في هذه اللحظات يحتفل الملايين حول العالم بقدوم العام الميلادي الجديد 2023م، عام جديد ينتظره الجميع بفارغ من الصبر وكأن حلول جميع مشاكلهم ستنحل تلقائيًا فور بداية العد في شهور العام من ايام واسابيع، منشورات مواقع التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن تجارب العام المنقضي ومحاولة عدم تكرارها بالشكل الدراماتيكي حتى نهاية عام 2023، لكن ماذا لو كانت سنة 2023م هي سنتك الأخيرة ؟ هل حقًا سيختلف تخطيطك عما كنت تنوي فعله ووضعته بالفعل علي ورقتك البيضاء كشكل روتيني تقوم به كل عام !
بداية عام 2023م
لا اريد ان اطفيء فرحتك ببداية العام الجديد، لكن انا هنا لا يهمني اطلاقًا كل ما يدور حول الاحتفالات البائسة التي يقوم بها البشر في ظل الاجواء الشتوية التي تضرب كندا في سابقة من نوعها، بينما في دول أخرى يغمرهم موجه حارة شديدة، لكن لنستقر في موقعنا حسب التوقيت المحلي لمدينة القاهرة في اجواء دافئة نوعاً ما لنركز علي بداية صفحة جديدة من النتيجة الورقية التي تعلن تغير ارقام العام وبداية العد من شهر يناير من جديد.
في خطتك بكل تأكيد وضعت مجموعة من التخيلات والسيناريوهات التي تنوي تنفيذها بإذن الله سواء في العمل أو الدراسة أو مع الاسرة أو غيرها، تضع الخطة علي الورق وتتوقع ان أفضل طريقة لتنفيذها هي بالطريقة المحددة، التي تكون فيها الحركة هي المحرك والشغف هو الوقود.
ما بعد أول يوم من عام 2023م
لنرجع من غيبوبة الاحتفالات التي استهلكت فيها روحك وجسدك دون فائدة، لنرجع بعدها إلى الواقع قليلًا، وتبدأ الدوامة من جديد كيوم عادي من سنة عادية من عمرك الذي لايعلمه إلا الله عز وجل، انظر مجددًا إلى الخطط التي قمت بوضعها في لحظة حماس وجري وراء التريند الذي يخبرك انك إن لم تقم بوضع احلام خيالية علي ورق فأنت خارج نطاق مجرتنا ومنبوذ فيها، صديقي، استفق، نعم استفق حرفيًا، أنت لست في سباق، ارمي الورقة التي اضعت فيها بعض الحبر ولنبدأ من جديد سويًا.
خطة عام 2023م
هل تتذكر السؤال الذي طرحته عليك في أول السطور السابقة، ماذا لو كان عام 2023م هو اخر عام لك ؟ نتناسي نحن البشر هذه الحقيقة وتلهينا الدنيا بكل مغرياتها وننسي ان الموت حق، انا هنا لا اخيفك، هذه حقيقة سنمر بها جميعًا لامفر منها، الفكرة كلها ليست في الهروب من هذه الحقيقة بل ماذا اعددت لها ؟ هل وضعت في خطتك هذا العام في الاعتبار هذا الامر ؟ ام كانت كلها مركزة علي الوصول إلى المجد والشهرة فحسب، ليس سيئًا ان تجري في الدنيا كيفما تشاء، لكن كما يقال فالدنيا فانية، انا لن اعكر عليك صفوك بكلام ينم علي النكد علي حد قول الكلمات في عقلك وانت تقرأ حديثي، لكن ما سأقوله لك هو القليل الذي لم يخبرك عنه الكثير في عالمنا هذا، إما ان تدركه اللحظة أو ستتوه في نفس الدوامة التي نغرق فيها دون ان نشعر.
نصيحتى لك
حسنًا لو كان عام 2023م هو آخر عام لكنت وضعت التالي في ذهني وعقلي وتركيزي وكل ما املك دون اي تردد وهو:
- علاقتي مع الصلاة كيف حالها ؟ فأول ما سوف احاسب عليه يوم القيامة هي الصلاة، كيف حالي معها ؟ تذكر إن صلحت فقد صلحت باقي الاعمال، وان فسدت فقد فسدت باقي الاعمال.
- المصحف ؟ هنا لنا جلسة طويلة من العتاب التي لاتنتهي.
- عائلتي، كيف حالي مع عائلتي ؟ متى اخر مره تذكرت فيها عائلتك بالكلمة الطيبة والفعل الحسن ؟ متى اخر مره تركت فيها هاتفك لبضع دقائق وجمعت حولك كل افراد البيت للجلوس في جلسه ود وحب، اقاربك ؟ متى اخر مره اتصلت بهم ؟ تذكر هم أكثر الناس الذي يهمهم ان تكون بخير في هذه الدنيا مهما حاول الجميع ان يثبوا لك غير ذلك.
- كيف حالي مع الناس ؟ هل اقابلهم بوجه واضمر لهم مشاعر أخرى ؟ هل اسامح الاساءة ؟ هل اضمر الخير لهم ؟ هل الحياة حقًا تستحق ان ادخل في جدالات لاقيمة لها واكسر بقلوب من حولي دون اي فائدة ؟
- كيف حالي مع نفسي ؟ هل اقدر نفسي ؟ هل اري حقيقتها واحاسبها كل فترة علي الاخطاء واقومها ام اتركها للهوي يحركها كيف يشاء ؟
مهلًا قبل ان اكمل، اعرف ان حديث عقلك يخبرك ان تتوقف عن القراءة والخروج لأن ضميرك بدأ بالتحرك في لحظة وثانية واحدة ليخبرك ان هذا الكلام صحيح، وانه حاول معك مرارًا وتكرارًا، لكن خمن ! أنت واقف مكانك لا تتحرك كالعادة.
اسمع جيدًا..
اذهب إلى سجادتك وادي ما عليك من صلوات أفضل من ان تذهب إلى حفلة لن تفيد.
اذهب إلى افراد عائلتك، فردًا فردًا وتحادث معهم وافرح بجلستهم، وقوي علاقتك بهم، فهم أفضل من مائة محادثة علي السوشيال ميديا.
مصحفك ولو صفحة واحدة في اليوم.
من تحبهم ؟ اخبرهم بحبك وتقديرك لهم، وانك تتوق لان تصبح علاقتك بهم ومعرفتك وصحبتك معهم في أفضل حال علي الدوام.
زوجتك ؟ تستحق منك الانتباه قليًلا، فلن تطير الدنيا وجلسة القهاوي اليومية.
مستوي قراءتك للكتب، مستوي تحصيلك للعلم، مستوي تطوير الذات، مئات الدورات تتحدث عنها، لكن من حدثك عن تطوير معرفتك بالآخرين، من حدثك عن كيف تكون أفضل صديق لهم ؟ من حدثك ان تكون أفضل نسخه من نفسك ؟
انا فقط ادردش معكم، سؤالي الاساسي ليس استفهاميًا، بل هو لمجرد ان اذكرك ان تقدر قيمة اللحظة الحالية وقيمة من حولك من الناس، لا تترك احدًا حزينًا منك، اعطي الناس حقوقها، انشر السعادة في وجه طفل صغير، الحياة ما هي إلا اختبار، إما ان تجتازه وأنت سليم القلب، أو للاسف.