بيرم التونسى من التمرد إلى العشق الإلهى برائعة القلب يعشق كل جميل

بيرم التونسى، الإسم الحقيقى محمود محمد مصطفى بيرم الحريرى، شاعر مصرى ذو أصول تونسية، ولد بيرم التونسى في حى السيالة بالأسكندرية لعائلة تونسية كانت تعيش بالأسكندرية، ربط الفن بينه وبين سيد درويش، وجمعتهما السهرات الفنية التى كانت تشهدها الإسكندرية، وكتب بيرم التونسى عدة أغانى لسيد درويش، كما ألف له رواية شهرذاد ويكيبيديا.

بيرم التونسى

بيرم التونسى وإكتشاف موهبته الأدبية

بيرم التونسى، حاول أبيه تنشأته نشأة دينية، فكان يرسله إلى الكتاب للتعليم، ولكن فشل بيرم في الإستمرار بالتعليم وكان يصف نفسه بالتلميذ البليد، لأنه كانت لديه عقدة من الحساب بسبب عدم معرفته كتابة السبعة من الثمانية، فترك التعليم، وعمل بائع في محل الحرير مع أعمامه، كان بيرم محب للقصص والحكايات الشعبية ويحرص على شراء القصص، والكتب في سن مبكر، وكان دخوله مجال الأدب بالصدفة، وذلك عندما حجز المجلس البلدى على منزله، وطالبه بدفع مبلغ من المال، فأغتاظ بيرم فألف قصيدة يسخر فيها من المجلس البلدى تقول :

يابائع الفجل بالمليم واحدة                              كم للعيال وكم للمجلس البلدى

كأن أمى بلً الله تربتها أوصت                       فقالت : أخوك المجلس البلدى

أخشى الزواج فإن يوم الزفاف أتى                 يبغى عروسى صديقى المجلس البلدى

أو ربما وهب الرحمن لى ولدا                           فى بطنها يدعيه المجلس البلدى

وكانت هذه القصيدة هى بداية إنفجار الموهبة الأدبية لبيرم التونسى، حيث لاقت إنتشارا واسعا، وإعجاب شديد من الشعب الذى كان يعانى من تسلط المجلس البلدى، ونُشرت القصيدة في الصحف، وطلب موظفى المجلس البلدى وكانوا من الأجانب، ترجمتها حتى يستطيعوا فهمها، وتنبه بيرم بعد ذلك إلى الموهبة الأدبية الكامنه بداخله.

بيرم التونسى وقصة إلحاده

بيرم التونسى كان متمردا ولكنه لم يكن ملحدا، الملحد هو من ينكر الله، ولكن بيرم التونسى نشأ منذ صغرة على الكتب الصوفية، فكانت أول كتب قرأها بعد القصص الشعبية كانت كتب محيى الدين بن عربى، والإمام الغزالى، والمقريزى، وكان ذلك في سن السابعة عشر، ومر بيرم بمحطات كثيرة وعثرات في حياته، وكان السبب الرئسى في معاناته هو معارضته الساخرة للملك فؤاد، والفساد الموجود بالقصر، وبين افراد العائلة الملكية، ولذلك تم نفيه من مصر، وبعد معاناة، وسنين طويلة في الغربة رجع إلى مصر واستأنف مسيرته الأدبية، وكان بيرم من أشد المدافعين عن الإسلام ضد المتطرفين، ومن اسماهم سفلة الأديان، ومدافعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك عندما قام شاب مسيحى متعصب، يدعى قلدس جرجس  بسب الرسول صلى الله عليه وسلم، كان أول المدافعين هو بيرم وفى ذلك قال : ” من عهد ما القرأن هبط -..نزل هنا عمرو وربط… بينا وبينكم ياقبط… عهود وداد متسجلة… قرآن محمد قال لنا… عيسى المسيح روح ربنا… والست مريم ستنا… تنزل في أكبر منزلة.. وكان محمد لك نسيب… يا قبطى دون أهل الصليب…أما المقوقس له حبيب محبته متأصله… أبويا ناسب بسخروس… إسم خالى جرجيوس…  وجد امى فلتاؤوس…وأنا اسمى طه ابو العلا…قلدس يا جرجس ياغبى… كل القبط كهل وصبى.. يقولوا من سب النبى.. ينزل لسانه بالبلا ”

قد يعجبك : كيف دخل الإسلام جزر المالديف وأصبح الدين لوحيد للدولة

سيف المعز وذهبه وقصة العصا والجزرة

ومنذ القدم، ويحاول الشعراء محاكاة النص القرآنى فمنهم من يستعين بآيات من القرأن في أشعاره، أو يأتى بأبيات شعرية على وزن أيات قرآنية، مثل ما فعل أبو تمام عندما كان أمام عبد الله بن طاهر حاكم خرسان  وقال:

أيها العزيز قد مسنا الضر

وأهلنا أشتات

ولنا في الرحال شيخ كبير

ولدينا بضاعة مزجاة

وعلى نفس النهج حاول بيرم أن يحاكى النص القرآنى، ولكن كان من المعروف عن بيرم جرأته الزائدة وتمرده فحاول أن ينسج سور كاملة، ولم يكن تحدى لرب العزة سبحانه وتعالى، ولكن محاولة متمردة خاطئه للمحاكاة، وشعر بعدها بيرم بالندم وتبرأ من هذه المحاوله، ويشعر بيرم أن الله يدعوه لزيارة بيته الحرام فيذهب لأداء مناسك العمرة وهناك يشعر بلذة الحب الإلهى، وينشد أجمل قصيدة دينية غنتها السيدة أم كلثوم بعد وفاة بيرم بعشر سنوات وتقول أبياتها :

القلب يعشق كل جميل

وياما شفتى جمال ياعين

واللى صدق في الحب قليل

وان دام يدوم يوم ولا يومين

واللى هويته اليوم

دايم وصاله دوم

لا يعاتب اللى يتوب

ولافى طبعه اللوم

واحد مفيش غيره

ملا الوجود نوره

دعانى لبيته

لحد باب بيته

واما تجلى لى

بالدمع ناجيته

كنت ابتعد عنه

وكان ينادينى

ويقول : مسيرك يوم

تخضع لى وتجينى

طاوعنى يا عبدى

طاوعنى أنا وحدى

مالك حبيب غيرى

قبلى ولا بعدى

انا اللى أعطيتك

من غير ما تتكلم

وأنا علمتك

من غير ما تتعلم

واللى هديته إليك

لو تحسبه بإيدك

تشوف جمايلى عليك

من كل شيءأعظم

سلم لنا تسلم

رحم الله نفس تابت، وأنابت إلى الله، رحم الله بيرم التونسى، ” فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى ” صدق الله العظيم


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد