عبء الرجل الأبيض والاستعلاء على أمم إفريقيا.. كاراجر ليس الأول ولا الأخير

خرج كاراجر بتصريحات مثيرة للجدل عن صلاح كشفت عن حقيقة شعوره تجاه إفريقيا، في الحقيقة هذه لا تعد وجهة نظره فقط ولكن هي وجهة نظر الآلاف في أوروبا، استعلاء من أوروبا بشأن أمم إفريقيا التي يرونها أقل شأنا من كأس الرابطة ولا يرون مبررا أن يذهب لاعبين فرقهم في منتصف الموسم للمشاركة بها عوضًا عن استنزافهم حتى الرمق الأخير.

تصريحات كاراجر عن صلاح وأمم إفريقيا

وكان قد صرح كاراجر عبر شبكة “سكاي سبورتس” قائلًا: “مشاركة صلاح مع منتخب مصر، هي العائق بينه وبين تحقيق جائزة الكرة الذهبية، لم يشارك في البطولات الكبيرة مع منتخب بلاده”، وعاد لاحقًا محاولة إصلاح الوضع مُعلقًا عبر حسابه على منصة”X”: “محمد صلاح مع مصر ليس في وضع مناسب لحصد الكرة الذهبية، إذا قدم صلاح موسمًا عاديًا مع ليفربول وفاز بكأس الأمم الإفريقية وكان أفضل لاعب في البطولة، فأنا لا أعتقد أنه كان سيفوز بالكرة الذهبية لأنني أرى أن كأس الأمم الإفريقية تحمل نفس الوزن الذي تحمله البطولات الأخرى ولكن إذا قدم مبابي موسمًا عاديًا مع ريال مدريد لكنه فاز بكأس العالم أو اليورو كان لديه فرصة كبيرة للفوز بالكرة الذهبية”، جاءت تلك تصريحات بعد انتقادات طالته من المشجعين وزملائه دانييل ستوريدج وميكا ريتشاردز ومن أحمد حسن سفير إفريقيا لكرة القدم ولاعبين سابقين مثل محمد المحمدي.

 

لم تكن أمم إفريقيا يومًا بالبطولة المضمونة، فعلى الرغم من تألق صلاح مع ليفربول منذ سنوات إلا أنه لم يستطيع تحقيقها مع المنتخب المصري صاحب 7 ألقاب، وفي أوج قوة كوت ديفوار مع نجم البلوز ديدييه دروغبا لم تحقق أمم إفريقيا لأن المنتخب المصري فاز وقتها بالبطولة ثلاث مرات متتالية (2006-2010) وخسروا من زامبيا في نهائي 2012، ولم تحقق البطولة إلا في 2015 بعد أن أعلن دروغبا إعتزاله اللعب دوليًا، وفي النسخة الأخيرة خرج المنتخب السنغالي صاحب لقب أمم إفريقيا 2021 من دور 16 أمام كوت ديفوار بينما خرج المنتخب المصري الوصيف من دور ربع النهائي، وكان منتخب كوت ديفوار قريب من الخروج من دور المجموعات في نسخة 2023 إلا أنه عاد وحقق اللقب بعد عودة ملحمية، وظهر سيباستيان هالر بعد تعافيه من سرطان الخصية إلا أنه كان قد تعرض للإصابة في الكاحل ليغيب في دور الأول ومن ثم يعود ببطء ويسجل هدف في نصف النهائي ضد الكونغو الديمقراطية ليقود الأفيال إلى النهائي ويسجل هدف الفوز ضد نيجيريا ليحقق اللقب الثالث في تاريخ بلاده، بينما كانت أمم إفريقيا إفريقيا مؤثرة عندما حصل ساديو ماني على المركز الثاني في سباق “البالون دور” لعام 2022 بعد التتويج بالبطولة مع السنغال، لم تكن أبدا بطولة أمم إفريقيا أقل متعة أو إثارة من أي بطولة دولية أخرى.

تاريخ من الاستعلاء على أمم إفريقيا

في الحقيقة لم تكن تلك التصريحات الأولى التي تقلل من شأن كأس الأمم الإفريقية حيث أنه قد سبق وأن تعامل الإعلام الإنجليزي وانديته باستعلاء غير مبرر في بطولة أمم إفريقيا السابقة وقتها خرج يورغن كلوب مدرب ليفربول بتصريح عن أن إقامة كأس أمم إفريقيا 2022 في الشتاء كارثة وفي تصريح آخر في نوفمبر 2021 قبل مباراة أرسنال ذكرها عن أنها بطولة صغيرة قائلًا: “لا توجد فترات توقف دولي حتى مارس.. (أوه) هناك بطولة صغيرة في يناير” بعدها خرج أليو سيسه مدرب السنغال ليهاجم الألماني قائلًا: “إنه في تلك المكانة اليوم بسبب لاعبي كرة القدم الأفارقة بدونهم كان سيخسر، صلاح وماني أنقذوه للفوز بأول نهائي أوروبي كبير، اليوم لديه الشجاعة للتصريح بأن كأس أمم إفريقيا بطولة صغيرة من يعتقد نفسه هو؟!”، عاد كلوب بعد هجوم واسع واعتذر مثلما فعل كاراجر لكنها كانت لحظة عفوية تكشف كيف يرى الأوروبيين البطولة الإفريقية.

 

لا تحظى أمم إفريقيا بنفس الدعم المادي من قبل الاتحاد الدولي والرعاة على غرار أمم أوروبا ولكنها لا تظل بطولة ذات طابع خاص بالنسبة للشعوب الإفريقية، بطولة بطقوس دامت لسنوات منها لعب البطولة في يناير، ولكن مع قرارات الويفا والفيفا بزيادة عدد المباريات لزيادة مداخيل الأندية والاتحادات أصبح عبئ عليهم أمم إفريقيا، فسبق وأن صرح دي لورينتس رئيس نابولي مع “وول ستريت” في أغسطس 2022: “لا تحدثوني عن التوقيع مع أفارقة آخرين، أما أن يوقعوا على تعهد بعدم الذهاب للبطولات الإفريقية أو لن يكونوا متاحين في منتصف الموسم ونحن الأغبياء الذين ندفع أجورهم”.

 

بينما أدلى ماتيا جراساني محامي نابولي بتصريحات لموقع “كالتشيو نابولي 24” عن رغبته ملاحقة المنتخبات الإفريقية التي تستدعي لاعبيها من النادي الإيطالي خلال جائحة كورونا للمشاركة في أمم إفريقيا قائلا: “مع الأخذ في الاعتبار الوضع الوبائي، سندرس أن يكون هناك إجراء قانوني ضد المنتخبات التي توجه الدعوة للاعبينا، الأندية استثمرت الكثير من الأموال للتعاقد مع لاعبين، المعايير الصحية في هذه الدورة ليست هي نفسها بالمسابقات الأوروبية”، لقد كانت الأعذار عديدة طوال السنوات الماضية والتي زادت بشكل ملحوظ مع زيادة اعتماد الأندية الأوروبية على نجوم من القارة السمراء ليصبحوا فجأة لديهم مشكلة مع بطولة تلعب في نفس التوقيت منذ عام 1957، ولكن بالطبع مصلحة أوروبا وفرقها تأتي أولا.

تعامل الفيفا مع أمم إفريقيا

لم تختلف طريقة تعامل الاتحاد الدولي لكرة القدم مع البطولة الإفريقية، حيث أن المغرب كان على استعداد لاستضافة كأس أمم إفريقيا في صيف 2025 ولكن إعلان موعد إقامة البطولة تم تأجيله لأجل استيعاب كأس العالم للأندية البطولة التي ستنطلق بشكلها جديد هذا الصيف، خرج باتريس موتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في يونيو 2024 مبرر سبب تأخر الإعلان عن موعد أمم إفريقيا قائلًا: “استغرق الإعلان عن مواعيد كأس الأمم الأفريقية في المغرب 2025 وقتًا أطول بكثير من المتوقع، كانت هناك مناقشات معقدة وصعبة بسبب جداول المباريات الدولية والمحلية المكثفة، يلتزم الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بحماية وتعزيز مصالح اللاعبين الأفارقة الذين يلعبون في أندية كرة القدم في أوروبا والعالم، كما يلتزم الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ببناء علاقات مفيدة للطرفين مع رابطة الأندية الإفريقية والاتحاد الأوروبي لكرة القدم والاتحادات الكروية الأخرى والفيفا”، بعدها تم الإعلان عن تأجيل البطولة ولعبها في نهاية عام 2025 ليُفضل الفيفا بطولته حديثة العهد على بطولة تُلعب منذ ما يقارب 70 عامًا.

 

لا تزال نظرية عبء الرجل الأبيض تسيطر على الكثير من الذين يعتقدون أن إفريقيا أقل شأنا من أوروبا، لقد كانت ولا زالت أمم إفريقيا بطولة مميزة بأجواء الشعوب الإفريقية الفريدة ولم تقل يومًا شأنًا عن أي بطولة دولية أخرى، سواء أحب كاراجر وغيره ذلك أم لا.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2025 لشركة نجوم مصرية®،جميع الحقوق محفوظة.