ساهمت الإمارة الفلسطينية مثل باقي الإمارات العربية في الأحداث التاريخية المختلفة التي مرت على الدولة الاسلامية، كما ذكرنا في الجزء الثالث من سلسلة حضارة القدس، فقد شاركت في هزيمة الزحف المغولي القادم من الشرق على مدينة بغداد عاصمة ” الدولة العباسية”، دولة الخلافة الإسلامية آنذاك في معركة عين جالوت بقيادة السلطان المملوكي “سيف الدين قطز” لتبدأ صفحة جديدة في حضارة القدس تحت حكم المماليك.
سور القدسدولة المماليك
انضمت بلاد المقدس إلى حكم المماليك في عام 651 هـ وكان لها اهتمام خاص من السلاطين (الظاهر بيبرس – سيف الدين قلاوون – والناصر محمد بن قلاوون – والأشرف قايتباي) وحظت بالعديد من الزيارات وخاصة الاماكن الدينية مثل المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وشهدت القدس في عهد المماليك تطوراً في مجال العمارة، حيث شيدوا عشرات الزوايا والمدارس ومن اشهرها المدرسة ” السلطانية الأشرفية “، وغدت القدس من أهم المراكز العلمية في العالم الاسلامي يأتي إليها طالبوا العلم من مختلف البلاد، كما أصبحت نيابة مستقلة عن دمشق بعدما كانت تابعة لها.
الدولة العثمانية
استطاع السلطان العثماني سليم في عام 922هـ / 1516م من إنهاء حكم المماليك على بلاد الشام ثم دخل القدس بعدما انتصرعليهم في معركة مرج دابق في عام 922هـ، وعندما تولى السلطان سليمان القانوني خلفاً لوالده سليم وأقام منشآت منها سور القدس الذي استمر بناءه في خمسة سنوات، وتكية السلطان والعديد من المساجد، وتغيرت تبعية القدس خلال هذه الفترة مرتين واصبحت جزءأ من الدولة المصرية في عام 1831م، نتيجة الخلاف بين محمد على باشا والدولة العثمانية إلى أن استردتها الجيوش العثمانية وحلفاؤها الاوربيين في عام 1840م.
الحملة الفرنسية
مع مرور الزمن بدأت الدولة العثمانية في الانحدار والضعف وازدادت الاطماع للاستفادة من ثروات الشرق، وذلك إدى إلى تحرك الامبراطور الفرنسي نابليون بونابارت صوب القدس واحتلها في فبراير عام 1799م بدا باحتلال عزة ثم يافا بعدما انتصر على المماليك في الاسكندرية والقاهرة، وتوجه إلى مدينة عكا في مارس والتي تعتبر بوابة العبور إلى الشام كما أنها تتميز بموقعها الاستراتيجي، نجح الجيش العثماني بقيادة “أحمد باشا الجزار” في هزيمة الجيش الفرنسي في مايو 1799م وانهاء الاحتلال الفرنسي لأراضي الدولة العثمانية، بينما ظل أحمد باشا الجزار حاكماً لمدن (صيدا – طرابلس –عكا) وأميراً للحج حتى وفاته عام 1804م.
لم تنتهي الاطماع في القدس بنهاية الحملة الفرنسية فالأعين تترقب سقوط الدولة العثمانية لانتزاع بلاد الشرق منها، وكانت هجرة اليهود والمسلمين المغاربة فرصة للقوى العظمى لتتدخل في في شؤون الدولة العثمانية بحجة حماية الأقليات، ويُذكر أن عدد سكان مدينة القدس عام 1845م وصل إلى 16410 نسمة، وبلغ عدد اليهود إلى 7120 نسمة بالإضافة إلى 5000 مسلم، 3390 مسيحي، 800 جندي تركي و100 أوروبي.