حكاية حارة الخرنفش ودار كسوة الكعبة

دار كسوة الكعبة، هي دار تولت صناعة كسوة الكعبة المشرفة منذ عام 1816حتى عام 1962، حكاية مهمة عظيمة حرصت مصر على القيام بها على مدى تاريخ طويل وترى أنه شرف لا يجب ألا ينازعها فيه أحد ولهذا الغرض تأسست دار كسوة الكعبة بأحد أقدم أحياء القاهرة منذ مايزيد عن 200 عاما، تلك الدار التي أستمرت تنتج كسوة الكعبة الشريفة حتى عام 1962م إلى أن رفضت  المملكة العربية السعودية استلام الكسوة نتيجة لظروف سياسية بين البلدين في ذلك الوقت، ما هي حكاية هذه  الدار وقصة حارة الخرنفش مع آخر  كسوة للكعبة المشرفة.

تقع  دار كسوة الكعبة بحارة الخرنفش بحي الجمالية بالقاهربالجمالية، وهو حي عريق يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية،مازالت هذه الدار قائمة حتى الآن، يتكون المبنى من طابقين، بطول الشارع الذي لا يتعدى طوله أربعة أمتار فقط، تتوسط الدار بوابة حديدية باللون الأخضر، تفتح بين الحين والآخر من قبل وزارة الأوقاف، التي تستخدمها كمخزن.

كانت الدار تشهد كل عام احتفالا مهيبا بخروج كسوة الكعبة المشرفة، احتفالا رسميا من أمام مسجد القاضي عبد الباسط، والذي كان يشغل منصب قاضي قضاة مصر ووزير الخزانة العامة والمشرف على صناعة الكسوة الشريفة،  كانت تخرج الكسوة في إحتفال كبير ووراءه الجموع حتى ميدان الرميلة قرب القلعة.

في سبتمبر 2013 أعلنت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية التابعة لوزارة الآثار المصرية أن الدار أثرا، وذلك للقيمة التاريخية والروحانيه التي ارتبطت بالكسوة الشريفة،فتغيير كسوة الكعبة من الأحداث الجليلة التي نشهدها كل عام مع صبيحة يوم عرفة، التاسع من ذي الحجة.

ورغم ان مصر توقفت عن ارسال الكسوة وتحول المبنى إلى أثر مهجور، إلا أن سكان الحي مازالوا يعرفون جيدا تاريخ الدار ويتوارثون حكاياته واحتفالاته المهيبة التي كانت تتم سنويا احتفالا بإرسال الكسوة إلى الأرض المقدسة مع موكب الحجيج.

دار كسوة الكعبة بحارة الخرنفش

تاريخ الكسوة

كانت  كسوة الكعبة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تصنع من القباطي المصرية، وهي أثواب بيضاء رقيقة تصنع من الكتان والقطن المصري،و حاليا تصنع الكسوة السعودية من الحرير.

مع بداية الدولة الفاطمية كان الإهتمام بارسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، واستمر الأمر في الدولة المملوكية، حتى أن المماليك كانوا يرون أنه شرف يجب ألا ينازعهم فيه أحد، ولو وصل الأمر إلى القتال ،كما حدث عندما أراد ملك اليمن”المجاهد” عام 751 هجرية أن ينزع كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة اليمن، وعندما علم بذلك أمير مكة أخبر المصريين، وأرسل المجاهد مقيدا بالأغلال إلى القاهرة.

احتفالات طلعة المحمل

 

و كانت هناك محاولات  من الفرس والعراق لنيل شرف كسوة الكعبة ولكن كانت الغلبة للمماليك الذين لم يسمحوا بذلك،و للحفاظ على هذا  الشرف أوقف  الملك الصالح محمد بن قلاوون ملك مصر عام 751ه وقفا خاصا لكسوة الكعبة وهو عبارة عن قريتين من قرى القبليوبية وهما بيسوس وأبو الغيث، وحتى بعد سقوط دولة المماليك، اهتمت الدولة العثمانية بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها، وكذلك كسوة الحجرة النبوية وكسوة  مقام ابراهيم الخليل.و في عهد السلطان سليمان القانوني أضاف إلى الوقف المخصص للكسوة سبع قرى أخرى .

و استمرن كسوة الكعبة ترسل من مصر بانتظام سنويا مع أمير الحج في قافلة الحج المصري، حتى أقام محمد على دار كسوة الكعبة في الجمالية 1816و التي استمرت ترسل الكسوة حتى  عام 1962 إلى أن رفضت  المملكة العربية السعودية استلام الكسوة نتيجة لظروف سياسية بين البلدين في ذلك الوقت، حتى أن الدار مازالت تحتفظ بآخر كسوة كعبة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد