي يقدمه أي مستريح للمواطنين والحصول على أموالهم وممتلكاتهم بكل سهولة.

مستريح المنيا حصل على نصف مليار جنيه من ضحاياه

مستريح أسوان، استطاع في فترة بسيطة تكوين ثروة هائلة من جيوب المواطنين الذين لا يمكن بأي حال من الأحوال اتهامهم جميعا بالطمع والجهل في التعامل مع الأمور المالية وكيفية استثمارها، وأنهم جاهزون للنصب والتفريط في أموالهم بهذه السهولة، خاصة وأن قاعدة “رأس المال جبان” تحكم وتسيطر أيضا على فكر كل من يمتلك المال.

إذن، هناك أسباب أخرى كثيرة دفعت هؤلاء للثقة السريعة في المستريحين، واستخراج الفلوس من تحت البلاطة ومنحها إياهم، ولابد من الوقوف على هذه الأسباب للعمل على التخلص منها وبالتالي التخلص من المستريحين.

كيف اقنع ضحاياه بتسليمه اموالهم؟

ربما يكون السبب الأول والثاني والثالث أيضا، عدم وجود بدائل استثمارية متوفرة تمتاز بالسهولة التي يقدمها المستريح لضحاياه.

وبالنظر إلى تاريخ المستريحين الذي شهد قمة ازدهاره منذ أيام الريان الشريف غيرهم، والظاهرة مستمرة حتى اليوم وإن اختلفت طريقة كل مستريح عن الآخر، إلا أنهم في النهاية يقدمون نفس السلعة، وكل مستريح يستغل في البداية الحلقة القريبة منه، ومع تكرار الالتزام في دفع الأقساط أو الأرباح، تتسع الدائرة سريعا حتى تتضخم الأموال في جيوب المستريحين، دون النظر إلى ما سبق من حالات نصب وإفلاس وهروب لأمثاله، لأنه من وجهة نظر الضحايا كان يختلف عن الجميع وكان محل ثقة.

ومنهم من كان بالفعل محل ثقة، وكان تاجر شاطر أو مستثمر شاطر، يبدأ في جمع الأموال من الناس، ولا يتوقف عندما يصل إلى الحد الذي يستطيع الالتزام فيه بالاستثمار وعوائده، وتحت إغراء تدفق الملايين يستمر في القبول، ثم تبدأ المشاكل بتراكم الأقساط مع تراجع عوائد الاستثمار، فيبدأ في التوزيع من رأس المال حتى تأتي مرحلة الهرب.

الحل، في تقديم بدائل استثمارية سهلة، من حيث توفر دراسات الجدوى الجاهزة المباشرة لأي مستثمر أو عدة مستثمرين، في ظل وجود لجان أو مستشارين أو خبراء يساعدون المستثمرين الجدد على بداية مشروعهم بالدعم الفني والمادي إذا توافرت البيئة السليمة، والدعاية الجيدة لذلك.

ولما لا تكون هناك جهة على المستوى الوطني تكون هي “المستريح القانوني” بعيدا عن البيروقراطية والتعجيز بشروط ومواصفات يحجم عنها أصحاب الأموال البسيطة.

الناس بطبعها تثق في الجهات التي تضمن لها أموالها مثل البنوك، لكن المستريحين يقدمون ما لا تقدمه البنوك، والشطارة أن نقدم ما يقدمه المستريحين من كيانات اقتصادية استثمارية جديدة، تستطيع من خلال ابتكار وسائل مشجعة ومطمئنة أن تستحوذ على كل ما هو تحت البلاطة وينتظر الفرصة الاستثمارية اللامعة كما يقدمها المستريحين.

الظاهرة لن تنتهي أبدا، ما دام هناك طامعين في المزيد من المكاسب، وأفراد لديهم موهبة إقناعهم بالتخلي عن أموالهم برضا وقبول، ولن يتعظ الضحايا بالتجارب الفاشلة، وعلينا أن نستبدل كل مستريح فرد بمستريح مؤسسة أو ينتمي إلى مؤسسة ينزل إلى العملاء في بيوتهم ومزارعهم ومحلاتهم لقطع الطريق على كل مدعي أو متهور يقدم الوعود ثم تنتهي الحكاية بمأساة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد