اكتشف حلاً أفضل دائماً

عزيزي القارئ إننا نكرر أخطائنا التي فرضناها على أنفسنا، فنحن اكتسبنا معظم ما نفعله وعادةً نظن أن ما اكتسبناه تعلمناه، وهذه الخدعة التي نعيشها.

إذا ما تفحصت ما تفله كل يوم بشكل تلقائي، سوف تجد نفسك محاطاً بعادات اكتسبتها، فقد تقول طوال عمري أفعل هذا الشيء بهذه الطريقة، ولا تعلم هل فعلياً هذه الطريقة التي اعتدتها هي صحيحة أم لا.

مثل الرجل الذي عاش طوال عمره يتخذ طريقاً اعتقد أنه أقصر طريق للوصول إلى مكان عمله، ولم يكلف نفسه يوماً ليعرف مدى مصداقية هذا الاختيار ولم يقارن بين الطرق الأخرى والطريق الذي اعتاد عليه.

بل هناك ما هو أدهى من ذلك، كوننا نفعل أشياء لنجتازها مثل التعليم ذاته كي نصل من خلال التعليم الابتدائي ثم نحاول أن نجتازه لنصل به حتى الجامعة، ففي رحلتنا لم نكن نتعلم، ولكننا اكتسبنا من المجتمع أنه لابد أن تجتاز هذا لتصل إلى ذاك، فلم يكن هدفنا أن نتعلم.

فقد أصبحت حياتنا مجرد طقوس نعيشها بأجسادنا فقط، حتة المعلم اعتاد على أن يفكر فقط كم درساً يجب أن ألقيهم على الطلاب خلال فترة ما، فتحول إلى آلة متحركة منحصراً في منهج ربما سقطت فيه معظم القوانين الفيزيائية وراحت أدراج الرياح وحل محلها قوانين جديدة.

الأعجب أن ينبهر الطالب بتلك القوانين التي سقطت ويظل عالقاً في ذهنه أن تلك القوانين الفيزيائية ما زالت هي المعمول بها، فهو لم يتعلم أن يتعلم كيف يتعلم.

فلو انه حقاً أراد أن يتعلم فسوف يبدأ في التفكير في حقيقة هذا القانون وظل يبحث فيما هو أكثر تخصصاً في مجال ما باحثاً دائماً عما هو أصح وأفضل.

فماذا حدث في التعليم جعلنا نتحول به إلى عادة عقيمة؟!!!

  1. النظم التعليمية يتم تقديمها لجماعات مما يجعلها تأخذ الشكل التلقيني بعيداً عن اكتساب الخبرات الفردية التي تجعلها أكثر تشويقاً.
  2. النظم التعليمية كونها تعتمد على التراكمية في اكتساب المعرفة، أصبح لزاماً الاهتمام بعملية الحفظ وجعلها أولوية حتى أصبح التعليم شاقاً.
  3. ولأن التعليم أصبح تلقيني ويعتمد على الحفظ فصار هناك ما نفقده مما حفظناه ويسقط بالتقادم منا.

فالحقيقة توقفت عقارب الاستمتاع بالتعليم نتيجة لما سبق، مما أدى في النهاية أن يصبح التعليم عملاً منفصلاً عن حياتنا اليومية، والذي أدى لفقد كل ما تعلمناه في صغرنا ولم نستفيد به في حياتنا.

فكونك فقدت الإثارة والشغف بالمعرفة فلابد أن تشعر أن التعليم شيء أنت مجبر عليه نتمنى التخلص منه، فنفرح حين نصل إلى منازلنا تاركين التعليم وراء ظهورنا، ونكون أسعد حين نأخذ أجازتنا الصيفية.

ولكن الحياة تعلمنا رغماً عن أنوفنا:

فرغم أننا أصبحنا نكره التعليم الرسمي إلا أن الحياة تصر على أن تكون هي مدرستنا الحقيقية، فتقدم لنا نتائج أفعالنا الخاطئة، وتكرر علينا تلك النتائج حتى نتعلم أننا نفعل الأشياء بطريقة خاطئة ولم نتعلم كيف نفعلها بطريقة صحيحة.

وقد يتصور البعض أن الحل في تراكم خبراتنا الشخصية أو خبرات الآخرين، وهذا ظن خاطئ.

فخبراتنا جميعها ارتبطت بمواقف بذاتها لها ظروفها الخاصة والتي قد تختلف من حيث الزمن والمكان والظروف المحيطة، كل هذا أحدث خبرة للتعامل بشكل ما قد يكون صحيحاً مع هذا النمط الذي أخذنا منه خبراتنا، وأصبح لدينا قناعه قمنا بتخزينها داخلنا، أنه عندما يحدث كذا يجب أن أفعل كذا، وهذا بالطبع ليس الهدف من التعلم أن نحول التعامل مع خبراتنا أنها مرادفة للتعليم.

إذن ما هو التعليم:

التعليم أو التعلم هو إتمام اكتشاف ما لم نكتشفه بعد وما لم ندركه من قبل ونقل هذا الإدراك الجديد أو الاكتشاف الجديد للواقع التجريبي وإثباته ومن ثم استعمال تلك الإدراكات الجديدة في نسيج حياتنا الدنيوية

إذن التعليم هي عملية مستمرة لاكتشاف ما لم أدركه بعد.

وقد يصعب علينا تطبيق هذا المفهوم للتعليم في حيز الواقع الاجتماعي لما يشكله من واقع غير مادي ومعظمه يقع في منطقة المشاعر والأحاسيس، ولكن دعونا نتأمل مثل تطبيقي:

  1. تأمل عمل تقوم به يومياً وبه العديد من المعوقات المتكررة، وارصد هذه المعوقات.
  2. تأمل تلك المعوقات منفردة وضع حلولاً سلبية لتخطيها دون مواجهتها.
  3. ثم ضع تلك المعوقات في إطار إيجابي وابدأ في التفكير في حلول موضوعية لتخطيها بمواجهتها.

سوف تكتشف أن خبراتك السابقة التي جعلتك تتخطى تلك المعوقات ولا تواجهها وتحمل فوق كاهلك إحساساً سلبياً تجاهها، تحول لواقع تشويقي في محاولة اجتيازها لمجرد وضع حلول موضوعيه ودراسة تلك المعوقات وفهم ما لم أكن أدركه عنها كي أجتازها.

هذا يذكرني بمن يشتكي من هطول المطر فوق رأسه وكذلك كم يشتكي من حر الصيف ولا يريدا أن يحملا مظلة.

فبخبرتهم اكتشفوا المعوقات والمشاكل، ولكنهم لم يكلفوا أنفسهم البحث عن الحل، وهكذا في كثير من حياتنا نرفض البحث عن الحل الذي يحتاج منا إلى ترك جزء من خبراتنا لكي نكتشف ما هو أفضل لحل تلك المشكلات الحياتية.

ماذا لو تعلمت ممن سبقوني بأن تعلموا؟!

بالطبع هذا ليس التعلم، فالعالم يتقدم تكنولوجياً من خلال البعض الذي يبحث عن الأفضل، ولكن هؤلاء الباحثين عندما قدموا لنا علومهم قدموا معها خبراتهم عما قدموه، فأصبحنا نستعمل مخترعاتهم في حدود ما أرادونا أن نفعله بمخترعاتهم، ليتقدم الزمن لنجد أنفسنا مجرد مستعملين لما تعلموه ولم نتعلم ما تعلموه، كمن يركب الدراجة ولم يتعلم كيف يصنعها، فلو أنه تعلم أن يصنعها، بطبع سوف يفكر يوماً في تطويرها، أو صنعها بطريقة تتناسب وطبيعة أرض بلدته التي يعيش فيها، وغيرها من الطرق التي يحل بها المعوقات التي تواجهه.

فمع تراكب المخترعات حولك تجد نفسك لا تعرف أن تخطوا خطوة بدونها، ولكن حين تتعطل تصبح حياتك شبه معطلة.

فأنت في حياتك لا يمكن أن تعتمد على خبرات غيرك لتقلدها، وإنما لك أن تتأمل تلك الخبرات وتدرسها وتقارنها بأنماط حياتك وتتأكد أنها الحل المثالي وليس هناك أفضل منها في اجتياز المعوقات التي تواجهها.

الخلاصة:

كي تتعلم، فلابد أن تضع أمام عينيك أنك لم تتعلم بعد، وأن هناك حلاً أفضل دائماً لم تدركه بعد لكل شيء حتى ما اعتدت عليه وظننت أنه الحل المثالي لحياتك، فلتكتشف حلاً أفضل دائماً.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد