التَّنَمُّر الإلكتروني.. جريمة مقَنَّعَة تستحق الرَّدع!

بقلم – إبراهيم فايد

 

 

إنه وفي مُستَهَلّ حديثنا اليوم عن «التَّنَمُّر الرَّقمي.. مَخاطِرُه، وسُبُل التعامل معه» والوقوف بالمرصاد لكل فاقدي الأهلية الإنسانية ممن سمحوا لأنفسهم -من خلف شاشات هواتفهم والحواسيب- في غفلة من ضمائرهم الخربة بأن يتصَيَّدوا إنسانًا لا جُرم له ولا ذنب إلا أن شبّ وسط بيئة معينة ومجتمع مُحَدَّد وشخصية مُخَلَّقة بمواصفات بدنية ومهنية وعائلية ما على غير هوى المُتَنَمِّرين؛ فترى في سبيل ذلك الكثير من الضغوط المعنوية التي يُكِيلُها له ضِعاف النفوس إمعانًا في مَذَلَّتِهِ ومَهانَتِهِ دون وجه حق، فقد كان لِزامًا علينا طرح هذه الظاهرة وكشف عوراتها أمام حضراتكم، ولنبدأ باقتباس تعريف مناسب للتَّنَمُّر الإلكتروني عبر شبكات التواصل الاجتماعي كما عَرَّفَته اليونيسيف -منظمة الأمم المتحدة للطفولة- عبر خبراءها وأخصائييها التربويين الذين ما ارتؤوا في هكذا تَصَرُّفٍ إلا سلوكًا متكررًا ومقصودًا من أشخاص بعينهم يهدفون زورًا لترويع وإغضاب الضحايا والتشهير بهم -أسماءهم ووظائفهم وأشكالهم وأمراضهم وأوضاعهم المادية والمعنوية…- سواء كان ذلك الأمر صدقًا أو حتى مَحْضَ أكاذيب وأباطيل وأضاليل وتُرَّهات لمجرد تحقيق مُتَعٍ نرجسية زائلة تتأَتَّى من حيث يُشِينُ أحدهم غيره ويفحمه وسط العامة.

 

وغالبًا ما تتفاوَت طُرُق ووسائل التَّنَمُّر هنا وتتعدد باختلاف هدف المُتَنَمِّر، سواء بتوجيه الكلمات الساخرة والسُّباب المكتوب والرموز المشينة للشخص ودينه ووطنه ومختلَف مكوناته ومكنوناته الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، أو حتى استعمال الصور ومقاطع الفيديو بهدف التشهير والابتزاز سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حسابات حقيقية كانت أو وهمية، ورغم كَوْن الأمر بِرُمَّتِه مجرد أدوات ورموز إلكترونية بحتة لكن تأثيرها قد يتجاوز عَنانَ السماء ويصل لآفاق من الضرر النفسي والعقلي والبدني بما يتطلب شهورًا ولربما سنوات لمعالجتها، ولعل هذا ما دفع إدارات شبكات التواصل الاجتماعي الشهيرة -فيسبوك، إنستجرام، تويتر، تيك توك- لفرض معايير مجتمعية جادّة تَحُول دون الإساءة للآخَر أو مخاطبته عبثًا حسب جنسه وجنسيته ودينه ولغته ولونه…إلخ، وهذه البداية التي قد تقضي على هذا الوباء وتُقصي مرضاه بعد أن حَطُّوا على منصات الشبكة العنكبوتية مترامية الأطراف هنا وهناك مُسْتَغِلِّين صعوبة المتابعة والرَّصد أو على الأرجح عدم اهتمام الجهات الأمنية المَعنية بالرقابة والعقوبة الصارمة لهؤلاء المجرمين.

 

لكن وفي السياق ذاته وإحقاقًا للحق، لم تَعُدْ تتوانى السلطات الأمنية في حق هذه الجرائم، وإن لم تكن جرائم مكتملة الأركان ومن السهل التَّمَلُّص منها عبر إلصاقها بالباطل لآخَرين أو لمحاولات الاختراق وغيرها أو حتى حذف شواهد وأدلة الجريمة، لكن الأمر -تقنيًا- بات أكثر انضباطًا في رصد وتضييق حلقات العقاب حول غليظي القلوب والعقول هؤلاء، ولعل التَّنَمُّر الإلكتروني يتحول يومًا لِماضٍ من الذاكرة البعيدة لنحفظ لأنفسنا حق الخصوصية والراحة والعِزَّة على أرض الواقع وكذا من خلف الشاشات؛ إذ أن الشعور بالضِّيق والحرج والانزعاج وتَلَقِّي نُعوت الانتقاص في الخُلُق والخِلْقَة قد تدفع إنسانًا رقيق الحِسّ للتخلص من حياته أو على الأقل تُحَمِّلُهُ أثقالًا من الخزي وفقدان الثقة في النفس والمجتمع المُحيط بعد أن تطرح عليه أرطالًا من هموم الدنيا.

 

خِتامًا، وفي محاولة جادّة لإغلاق كل السُّبُل حول هؤلاء الحمقى مِمَّن انتُزِعَت من قلوبهم الإنسانية والضمير والإيمان الخالص الصادق بأنْ «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى والعمل الصالح»، وأنَّ «الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ»؛ فإنه ومن باب الحذر علينا المواربة والمواراة في خصوصياتنا وألّا نطرح مزايا حيواتنا وسوءاتها علنًا في هذا الفضاء التقني الشاسع الفسيح الذي يُتيح لِضِعاف الضمير استغلال تلكم الفرص والسخرية والاستهزاء من أمور ومظاهر هي في حقيقتها غاية الخصوصية، بل وقد يتجاوز الأمر مَداهُ حَدَّ الابتزاز والاحتيال؛ فالخصوصية الخصوصية أثابكم الله…

 

#إبراهيم_فايد


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

3 تعليقات
  1. خالد الشيحان.من سوريا .حلم يقول

    خالد الشيحان.من سوريا حلم .

    05541707571 رقم هاتف

  2. حسن محسن ناصر سعيد عاطف يقول

    انااسمي حسن محسن ناصر سعيد عاطف الكنيةساهر جر حلم

  3. ابو جاسم يقول

    اتمنى ان اشارك في مسابقة الحلم 2022